"البيئة الحاضنة" بعد الحرب… "القلة تولّد النقار والانهيار"
عادت البيئة الحاضنة إلى بلداتها ومدنها المدمرة، وتشير المعطيات على الأرض إلى أن كل الحديث عن تماسك “حزب الله” غير دقيق. وتثبت الأحداث أن الكلام عن بنية “الحزب” الحديدية ليست سوى بروباغندا لتخويف الداخل، بينما ضربت إسرائيل قسماً كبيراً من بنيته المالية والاقتصادية والاجتماعية ومؤسساته.
تُطرح على بساط البحث وضعية البيئة الحاضنة لـ “حزب الله”، وتالياً “الثنائي الشيعي” في مرحلة ما بعد الحرب في حال استمرار وقف إطلاق النار. خسر “حزب الله” أمينه العام السيد حسن نصرالله والرجل الثاني السيد هاشم صفي الدين، وتمّ اغتيال معظم قيادته، وفقد الجزء الأكبر من عنصر التأثير على الأرض. وباعتراف معظم القيادات اللبنانية لم يعد هناك مُحاور من “الحزب” في لبنان وبات قراره في إيران.
بعد تدمير القسم الأكبر من قدرات “حزب الله” وأصبح في وضعية المحاصر مالياً وسياسياً، لن تكون الانتصارات الوهمية كافية لجمع “البيئة الحاضنة”، والمشهد سيظهر في المرحلة المقبلة.
أولى بوادر الأزمة ستصيب الجسم العسكري بعد استهداف مصادر التمويل، وهذا الأمر سينعكس سلباً على الوحدات القتالية، إذا بقيت، حيث ستصبح من دون رواتب أو برواتب متدنية. وستضرب الأزمة مجتمع “الحزب”، والذي سيفتقد إلى نظام حماية صحية واجتماعية، وبالتالي سيخسر “حزب الله” إحدى نقاط قوته. فهو لا يستطيع الاعتماد على دولة “مفلسة” لتلبية حاجاته الصحية والاجتماعية.
ولن تقف الأزمة عند الحدّ الاجتماعي، بل ستصل إلى البنية السياسية، بوجود “حزب الله” كانت هناك قوّة تمسك الشارع، وإذا كانت قيادة “الحزب” لا تستطيع السيطرة على أي مجموعة أو شخصية متمرّدة، كانت تستخدم سطوتها على الدولة. وبغياب سطوة “الحزب” سيتوزّع المشهد ضمن البيئة الحاضنة على الأرض بين عشائر كانت مقربة من “الحزب” في البقاع حيث ستحاول إمساك شارعها، ومجموعات مقاتلة تحافظ على بعض ترابطها، وزعامات أو بيوت سياسية كانت تحت عباءة “الثنائي الشيعي” ستعمل لإظهار حجمها في الشارع الشيعي.
وأمام شحّ الموارد وعدم قدرة إمساك أي قيادي بالبيئة الحاضنة، قد يتحرّك تجار المخدرات الذين كانوا ضمن شبكة التمويل الخاصة بـ “حزب الله” كي يعملوا باستقلالية، ومحاولين الظهور على الساحة نظراً لامتلاكهم قوة المال.
هذه العوامل ينتج عنها إحتمال كبير للتنافس الداخلي على المال والنفوذ والقيادة، بخاصة إذا خضعت إيران للضغط الأميركي للتنازل عن دعم أذرعها في المنطقة تحت عنوان برنامج السلام الذي وضعه الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
لا يقف تطويق “حزب الله” عند حدود الحرب وقطع الموارد من إيران، بل يضاف إليه ابتعاد سوري عن “الحزب”، وهذا الابتعاد يتمثل بالتصرفات الأخيرة التي تمثلت بقطع طريق الإمداد عبر سوريا، خصوصاً أن النظام السوري يطمح إلى مكاسب في المستقبل القريب ويمكن الحصول عليها بالوقوف بعيداً عن النظام الإيراني، كما وقف سابقاً بعيداً عن الرئيس صدام حسين.
شكّلت سوريا مدى حيوياً لتحرّك “حزب الله”، وكانت خط إمداده بالسلاح الإيراني. والأهم كان “الحزب” يدير شبكات تهريب عبر الحدود اللبنانية – السورية ويؤمّن موارد مالية كبيرة. وبعد إقفال هذا الخطّ ستعاني البيئة الحاضنة من شحّ لا مثيل له. وقد سمّى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس بشار الأسد بالاسم وهدّده في حال أعاد مدّ “حزب الله” بالسلاح وفتح الخطوط أمامه.
كل هذه التغيرات، تجعل من “جبنة” بيئة “حزب الله” والشيعة أصغر، و”القلة تولّد النقار”، وقد تحصل صدامات على الأرض بين ما تبقى من مجموعات حزبية مسلحة، وربما يحصل الصدام بين هذه المجموعة ومجموعات أخرى من حركة “أمل”، أو قد يتحوّل الجهاز العسكري لـ “الحزب” إلى ما يشبه قادة محاور متصارعة في حال لم تفرض الدولة سلطتها وتجمع السلاح غير الشرعي.
آلان سركيس - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|