إسرائيل اخترقت شبكة الاتّصالات اللبنانيّة… والأرقام لا تُنتقى عشوائياً
احذروا هزيمة حزب الله لا انتصاره
"ليبانون ديبايت" - وليد خوري
رأت مصادر دبلوماسية غربية أن المشهد اللبناني الداخلي يبدو في بعض أجزائه مهللًا لأي هزيمة محتملة لحزب الله، وكأن سقوطه سيشكل حلاً يزيل عن البلاد عبئًا ثقيلاً. إلا أن هذه المصادر حذّرت، بناءً على تجارب سابقة، من أن إسقاط حركات منظمة مثل حزب الله قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة تتجاوز في أضرارها تلك التي يشكلها وجوده.
التجارب التاريخية تقدم شواهد واضحة على هذه المخاوف. فعلى سبيل المثال، أدى إسقاط نظام صدام حسين في العراق، والذي اعتبره كثيرون انتصارًا على نظام ديكتاتوري، إلى خلق فراغ أمني وسياسي خطير. هذا الفراغ أفسح المجال لنشوء تنظيم "داعش" بقيادة الزرقاوي ومن ثم البغدادي، مما أطلق موجة عنف دموية وانقسامات طائفية عميقة لا تزال آثارها ملموسة حتى اليوم.
في لبنان، تشير المصادر إلى أن سقوط حزب الله قد يؤدي إلى سيناريو مشابه. غياب الحزب سيخلق فراغًا أمنيًا وسياسيًا داخل البلاد، وقد يظهر مكانه قوى جديدة غير منظمة وأكثر تطرفًا، ما قد يؤدي إلى حالة من الفوضى. فبالرغم من الانتقادات الكثيرة الموجهة إليه، يظل حزب الله قوة منظمة ذات بنى عسكرية وسياسية متماسكة، ومع غيابه سيواجه لبنان تحديات كبرى في حفظ استقراره الداخلي.
هذا الواقع ينذر بتحديات أمنية معقدة، إذ أن الدولة اللبنانية قد لا تتمكن من ملء الفراغ الناتج عن غياب الحزب. الجماعات المسلحة الصغيرة التي قد تظهر في هذه الظروف لن تكون تحت سيطرة الدولة، مما يفتح الباب أمام انتشار الفوضى والسلاح. علاوة على ذلك، فإن غياب حزب الله سيترك الطائفة الشيعية في حالة فراغ سياسي قد تدفعها للبحث عن خيارات بديلة قد تكون أكثر تطرفًا، مما يزيد من تعقيد المشهد اللبناني.
لا يقتصر تأثير سقوط حزب الله على لبنان فقط، بل يمتد إلى الساحة الإقليمية. فالحزب جزء من شبكة إقليمية تضم إيران وحلفاءها في العراق وسوريا واليمن. غياب الحزب قد يدفع إيران إلى تكثيف استراتيجياتها العدوانية لتعويض الخسارة، مما يزيد من تعقيد التوازن الإقليمي.
إضافة إلى التداعيات الأمنية، فإن سقوط حزب الله سيترك أثرًا اجتماعيًا واقتصاديًا كبيرًا على المناطق التي يسيطر عليها، حيث يوفر الحزب خدمات أساسية لقاعدته الشعبية. غياب هذه الخدمات قد يؤدي إلى انهيار البنية الاجتماعية في هذه المناطق وزيادة معدلات الفقر والبطالة، مما يمهد الطريق لظهور جماعات أكثر تطرفًا.
أمام هذا السيناريو، تطرح المصادر تساؤلات حول قدرة القوى الدولية على ضمان استقرار لبنان في حال غياب حزب الله. هل ستتمكن هذه القوى من إدارة الوضع بشكل يضمن توازنًا داخليًا، أم أن تدخلها سيحوّل لبنان إلى ساحة جديدة للصراعات بين القوى الكبرى؟
من دون معالجة الأسباب العميقة التي أدت إلى نشوء حزب الله، لن يكون سقوطه حلاً كافيًا. المطلوب إصلاح جذري للنظام السياسي اللبناني، وإيجاد صيغة تضمن شراكة جميع الأطراف في إدارة البلاد بعيدًا عن منطق السلاح كوسيلة لتحقيق النفوذ السياسي.
الضغط لإضعاف حزب الله يجب أن يترافق مع مبادرات حوار حقيقية تشمل كافة الأطراف اللبنانية. أي خطة لإضعاف الحزب دون تقديم بدائل واضحة وواقعية ستكون مغامرة محفوفة بالمخاطر. لتحقيق استقرار حقيقي، يجب أن تشمل الحلول رؤية شاملة لإعادة بناء المجتمع اللبناني بكافة مكوناته.
يمكن استلهام العبر من تجارب دولية ناجحة مثل تجربة كولومبيا مع "فارك"، حيث تم دمج المقاتلين السابقين في المجتمع ضمن عملية سلام شاملة تضمنت إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية. هذه التجربة تؤكد أن تحقيق السلام يتطلب حلولاً متكاملة تعالج جذور المشكلة بدلاً من الاكتفاء بعلاج الأعراض.
في الختام، ترى هذه المصادر أن أي محاولة لإضعاف حزب الله دون خطة واضحة لإدارة المرحلة المقبلة ستكون مقامرة محفوفة بالمخاطر. مثل هذا النهج قد يجر لبنان إلى مزيد من الفوضى والتطرف، مما يجعل الحلول أكثر تعقيدًا وأقل نجاحًا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|