"لن تُنشر... "الرسالة الأميركية" المرتبطة بالهدنة في لبنان ستبقى سرية!
نجاة حزب الله من أكبر مخطط لتفكيكه
عندما بدأت هذه الحرب قبل أكثر من شهرين رُفع شعار ضرب وتدمير وسحق “حزب الله”، إجباره على تسليم سلاحه بالقوة بشكلٍ متزامن مع طرده من جنوب الليطاني، مصحوباً بتفكيك ترسانته، الخفيف منها والثقيل، تهجير ناسه وأهله ونثرهم في أصقاع الأرض، ولما لا طرده من كل جنوب لبنان وصولاً إلى شمال نهر الأولي!
فوراً بدأت حملة "يوم الآخرة". تم تفجير أجهزة الـ"بايجر"، وفي اليوم التالي الأجهزة اللاسلكية. اغتيل قادة الوحدات العسكرية الأساسية. قتل قادة "الرضوان" جماعياً. قتل قادة الوحدات الصاروخية والإستخباراتية. اغتيل قائد الحزب وأمينه العام، ومن ثم خليفته ومن تبقى من المجلس الجهادي. ما كان مقدراً، أن ينهار الحزب في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من تاريخ حصول الهجوم على أبعد تقدير، بما يدفع لتفكّك جسم الحزب العسكري على غرار ما حصل مع "جيش لحد" عام 2000. من يموت يموت ومن يقتل يقتل ومن يفرّ ينجو بنفسه.
إزاء ذلك، تحمّس البعض في الداخل. بلغت به النشوة حد اعتبار أن الحزب "انتهى"، سياسياً وعسكرياً، وتصرّف على هذا الأساس وذهب بعيداً من خلفية الإنتقام السياسي. أنشد تغييراً وتعديلاً في التوازن الداخلي على ظهر الدبابة الإسرائيلية، ورسم التركيبة النهائية للدولة المقبلة من خارج وجود الشيعة ضمنها، وبلغت به أحلام اليقظة السياسية حد إعلان نيته منع نوابهم الـ27 من المشاركة في اختيار وانتخاب رئيس للجمهورية.
بعد أكثر من ٦٠ يوماً، وبعد كل ما جرى، من قتل وقتال ودمار وتشريد، فشل العدو الإسرائيلي في إنهاء الحزب أو إلغائه من الوجود، من تدميره، ومن دفعه بالقوة إلى تسليم سلاحه وتفكيك ترسانته وجسمه. وفشل فشلاً ذريعاً في إبعاد "حزب الله" (وقوة الرضوان تحديداً) عن الحدود باتجاه جنوب الليطاني بالضغط العسكري. والحزب بقيَ حتى اللحظات الأخيرة موجوداً في جنوب الليطاني. صمد وقاتل في الخيام ولم يسمح بسقوطها، منع العدو من تحقيق صورة نصر بحث عنها طويلاً في بنت جبيل، واستمر في القتال بقوة في البياضة وطيرحرفا وشمع، وقام بإطلاق الصواريخ والمسيرات، وها هم أهل وناس المقاومة يستعدون للعودة إلى الجنوب بعد سويعات.
بعد أكثر من ٦٠ يوماً أيقن العدو أن الحزب هو من قرر الخروج الآن (وليس بالأمس)، من جنوب الليطاني نحو شماله، بالإتفاق السياسي غير المباشر وليس بالقوة العسكرية، وإن العدو لم يفلح في زيادة حرف على القرار 1701 ولم يُعد المستوطنين إلى الشمال، وأيقن أنه من تنازل وتراجع وبدّل في خطابه وخططه وليس الحزب.
بعد أكثر من ٦٠ يوماً لم ينتهِ "حزب الله"، لا سياسياً ولا عسكرياً. يتحضر للمشاركة بفعالية في ورشة إعادة إعمار ما تدمّر، وسينخرط في ورشة إعادة الإعمار السياسية وسيكون جزءاً من صناعة القرار. بكل بساطة وبكل صراحة، من راهن على سقوط الحزب هو من سقط، إنسانياً ووطنياً وأخلاقياً، وسقط مشروعاتياً أيضاً، وها هو الحزب، يتربّع كالملك على أكتاف خصومه!
مع ذلك لم تنتهِ الحرب بعد. إنها جولة مضت وانتهت، ومن المرتقب أن تعاود الحرب بأشكالٍ عدة. إن لم يبدأها الإسرائيلي مرة أخرى، بعد ٦٠ يوماً وهو موعد انتهاء الهدنة متذرعاً بخرق الإتفاق من هنا أو هناك، سيتكفل ببدئها بعض الخصوم في الداخل، ليس عسكرياً بل سياسياً. ستشنّ حملة كبيرة على الحزب وضد سلاحه وضد بيئته. سوف نسمع كلاماً كبيراً على شكل "لقد هزمتم"، "لقد دمرتم لبنان"، "أنتم تتحملون مسؤولية ما حصل وعليكم دفع الثمن". قد يندفع البعض منهم صوب الإنتقام، ببساطة لعلمه المسبق أن ما راهن على حصوله على ظهر تدمير الحزب لم يحصل. سوف تتحكم العواطف والضغائن بكل شيء تقريباً. سوف تشن حرب سياسية كبيرة على الحزب. سوف يقوم من راهن سلفاً على سقوط الحزب عسكرياً، بمحاولة إسقاطه سياسياً، ومحاولة جرّه إلى اشتباك داخلي كبير، ببساطة لأنه لم يقتنع بالنتائج، ولم يقتنع، مثلاً، بأن الحرب التي جرت وكل الدمار والقصف والغارات والقتل، لم تُغيّر أو تعدل في الخريطة السياسية الداخلية اللبنانية أو في ميزان القوى شيئاً، ولم يضرب فكرة وجود الحزب كمقاومة، رغم الضربة العسكرية الكبيرة التي تلقاها.
الآن وأيضاً، لم تنتهِ هذه الحرب بعد. ما جرى التوصل إليه عبارة عن هدنة مدتها 60 يوماً. ليست وقفاً لإطلاق النار حتى. العدو يؤكد ويكرر بأنه سوف يتصرّف خلال مرحلة تطبيق الهدنة، وسيتحرك إن وجد تهديداً ما أو عدم التزام معين. كذلك سوف تفعل المقاومة على أي حال، وإن تجرأ العدو، ستعاود التحرك مرة أخرى.
في الإتفاق ونقاطه
طبقاً للمعلومات، خاض المفاوض اللبناني جهداً كبيراً وقاتل بشراسة من أجل تثبيت بعض النقاط وفي سبيل تعديل أخرى ضمن الصيغة الأخيرة من اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك أثناء وجود المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين في بيروت.
تذكر المصادر أن لبنان طرح إدخال روسيا والصين وقطر في مقابل طرح العدو إشراك بريطانيا وألمانيا والأردن في اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة تنفيذ الإتفاق (أتفق في النهاية أن تضم الولايات المتحدة فرنسا والأمم المتحدة إلى جانب لبنان وإسرائيل). كما أن لبنان نجح في إدخال تعديلات مهمة على مسودة الإتفاق، كطلبه الإشارة إلى منطقة "جنوب الليطاني" بالإسم وليس جنوب لبنان، ورفض إدخال مسألة السلاح الفلسطيني ضمن الصيغة المطروحة، وفرض أن تكون مرجعية الإتفاق القرار 1701 وليس الإتفاق بحد ذاته، وحصر عمل اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة الإتفاق، بقضية الإشراف وليس إمرة الدولة أو المؤسسة العسكرية.
لكن مع ذلك، تبقى مجموعة قضايا لا بدّ من فتح النقاش حولها:
- من يضمن عدم معاودة العدو بعد انقضاء فترة الهدنة أو بعد إنجاز "حزب الله" تراجعه إلى جنوب الليطاني حربه على لبنان؟
- ما هي آلية تنفيذ انسحابه إلى خارج الأراضي اللبنانية في غضون ٦٠ يوماً؟
- ما هي آلية انتشار الجيش اللبناني؟
- كيف سيتم تحديد نقاط الإنتشار، وهل من علاقة للعدو فيه؟ (سبق أن اشترط أنه يريد الإشراف على انتشار الجيش)
- حول اللجنة الخماسية المشرفة على حسن سير تطبيق الإتفاق، هل مهمتها محصورة في إبلاغ الجانب اللبناني عن حصول خرق أو تهديد للإتفاق، على أن يقوم الجيش اللبناني بالتحرك للتأكد أو لإزالة الخرق، وكيف سيكون الوضع أو الآلية في حال تمت ملاحظة قيام العدو بخرقٍ ما داخل الأراضي المحتلة؟
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|