لا عودة للحرب لكن ما يحاك أخطر… علامة “منطقة عسكرية خطرة” على ٢٠ قرية
الأرض ملك أصحابها، يحركونها كما يشاؤون.
هذه المقولة تغيرت في القرى الحدودية الممتدة من الناقورة إلى مزارع شبعا لتصبح: الأرض ملك محتليها، يغيّرون معالمها كما يشاؤون… فماذا يفعل العدو في هذه البلدات، ولماذا كل هذا التفجيرات الضخمة التي يسمعها سكان الجنوب يومياً؟
خلال المفاوضات مع المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين، سأل المفاوض اللبناني عن سبب إصرار الاسرائيلي على مهلة الستين يوماً، ففي العام ٢٠٠٦ غادر في غضون أسبوع.
للوهلة الأولى كان الاعتقاد أن الاسرائيلي أراد مهلة الستين يوماً حتى يسلم المواقع للجيش اللبناني موقعاً تلو الآخر، ولتجنب ما حصل بعد حرب تموز ٢٠٠٦ ويمنع استغلال “حزب الله” لدخول الأهالي قبل الجيش اللبناني والتصرف بحرية في جنوب الليطاني، لذلك طلب أن يتسلم الجيش المواقع التي ينسحب منها ضمن الخطة قبل عودة الأهالي، لكن بعد انقضاء ٣٠ يوماً من دون تسليم أصبح الأمر يثير الريبة، خصوصاً أنه استمرّ في تحذير الأهالي من العودة، والواقع أنه يريد تحويل تلك القرى إلى منطقة عسكرية بحتة يصبح فيما بعد مسؤولاً عنها الجيش اللبناني لكنها غير قابلة للسكن، تحت مسمى “منطقة خطرة” مدة سنة أو اثنتين أو ثلاث، مع علمه أنه لا يستطيع إبقاءها منطقة عازلة… فمن الواضح أن العدو أخذ أصداء التفاهم ونتائجه إلى مكان مختلف عن الـ ١٧٠١.
العدو سينسحب لكنه يريد إقامة منطقة لا يستطيع فيها “حزب الله” مواجهته من الحافة الأمامية، وبيئة المقاومة القوية فيها، ستجد نفسها عاجزة عن اعادة إعمار منازلها حتى الميسورون منهم والمقتدرون الذين لا ينتظرون اعادة الاعمار والتعويض عليهم، وهم كثر، لن يتمكنوا لزمن طويل من اعادة بناء منازلهم على الحافة، فهذه القرى أصبحت أراضٍ ترابية وتغيّرت معالمها، وزرعت فيها أجهزة تنصت ووضعت تحت مراقبة غير مسبوقة، كما قسمت إلى zone ووضعت عليها علامات لتحديدها عسكرياً. وتم تجريدها كاملة من الأنفاق، وأزيلت منها كل كابلات البنى التحتية وأساساتها إلى حد ستبقى وضعيتها هكذا لسنة أو أكثر أو ربما سنوات.
عشرون قرية بعمق كيلومتر إلى اثنين عرض حوّلها جيش الاحتلال إلى مسرح عمليات، يعمل فيها قدر الامكان على تأخير الإعمار والعيش فيها خصوصاً القرى التي يفصل بينها حائط أو شارع، من رأس الناقورة إلى مزارع شبعا، منطقة ترابية ممسوحة (الناقورة، علما الشعب، مروحين، رامية، عينا رميش، يارون، عيترون، بليدا، ميس، حولا، مركبا، عديسة، كفركلا، رب تلاتين، المطلة، الغجر… وصولاً إلى مزارع شبعا) على أن يكمل الخط الأزرق باتجاه هضبة الجولان والقرى والبلدات المتاخمة من الجهة الشرقية، وهذا فعلاً ما قام به بعد تنفيذ مخطط إسقاط سوريا، فيكون بهذا قد أنشأ غلافاً محكماً لمستوطناته على طول الحدود.
والسؤال أين “حزب الله” مما يحصل؟ حتى لا نقول أين الدولة اللبنانية؟
بعيداً عن التنظير، وتماساً مع الواقع، لا أحد يتمكن من قراءة النوايا الحقيقية للعدو، هل فعلاً يريد فقط هذا الأمر، أي حماية نفسه وسكان مستوطناته أم المخطط أكبر؟
في الاجتماع الذي عقد في السراي يوم الثلاثاء بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون مع لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، سأل ميقاتي عن أسباب عدم انسحاب العدو والتأخير في تنفيذ الخطة، ونقل إلى اللجنة ما هاله من مشاهد صادمة في بلدة الخيام وطريقة التدمير الممنهج الذي يقوم به جيش الاحتلال، وطرح أسئلة كثيرة عبّر فيها عن مخاوف كبيرة من نوايا العدو، ووجه كلامه أكثر من مرة إلى الجنرال الأميركي فسأله عن سبب تغيير المعالم في القرى التي لا يزال جيش الاحتلال موجوداً فيها ولماذا لم يسمح بعد للجيش اللبناني بالدخول ومعاينة الأرض وتسلم المواقع؟ وقال: هل من أمر لا نعرفه؟ الاتفاق لم ينص على حرية الحركة والخروق الاسرائيلية له تجاوزت الـ٨٠٠، فيما لبنان ملتزم القرار. قائد الجيش رد أنه بالفعل فوجئ عندما دخل إلى الخيام ولم يكن يتصور أن يصل حجم التدمير والجرف إلى هذا المستوى. وتقرر أن يحصل لبنان على أجوبة سريعاً.
أمّا “حزب الله” فيلتزم الصمت، ويقول مصدر مقرب منه لموقع “لبنان الكبير”: في فترة الثلاثين يوماً الأولى، أسقط العدو فيها سوريا وقطع الإمداد عن “حزب الله” وجرف معظم المدن الحدودية، ماذا بقي للاسرائيلي من أهداف خلال الأيام الثلاثين المتبقية من الهدنة؟ هل المطلوب تطبيق القرار الدولي 1701 ومعه الـ 1559 والـ 1680؟
يجزم المصدر بأن لا عودة إلى الحرب ولو كانت هناك نية للعودة اليها لما أوقفت، لكن العدو يستكمل الحرب التي خاضها “عالناعم”، مستفيداً من انشغال “حزب الله” بلملمة جراح بيئته وإعادة رص صفوفه. و”حزب الله” بدوره يضع الدولة أمام واقع العجز عن مواجهة اسرائيل ووقف خروقها، فأقصى ما يمكن تحقيقه تحقق، وكل ما يقوم به الاسرائيلي هو تحت أعين المقاومة لكن السكوت مقلق، ولماذا لم يتبع بيان رقم واحد عندما رمى صاروخين على مزارع شبعا، ببيان رقم اثنين وثلاثة؟ المقاومة لا يمكن أن تحول المواجهه مع اسرائيل إلى تسجيل خروق بقلم الحبر.
ويضيف: بعد ٢٧ كانون الثاني وبعد أن يكون العدو قد أنهى انسحابه وأصبح لبنان محرراً ولا وجود لأي جندي على أرضه سيقوم “حزب الله” بتشييع الشهيد السيد حسن نصر الله، ولا تشييع طالما أرض الجنوب مدنسة ومحتلة من جيش العدو، كما أن التشييع سيكون بمثابة استفتاء للمقاومة. والظهور المهيب للمناصرين والبيئة سيرسم معالم مرحلة ينتقل فيها الحزب إلى المواجهة السياسية الداخلية لتثبيت خطوط حمر لن يسمح بتجاوزها.
فماذا بعد تثبيت وقف إطلاق النار، عطفاً على ما يقوم به الاسرائيلي في الجولان والقنيطرة خصوصاً أن نتنياهو قال إنه باق فيها إلى أواخر العام ٢٠٢٥؟
ما هي الخطوات التالية؟ لدينا تخوف كبير من الستين يوماً ضمن الهدنة، ومدة الشهر المتبقية ستكون أخطر من الأولى.
أي عسكر يريد الانسحاب لا يحتاج إلى كل هذه المدة الزمنية لا سيما أن توغله لم يكن يتعدى الـ ٣ كيلومترات.
هناك مخطط من الصعب التكهن به حالياً، فما هو موقف الدولة، الحكومة، لجنة المراقبة وما هو المطلوب من الجيش وأي دور يراد له؟ توزيع المعونات الغذائية على الأقضية؟ جمعية خيرية أو شرطة بلدية؟
وماذا عن تغيير الواقع في سوريا والمحاولات المتكررة لأخذ “حزب الله” إلى صدام، مبايعة الجولاني من بعض المجموعات في لبنان؟
العمل على إخراج الاسلاميين والعفو العام؟
هوية الرئيس، تركيبة الحكم، اعادة الإعمار، لمن اليد الطولى في القرار؟
واقليمياً هل ننتظر ضرب العراق واليمن؟ وهل هي صدفة أن يطلب مجلس النواب العراقي من الحشد الشعبي حل نفسه؟ ثم أوليس غريباً تسليم العراق لـ٢٠٠٠ جندي من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة السورية ممن احتموا لديه بعد تسليم سلاحهم إلى “جبهة النصرة”؟ وهل الضربة الأخيرة ستكون لايران؟
كل هذه الأسئلة التي كانت الاجابة عنها تحتاج إلى سنوات أصبحت أجوبتها محصورة في مدة لا تتعدى الشهر!
أهلاً وسهلاً بالـ ٢٠٢٥.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|