الصحافة

إيران ولبنان… في انتظار لحظة الحقيقة!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

جاء علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي إلى بيروت ليؤكّد أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” حاضرة في لبنان، بل حاضرة أكثر من أيّ وقت. قال لاريجاني الشيء وعكسه بربطه بين الحكومة اللبنانيّة والحزب كأنّهما طرف واحد. الأكيد أنّه لا يعرف شيئاً عن حقيقة شعور اللبنانيين تجاه دور إيران. أكثر من ذلك، يتحدّث عن تنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن كما لو أنّ هناك شروطاً إيرانيّة مطلوب تحقيقها كي يكون ذلك ممكناً.

يرفض لاريجاني الاعتراف بأنّ الحزب، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، دخل حرباً مع إسرائيل من دون استشارة الحكومة اللبنانية أو أيّ طرف لبناني. نفّذ الحزب، بكلّ بساطة، طلباً إيرانياً لفتح جبهة جنوب لبنان بهدف محدّد. يتمثّل الهدف في تمكين “الجمهوريّة الإسلاميّة” من القول لكلّ من يعنيه الأمر، بمن في ذلك الولايات المتحدة، إنّ لبنان ليس سوى مستعمرة إيرانيّة.

3 زيارات… ضدّ لبنان؟

منذ التصعيد الأخير لإسرائيل في أيلول الماضي الذي تمثّل في اغتيال كبار قادة الحزب، بمن في ذلك الأمين العامّ، جاء إلى بيروت ثلاثة مبعوثين إيرانيين:

– جاء أوّلاً وزير الخارجية عباس عراقتشي ليؤكّد أنّ إيران تعمل من أجل وقف النار في لبنان، لكن وفق شروط غير شروط الحكومة اللبنانية التي تنادي بوقف النار في أسرع وقت، البارحة قبل اليوم واليوم قبل غد… بما يتّفق مع ورقة أميركيّة – فرنسية وحتّى أوروبية وعربيّة. فهمت طهران أنّ الموقف الذي يجمع بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه برّي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط يعني أيضاً الاستعجال في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. هناك فراغ رئاسي منذ نهاية عهد ميشال عون – جبران باسيل في 31 تشرين الأول 2022.

– كان ذلك وراء إرسال طهران مبعوثاً آخر، أقلّ دبلوماسية، هو محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى (مجلس النواب) الضابط في “الحرس الثوري” مع رسالة من “المرشد” إلى نبيه برّي. فحوى الرسالة أنّ إيران هي الطرف الذي يقرّر هل مسموح انتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة… من منطلق أنّ هذه ورقة بيد “الجمهوريّة الإسلامية”. صار موقع رئاسة الجمهورية اللبنانيّة، من وجهة نظر طهران، ملكاً لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” منذ فرضت الثنائي عون – باسيل على اللبنانيين في آخر تشرين الأول 2016.

– جاء لاريجاني هذه المرّة ليقول لكلّ لبناني ولكلّ طرف مهتمّ بما يدور في لبنان إنّ إيران هي الطرف الذي يفاوض باسم لبنان. يأتي ذلك تماشياً مع ما كان طرحه قاليباف قبل فترة قصيرة. أبدى رئيس مجلس الشورى الإيراني، بعيد زيارته لبيروت، استعداد بلاده للتفاوض مع فرنسا، باسم لبنان، في شأن تنفيذ القرار 1701. كان قاليباف صريحاً من جهة أنّ لبنان ورقة لبنانية، بل رهينة إيرانيّة.

إيران ترفض الاعتراف…

باختصار شديد، نحن أمام إيران التي ترفض الاعتراف بأن لا خيار أمام لبنان غير تنفيذ القرار 1701 من دون أخذ وردّ واعتبارات مضحكة من نوع التمسّك بالسيادة. لو كانت هناك سيادة لبنانيّة، لكان الحزب التزم القرار 1701 منذ صدوره في آب 2006… ولما كانت إسرائيل تذرّعت بعجز لبنان عن تطبيق القرار كي تخرقه يوميّاً عبر طلعات جوّيّة.

في الفقرة الثامنة منه، “يدعو (القرار 1701) إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ طويل الأجل استناداً إلى المبادئ والعناصر الآتية:

–  الاحترام التامّ للخطّ الأزرق من جانب كلا الطرفين.

–  اتّخاذ ترتيبات أمنيّة لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخطّ الأزرق ونهر الليطاني خالية من أيّ أفراد مسلّحين أو معدّات أو أسلحة بخلاف ما يخصّ حكومة لبنان وقوّة الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان (…).

–  التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006) التي تطالب بنزع سلاح كلّ الجماعات المسلّحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أيّ أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخصّ الدولة اللبنانية، عملاً بما قرّره مجلس الوزراء اللبناني (في اجتماعه) المؤرّخ في 27 تموز 2006.

–  منع وجود قوّات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته.

–  منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدّات ذات الصلة إلى لبنان عدا ما تأذن به حكومته.”

يبدو القرار 1701 واضحاً كلّ الوضوح، خصوصاً لجهة إنشاء منطقة العمليّات التي لا وجود فيها لسلاح الحزب من جهة، وأنّ القرار 1559 جزء لا يتجزّأ منه من جهة أخرى. من هنا، ذلك الخوف الذي يبديه الحزب من أيّ تعديل للقرار يؤدّي إلى ولادة ضمانات تفرض رقابة جدّية وشديدة على جنوب لبنان والمنطقة الممتدّة بين “الخطّ الأزرق” ونهر الليطاني.

إيران خائفة من “الخروج”؟

في الواقع، الخوف الحقيقي خوف إيراني من أيّ اتفاق في أساسه القرار 1701 لا تكون “الجمهوريّة الإسلاميّة” شريكاً فيه. يفسّر هذا الخوف الإصرار الإيراني على إرسال المبعوث تلو الآخر إلى بيروت من جهة، وتولّي أمور الحزب بشكل مباشر عن طريق ضبّاط في “الحرس الثوري” ومسؤولين إيرانيين موجودين في العاصمة اللبنانيّة من جهة أخرى.

سيترتّب على إيران، في ضوء الكارثة التي حلّت بلبنان وبـالحزب تحديداً، إعادة النظر بوجودها في البلد الذي استثمرت فيه مليارات الدولارات منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي. سيفرض حجم الكارثة اللبنانية على “الجمهوريّة الإسلاميّة” التراجع والانكفاء أكثر فأكثر إلى العراق الذي ستحوّله إلى خطّ الدفاع الأوّل عن نظام الملالي. من الآن، يمكن القول إنّه ليس أمام إيران، في انتظار لحظة الحقيقة وانكشاف أنّها مرفوضة من أكثرية لبنانيّة تؤمن بالعمق العربي للبلد، سوى السعي إلى كسب الوقت والبناء على وهم استعادة جنوب لبنان. تفعل ذلك عن طريق مبعوثين كان آخرهم علي لاريجاني!

خير الله خير الله-اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا