الصفقة: سوريا منزوعة السلاح وحريّة الحركة لـ"إسرائيل" واغتيال العلماء
منحت الصفقة الدولية الكبرى الشاملة، رغم تحفظات السعودية ومصر والاردن والامارات عليها، "الاسرائيليين" تدمير الدولة السورية عن "بكرة ابيها"، واجتثاث كل من يفكر محاربتها بعد ١٠٠ سنة، واعطتها كامل الحرية بالتحرك برا وبحرا وجوا في الاراضي السورية عند تقديرهم لاي خطر يتهددهم، على ان تكون سوريا دولة منزوعة السلاح لا تشكل اي خطر مستقبلي، وهذا يتطلب تدمير كل القدرات العسكرية للجيش السوري، بالتوازي مع
اغتيال العلماء السوريين. وخلال الـ ٢٤ ساعة الماضية وجدت عالمة الكيمياء السورية شادية حبال مقتولة في منزلها في دمشق مع زوجها وتلقب "سيدة الشمس"، كما وجد العالم البيولوجي حمدي اسماعيل مقتولا في منزله ايضا ببصمات "اسرائيلية" واضحة، واغتالت الطائرات "الاسرائيلية" 4 علماء لحظة مغادرتهم معهد البحوث العلمية في السيقلية قرب حلب، رغم رعاية الروس للاتفاق واخراجهم ٢٠٠ ضابط من المعهد. كما تم تدمير معاهد البحوث
العلمية في مصياف واللاذقية وحماة، وقتل جميع العلماء والطلاب الذين لم يسمح لهم بالخروج في ظل صمت روسي. علما ان هذه المعاهد تعد ثروة علمية لسوريا وليست ملكا للنظام السابق وآل الاسد.
لكن السؤال الاساسي يبقى، هل تقف الصفقة الكبرى عند الحدود السورية؟ ام تنتقل الى العراق وبعدها ايران؟ علما ان الاكراد "ذهبوا فرق عملة"، وتواجدهم سينحصر في شرق الفرات فقط بعد انسحابهم من دير الزور والبو كمال، مع اعطائهم نوعا من اللامركزية الإدارية الموسعة كسائر الاقليات .
وفي المعلومات، الصفقة تتضمن محاسبة كل الرموز العسكرية للنظام السابق وحل الجيش السوري، على ان يكون الامن للشرطة فقط على المعابر الحدودية مع تشكيل قوة عسكرية للتعامل مع التحركات الداخلية، كل ذلك "كرمى لعيون اسرائيل" وموافقتها على الصفقة .
وفي المعلومات وخلافا لكل التسريبات والسيناريوات الخيالية، فان الرئيس السوري السابق بشار الاسد لم يعد الى سوريا بعد الزيارة السرية الى موسكو، قبل ١٠ ايام من هجوم المسلحين، وبوتين لم يستقبله الا بعد ٣ ايام من الاجتماعات بين الاسد ولافروف وكبار رجال المخابرات الروسية، وابلغه بوتين عندما التقاه رفض اردوغان وأمير قطر اي تسوية مع النظام الحالي .
وفي المعلومات ايضا، ان اللواء ماهر الاسد رفض المقترحات الروسية وقرر القتال في دمشق، وهنا وقعت خلافات بين رموز النظام المقربين الى الاسد، مما جعل الدفاع عن دمشق مستحيلا وحصل ما حصل، والطائرة الروسية التي غادرت الى موسكو حملت رموزا من النظام محسوبين على موسكو، ومعظمهم يعملون في القصر الجمهوري .
وتؤكد المعلومات ان روسيا حصلت على ضمانات تركية وقطرية، بعدم تصدير النفط السوري الى اوروبا، ومنع انشاء اي خطوط لتصدير الغاز من سوريا الى تركيا ومنها إلى اوروبا والاستغناء عن النفط الروسي، أو انشاء خطوط بحرية عبر مرفأ طرطوس الى اوروبا، وهذا هو المشروع الفرنسي لمحاصرة روسيا .ومن هنا فان القواعد الروسية باقية في حميميم وطرطوس واللاذقية، وهناك اتفاقات مع الدولة السورية السابقة التي منحت الروس هذه القواعد، والغاؤها يتطلب قرارات من الدولة السورية الحالية.
ويبقى السؤال الاساسي، هل يستطيع الجولاني تقمص تجربة اردوغان وحزب "العدالة والتنمية" في الحكم كما وعد الدول الكبرى؟ وتشير المعلومات الى انه اعطي فترة سماح انتقالية لسنتين، ليتمكن من فرض الامن والاستقرار واقرار دستور جديد وانتخابات رئاسية وتشريعية في آذار.
وتلفت المعلومات الى ان وسائل الإعلام العالمية والعربية بدأت تقدم صورة جديدة عن أحمد الشرع "الجولاني"، وكيفية تعامله مع أطياف الشعب السوري وتحديدا الشيعة، وفتح مقام السيدة زينب امام الزوار وتأمين الحماية له، لكن المسلحين اقتحموا المقام امس، والصور نقلتها وسائل الإعلام وسط خلافات بينهم كما روجت الهيئة، وسيحاول أيضا فتح الابواب مع المسيحيين والعلويين ومنع التجاوزات بحقهم، واعتقال المخلين بالامن، والطلب من المواطنين
الابلاغ عن التجاوزات، مع التأكيد على حفظ امنهم، ونفي كل المعلومات عن تنفيذ اعدامات ميدانية بحق كل من ناصر النظام السابق، مع اصدار عفو عام عن كل المجندين، كما اعطيت الاوامر بسجن كل من يتعرض للذين عملوا في الاعلام السوري، وبررت "هيئة تحرير الشام" الكثير من الحوادث في دمشق، بانها ليست وحدها المسؤولة عن امن المدينة، مع دخول كل الفصائل وبعضهم معارضا للهيئة .
ونظم هؤلاء اعتصامات في الجامع الاموي، طالبت الجولاني بالافراج عن الذين اعتقتلهم "هيئة تحرير الشام" في المعارك بين الفصائل المسلحة قبل الهجوم الاخير، ويبقى التطور الابرز تخفيض اسعار الخبز، وهذا الامر ترك ارتياحا بين الناس، علما انه من المبكر الحكم على تجربة عمرها ايام، لكن العالم كله وضع "هيئة تحرير الشام" تحت المجهر، فهل تنجح بتقديم نهج العدالة والتنمية ورفع تصنيفها عن لوائح الإرهاب؟ ام تفشل في محو صور" اكل الاكباد والقتل بالساطور"؟
وربما العلاقة الروسية الجيدة مع "طالبان" شجع بوتين على تكرار هذا النمط من التعامل مع "الاخوان المسلمين" في سوريا .ويبقى السؤال الأهم والمركزي ايضا، كيف سيتعامل الجولاني مع القضايا السياسية وتحديدا القضية الفلسطينية؟ وكيف سيتعاطى مع حماس وايران والسعودية ولبنان والاردن؟ وهل سيتم احترام حدود الدول المجاورة كما تضمنت الصفقة؟ هل ينجح الجولاني في محيط من الالغام المحلية والعربية والعالمية، وخلافات المحاور
وتحديدا المحورين القطري - التركي من جهة، والمصري – السعودي - الإماراتي - الاردني من جهة اخرى الذي لم يكن متحمسا لسقوط سوريا في مثل هذا السيناريو وتسليمها للاسلام المتشدد؟ هل يتمكن من التغلب على الهواجس الكبرى للدول في اصعب مرحلة من تاريخ الشرق الاوسط، وسط بحر من الممارسات المتطرفة وقناعة البعض استحالة حكم سوريا من قبل الاسلاميين واي فريق آخر، كما حكمها آل الاسد لـ٥٥ سنة، الذين نقلوا سوريا الى
معادلات كبرى وادوار اقليمية متقدمة رغم حجم الفساد الداخلي فهل تعود سوريا دولة العقداء السبعة والانقلابات؟ ام تنتقل الى مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار تنعكس على كل السوريين، وتسمح للاسلاميين تقديم النموذج الجديد بعد الفشل في مصر وتونس؟ وحتى انقشاع الصورة، فان سوريا دخلت في نفق لا يمكن الخروج منه قبل سنوات وسنوات، وعندها يمكن الحكم .
الديار - رضوان الذيب
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|