بيزنس صناع المحتوى الرقمي: رحلة نصف تريليون دولار من العالم الافتراضي إلى الواقع
في العقد الأخير تحول العديد من صانعي المحتوى أو كما يفضل البعض تسميتهم "المؤثّرين" إلى مشاهير ليس على منصات التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وإكس وإنستغرام ويوتيوب فحسب، بل امتدت شهرتهم إلى شاشات التلفزيون والسينما أيضاً، ولا عجب في ذلك في ظل نجاح الجيل زد (Z Gen) من الشباب الطموح في رسم مستقبلهم، رغم ما مروا به من تداعيات جائحة كوفيد-19. وبفضل جهودهم تحولت صناعة المحتوى الرقمي من هواية إلى صناعة وبيزنس بمليارات الدولارات، ولم يقتصر الأمر على الأرباح التي تولّدها سوق صناعة المحتوى الرقمي عالمياً، بل في 22 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي جرى إطلاق أول جامعة في إيرلندا تمنح شهادة البكالوريوس في صناعة المحتوى، فهي تساعد المؤثّرين على تحويل وجودهم على الإنترنت إلى مصادر دخل، فكم يقدر حجم سوق صناعة المحتوى عالمياً، وكم يجني صناع المحتوى من منصات التواصل الاجتماعي؟
كم تقدر قيمة سوق صناعة المحتوى الرقمي؟
أظهرت بيانات تداولها مسؤولون إماراتيون في النسخة الثانية من قمة المليار متابع التي انطلقت في 10 كانون الثاني (يناير) 2024، أن نحو 50 مليون شخص ينتجون محتوىً رقمياً في العالم لما يقارب 4.2 مليارات مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي، ليصل بذلك حجم سوق صناعة المحتوى الرقمي إلى 250 مليار دولار في 2023، وسط توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى 500 مليار دولار في الأعوام القليلة المقبلة، بحسب تصريحات سعيد العطر، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات.
ووجه رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات رسالة إلى الحاضرين في قمة المليار متابع، قائلاً: "أنتم لستم صنّاع محتوى، أنتم صنّاع حياة... صنّاع تغيير... صنّاع مجتمعات؛ فالمحتوى الجاد يخرّج أجيالاً جادة، والمحتوى الثقافي سيخرّج فنانين مبدعين، والمحتوى العلمي يخرّج علماء ومفكرين، والمحتوى الاقتصادي الجيّد سيخرّج تجاراً ورجال أعمال، ويعزّز الازدهار والاستقرار في المجتمعات. وكذلك فإن المحتوى السيئ يمكن أن يفكّك الأسر، ويهدّد استقرار المجتمعات والأوطان، لذلك فإننا هنا اليوم لنتعلم، ولنبني شراكات وعلاقات جديدة لإنتاج محتوى نافع، وإحداث تغيير إيجابي، ولتغيير نوعية المحتوى الذي نضعه على وسائل التواصل الاجتماعي، وتذكروا أن صناعة المحتوى رسالة، ونحن هنا لصناعة رسالة أفضل وغد أجمل".
وتشير بيانات مؤسسة (Market Research Future) لأبحاث السوق إلى بلوغ سوق المحتوى الرقمي مستوى 173.2 مليار دولار نهاية عام 2023، وتتوقع أن يصل إلى 282.3 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركّب 6.30 في المئة.
وقدّرت شركة (Fortune Business Insights) الهندية لأبحاث السوق حجم سوق منصات التسويق المعتمدة على المؤثّرين (هي منصات تعمل وسيطاً بين العلامة التجارية وصانع المحتوى الذي يروّج لمنتجات أو خدمات الشركة) عالمياً بقيمة 15 مليار دولار في خلال عام 2022، و17.4 مليار دولار نهاية عام 2023، وتوقعت أن يصل إلى 51.7 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركّب بنسبة 16.8 في المئة من 2023 إلى 2030.
كم يجني صناع المحتوى من منصات التواصل الاجتماعي؟
يزور منصة فايسبوك الشهيرة 3.88 مليارات مستخدم شهرياً، وتتطلب سياسة تحقيق الربح في فايسبوك ألف مشاهدة على الأقل لبدء كسب المال من مقطع فيديو، وفي مقابل ألف مشاهدة، يدفع فايسبوك ما بين 8.75 و10 دولارات، ويضمن هذا الحد الأدنى تحقيق الدخل من المحتوى الذي يجذب جمهوراً كبيراً فقط.
وتستقبل منصة يوتيوب لعرض الفيديوهات نحو 106 مليارات زيارة سنوية، ولديها 2.5 مليار مستخدم نشط شهرياً، ولا يدفع يوتيوب على عدد مشاهدات الفيديوهات، وإنما تقتصر الأرباح على عدد مشاهدات الإعلانات المرفقة بالفيديو الأصلي، وتأتي سواء قبل الفيديو أو وسطه أو في ختامه، كما يدفع مكافآت على البث المباشر ويسمح بتسجيل المتابعين في قناة صانع المحتوى كمشتركين للحصول على فيديوهات حصرية في مقابل اشتراك شهري، ويسمح أيضاً بميزات مثل سوبر شات (Super Chat) التي تسمح للجمهور بعرض رسائلهم أثناء البث المباشر بشكل مميّز، في مقابل من 1 إلى 500 دولار، وسوبر ستيكرز (Super Stickers)، وسوبر ثانكس (Super Thanks) وكلاهما يسمح بعرض ملصقات مميّزة في صندوق التعليقات أثناء عرض البث المباشر.
ويدفع يوتيوب عن كل ألف مشاهدة للإعلانات المرفقة بالفيديو الخاص بصانع المحتوى ما بين دولارين اثنين و12 دولاراً، وقد ترتفع قيمة الأرباح في حالة منافسة المعلنين على عرض إعلاناتهم في القناة. هنا قد يراوح الربح بين 4 دولارات و24 دولاراً.
ويزور موقع انستغرام لتداول الصور والفيديوهات القصيرة نحو مليارين زائر شهرياً بحسب آخر إحصائية صادرة عن منصة سبراوت سوشيال (Sprout Social) لأبحاث مواقع التواصل الاجتماعي وبياناتها، ويمنح انستغرام أجراً على عدد المشاهدات وزيارات الحساب الشخصي، بحيث يربح صانعي المحتوى عبر انستغرام متوسط أجر 3 آلاف دولار شهرياً، فمن يمتلك حساب عدد متابعيه بين ألف و10 آلاف متابع يحصل على نحو 1.4 ألف دولار شهرياً في المتوسط، ومن لديه أكثر من مليون متابع نحو 15.4 ألف دولار شهرياً، وفق استطلاع أعدّته منصة (Hype Auditor) الهندية لحلول التسويق الإلكتروني لصانعي المحتوى.
وفي ما يتعلق بتطبيق شركة تيك توك (TikTok) التابعة لشركة بايت دانس (ByteDance) الصينية التي تتجاوز قيمتها 200 مليار دولار، وتصنّف منصة الفيديوهات القصيرة الأشهر في العالم، وصل عدد مستخدمي التطبيق الصيني الشهير إلى 1.7 مليار مستخدم عالمي نهاية عام 2023، وفي عام 2024 زار تيك توك أكثر من 1.5 مليار مستخدم نشط شهرياً، بحسب منصة ترايدينس تكنولوجي (Tridens Technology) للإحصاءات والبيانات.
وتعتمد أرباح صانعي المحتوى على تيك توك بشكل مباشر على عدد متابعيهم. ويمكن تقسيم الأرباح إلى النطاقات الآتية:
المبتدئون (1-10 آلاف متابع): يراوح متوسط الأرباح بين 5 دولارات و25 دولاراً للمنشور.
المتوسطون (10-50 ألف متابع): يمكن تحقيق أرباح تراوح بين 25 و125 دولاراً للمنشور.
المؤثّرون (50-500 ألف متابع): يراوح متوسط الأرباح بين 125 و1250 دولاراً للمنشور.
المؤثّرون الكبار (500 ألف - مليون متابع): يمكن تحقيق أرباح تراوح بين 1250 دولاراً و2500 دولار للمنشور.
ملوك الـ"تيك توك" (أكثر من مليون متابع): يحقّقون أرباحاً تفوق 2500 دولار للمنشور.
كريم حمادي - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|