هل يمتلك رئيس مجلس النواب وحده حصرية الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية؟
يعاني لبنان منذ حوالى السنتين من عدم قدرة مجلس النواب على انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك تحت حجج واهية ومصالح سياسية تتعارض بين المكوّنات السياسية الحالية.
بيد أنّ الدستور نصّ صراحة تحت الباب الثالث منه على آلية واضحة لانتخاب الرئيس بحيث استدرك عدم الوقوع في الشغور، كما أنه لحظ أيضاً آلية لمعالجة الأزمة والحالات التي قد تطرأ فجأة والتي قد لا تكون محسوبة في حينه.
وعليه، فإن المادة 73 من الدستور ألزمت النواب بوجوب انتخاب رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، كما تحسّب المشترع لامتناع رئيس مجلس النواب عن الدعوة وأجاز للمجلس أن يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.
استناداً إلى ما تقدّم، يتجلّى أنه على رئيس المجلس الدعوة إلى جلسة انتخاب، وفي حال التقاعس يوجد آلية للعمل بموجبها من قبل النواب كي لا يكون المجلس والاستحقاق رهينة بيد رئيسه.
كما نقرأ أيضاً في المادة 49 من الدستور أن الجلسة هي جلسة واحدة بدورات متتالية، أي أن الدورة تبقى مفتوحة لحين الانتخاب ولا يجوز إطلاقاً إغلاق أو ختم محضر جلسة الانتخاب قبل إعلان اسم الرئيس، وأن تفسير الدستور وتأويله لهذه الناحية هو محض سياسي.
غير أنه يتبدّى أن ما يحصل في زمن المجلس الحالي هو تقاعس بعض مكوناته عن القيام بواجبهم لأسباب ولحسابات تخصّهم على الرغم من أنها أتت على حساب ديمومة المؤسسات الدستورية واستمرارية المرافق العامة.
وأدّى التنكيل بمفهوم المادة 73 من الدستور ومندرجاتها والمخالفات التي ارتكبت لا سيّما لناحية وجوب انتخاب الرئيس في ظل أحكامها ومندرجاتها حصراً، إلى اعتبار مجلس النواب منعقداً اليوم تحت أحكام المادة 74 معطوفة على المادة 75 والمادة 49 من الدستور.
وعلى الرغم من ذلك، فإن النواب يرتكبون خطيئة أخرى لا سيّما أن المادة 74 ألزمت النواب بالاجتماع فوراً وبحكم القانون أي أن المجلس يصبح في حال انعقاد حكمي لانتخاب رئيس في حال خلت سدّة الرئاسة لأي سبب ويتوجّب على رئيس المجلس الدعوة فوراً ومن دون إبطاء لجلسة انتخاب الرئيس على أن تكون جلسة واحدة وبدورات متتالية.
أبعد من ذلك، من المسلّم به أن الدستور يجب أن يفهم ويقرأ بشكل متكامل ولا يجوز تفسيره بالمعنى الذي يتلاءم ومصالح أي فئة سياسية في البلاد، لذلك ومع استمرار تمنع رئيس المجلس عن تعيين موعد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية دام أكثر من سنة وبضعة أشهر على آخر جلسة مخصصة للغاية المذكورة آنفاً، فإن المهلة المعقولة التي يستطيع من خلالها رئيس المجلس أن يمارس حقه بالدعوة إلى جلسة انتخاب قد سقطت حكماً وما عاد يمتلك بالتالي حصرية الدعوة إلى جلسة الانتخاب ما يفيد بأنه يحق للنواب أن يجتمعوا تلقائياً لانتخاب الرئيس لأن المجلس في حال انعقاد حكمي من جهة ولأن المشترع لو أراد حصر تلك الصلاحية برئيس المجلس لما أعطى الحق للنواب في الأيام العشرة الأخيرة بالمادة 73 من الاجتماع والالتئام لانتخاب رئيس من جهة أخرى.
بالخلاصة، إن الوضع الشاذ في البلاد أكان لناحية حرب لم تعلن من قبل مجلس الوزراء، أم لناحية تمنع رئيس مجلس النواب عن تعيين موعد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، أمر يشير إلى الاستخفاف بالدستور وضرب المصلحة العامة عن سابق تصوّر وتصميم وعدم الاكتراث بهواجس البلاد والعباد.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|