عربي ودولي

"حسابات معقدة" تربك إدارة بايدن في التعاطي مع الجولاني

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قالت مصادر  مطلعة في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لـ "إرم نيوز" إن نقاشا يدور داخل أروقة الإدارة الأمريكية حول كيفية التعاطي مع الواقع السياسي الجديد في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وأوضحت المصادر أن إدارة بايدن التي تمضي أسابيعها الأخيرة في البيت الأبيض تسعى إلى حسم هذه المسألة وتدرس رفع قائد هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني من لوائح الإرهاب، في خطوة للتعامل مع ما أفرزه سقوط الأسد واستنادا إلى التغيرات والمراجعات التي أجراها الجولاني في الفترة الأخيرة، وفق قولها.

ووفق المصادر فإن البديل الذي يتصدر المشهد حاليا في العاصمة السورية يشكل تحديا حقيقيا لإدارة بايدن قبل مغادرتها في 20 يناير المقبل، حيث يتصدر المشهد السوري الجديد رجل تضعه الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب وهو، ما يضع إدارة الرئيس الأمريكي أمام هامش ضيق من الوقت لمناقشة الخيارات الصعبة والحسابات المعقدة من أجل التعامل مع المشهد السوري الجديد.

ومنذ سنوات عدة تنظر الولايات المتحدة إلى سجل الجولاني السابق بالانضمام إلى تنظيمات إرهابية جميعها على اللائحة الأمريكية، منها داعش في العراق والقاعدة لاحقا وانتهاء بنصرة الشام.

هذا السجل يجعل من خيارات التعامل مع  الوجه الجديد في دمشق يحتاج إلى حسابات معقدة. فمن جانب يقول الجولاني ومدافعون عنه إنه غير من أفكاره عبر هذا المسار الممتد والمتنوع.

كما فك البيعة التي أعلنها تنظيم القاعدة حينها وأيمن الظواهري وقدم نفسه بنسخة معتدلة مختلفة تماما خلال فترة إدارة المعارضة السورية لمدينة إدلب المحررة من سيطرة النظام السوري لأكثر من عقد من الزمن. 

 هذه التغييرات التي يقدمها الجولاني على مستوى الخطاب والأفكار والممارسات إضافة إلى طبيعة الدور الجديد الذي يقوم به في سوريا الجديدة جعلت من تفكير فريق بايدن جديًا في البحث في خيار رفع اسم الجولاني من لوائح الإرهاب. 

ويقول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن تطورات المشهد السوري، إن "ما صدر عن الفصائل السورية من تصريحات أمر جيد ومرحب به من قبل واشنطن، لكن ذلك لا يزال غير كاف لأن قيمة الأقوال تؤكدها أو تنفيها طبيعة الممارسات على الأرض".

 انفتاح إدارة بايدن على هذا الخيار وفي هذا التوقيت المبكر جدا من عمر التحولات في سوريا مؤشر إيجابي على وجود استعداد لدى هذه الإدارة للتحرك في الاتجاه الآخر؛ مراعاة للتحول التاريخي في سوريا ومساهمة أمريكية في الدفع بالتغيير في دمشق إلى الأمام. 

ويقول المسؤولون العسكريون في "البنتاغون"، إن الضربات الجوية التي شنتها القوات الأمريكية ضد تنظيم داعش في الساعات الأولى التي أعقبت إسقاط نظام الأسد كانت رسالة مزدوجة وفي اتجاهين.

 الأولى أنها رسالة أمريكية واضحة للتنظيم وبقية التنظيمات الإرهابية الأخرى ومؤيديهم أن الولايات المتحدة وبالشراكة مع الأكراد وبقية أعضاء التحالف الدولي لمحاربة داعش لن تتسامح مع أية محاولة من جانب التنظيم لاستغلال الوضع الجديد في سوريا.

وتفيد الرسالة بأن الهدف الأمريكي الاستراتيجي لا يزال قائما وهو لن يتغير بتغير الوجه السياسي لدمشق ولذلك اختارت هذه الإدارة توجيه واحدة من أعنف الضربات لهذا التنظيم منذ إسقاطه خلال الولاية الأولى للرئيس المنتخب دونالد ترامب بتنفيذ أكثر من خمسين هجوم على مواقع وعناصر التنظيم في يوم واحد.

 أما الرسالة الثانية فإنها تظهر جدية الولايات المتحدة في إظهار الدعم العملي  للتحول الجديد في دمشق من خلال تأمين مضي العملية السياسية الجديدة في البلاد وعدم السماح للتنظيمات المتطرفة بالتشويش على المسار الجديد الذي يطمح لتحقيقه السوريون. 

على الجانب الآخر لم تكتف إدارة بايدن بهذه الخطوات العسكرية على الأرض بل أطلقت حملة دبلوماسية واسعة مع شركائها الإقليميين في الساعات الماضية عبر الاتصال بقادة الجوار السوري، وفي مقدمتهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إضافة إلى سلسلة مشاورات لاحقة كان مسؤولو البيت الأبيض قد أعلنوا أن بايدن بصدد إطلاقها.

 ويشار كذلك إلى قرار إرسال مستشاره للأمن القومي جاك سوليفان للمنطقة ولقاءاته المنتظرة مع المسؤولين الإسرائيليين لمناقشة تطورات اتفاق محتمل في غزة بشأن الرهائن وكذلك تطورات الوضع في سوريا. 

المتفائلون بهذه التحولات في مواقف بايدن يقولون إن الرئيس المنتهية ولايته كانت له تجربة في هذا السياق وذلك عندما اختار في مطلع ولايته قبل أربع سنوات رفع جماعة الحوثيين اليمنية من لائحة الإرهاب عندما كان يسعى إلى إطلاق عملية سياسية في صنعاء والتوصل إلى وقف لإطلاق النار هناك لكن التطورات على الأرض دفعت ببايدن إلى إعادة التنظيم مرة أخرى إلى اللائحة مجددا في يناير من العام الحالي. 

يقول مسؤولون في إدارة بايدن إن هذا النوع من الإجراءات القانونية لا يحتاج معه الرئيس إلى موافقة الكونغرس بل إن الأمر يتعلق وبحسب نص القانون الذي كان الرئيس السابق "جورج بوش" قد وقعه العام ألفين وواحد مباشرة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالسماح لوزارات العدل والخارجية والخزانة بمراجعة الشروط وسجلات التنظيمات والأشخاص المدرجين على قوائم الإرهاب، وكذلك مراعاة اعتبارات الأمن القومي الأمريكي ومن هناك يتم اتخاذ القرار سواء بإدراج هؤلاء على القائمة أو رفعهم منها. 

هذه المرونة القانونية يعتقد بها المؤيدون لتغيير الموقف الأمريكي من الجولاني وهي نصرة الشام، حيث يقولون إنها سوف تعطي لبايدن المرونة والقدرة على سرعة التحرك في الأيام القليلة القادمة في اتجاه تقديم هذه المبادرة الأمريكية التي سوف تكون عاملا محفزا لشركاء الولايات المتحدة الإقليميين والأوروبيين على التحرك في الاتجاه نفسه خاصة وأن دولا غربية أخرى -بريطانيا- تضع الفصائل على القائمة نفسها. 

 على الطرف الآخر يظهر مترددون حالة من الترقب للوضع في سوريا باعتبار أن الوقت لا يزال مبكرا هناك للحكم على نوايا هذه الفصائل، خاصة وأن التجارب السابقة ليست مشجعة بالقدر الكافي.

ويقول هؤلاء إن واشنطن راهنت في وقت سابق على حركة حماس بإدماجها في العملية السياسية والآليات الديمقراطية وإشراكها في الانتخابات وإدارة المؤسسات والانخراط في المشهد السياسي المحلي والإقليمي والدولي، لكن ذلك لم يغير من قناعات قياداتها الفكرية وانتهى الوضع أخيرا إلى إطلاق هجمات السابع من أكتوبر التي لا تزال المنطقة تعاني من  آثارها حتى اللحظة. 

 أمر آخر يقول به هؤلاء وهو المطالبة بإمكانية إرجاء التعامل مع الملف السوري إلى حين استلام الإدارة الجديدة مهامها، وحينها سوف يكون أمامها الوقت الكافي لاتخاذ القرارات والسياسات التي تقدر أنها مناسبة للتعامل مع التنظيمات والقيادات الجديدة في دمشق.

هذا الإرجاء يرتبط بمخاوف أن تكون الانعكاسات على تطورات المشهد السوري سلبية؛ لأن الرغبة الأمريكية الواضحة في الوقت الحاضر أن هناك عملية تنسيق كامل مع الوسطاء الإقليميين في أنقرة والدوحة بإدارة مرحلة انتقالية سريعة وسلسة في سوريا تسمح بتغيير وجه النظام السياسي الذي كبل مواطنيه بالسياسات القمعية والأحادية لأكثر من خمسة عقود من الزمن.

من الواضح جدًا أن إدارة الرئيس بايدن لا ترغب في تأجيل التعامل مع هذا الملف بل إن بعض مسؤوليها يعتقدون أن التطور الجديد في دمشق هو جزء من استراتيجية عملت لأجلها هذه الإدارة من خلال إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة ورسم ملامح اليوم الموالي في لبنان، وكل ذلك ما كان ليتحقق من غير حدوث التغيير الذي حدث في دمشق في اليومين الماضيين.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا