الصحافة

ورقة نبيه بري المخفية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على جلسة 9 كانون الثاني 2025 ويضعها في منزلة غير الخاضعة للنقاش، بل بات أكثر تشدداً حيالها، لكنه في الوقت نفسه، يعلم، حتى الآن، أن إمكانية إنتاج رئيس للجمهورية في هذه الجلسة تكاد تكون 50/50 وربما أقل!
مع ذلك، عزم بري على ملاقاة الإستحقاق وأبلغ الجميع دون استثناء أنه بصدد الدعوة إلى دورات متتالية حتى يصار لانتخاب رئيس. وهنا يحضر "دهاء" بري وحنكته في شأن فصل المسهّلين عن المعرقلين. وعليه ستلغي جلسة 9 كانون2 أي مفعول رجعي للمسار التعطيلي السابق وسيخلفه مسار آخر جديد، تتهيّب قوى كثيرة الإنخراط فيه لما له من أثر بالغ عليها في محضر سفراء ومندوبين خارجيين سيجلسون في الطبقة الأولى من ساحة النجمة.
عملياً في ما لو سقطت الجلسة أو أسقطت، ستكون هوية "المجرم" ماثلة أمام الجميع، ولن تقف محاولات بري عند أعتاب 9 كانون الثاني، ومن المفترض أن تكون له جولة أخرى أكثر شراسة!
إذاً لم يعد من الجائز تحميل رئيس مجلس النواب كامل المسؤولية عن التفريط بإنتاجية الجلسة. وللمرة الأولى ليس "حزب الله" من "يلبس" تهمة العرلقة. ليس القوى من حلفاء الحزب ولا حتى سليمان فرنجية، بل جهات أخرى، تعدّ المعارضة أولها والمعارضة ثانيها والمعارضة ثالثها.

لماذا المعارضة؟ لأنها حتى الآن لم تجد طريقاً بعد للإتفاق في ما بينها، وإن تشرذمها وبقاء تشرذمها على ما هو عليه اليوم هو الكفيل الوحيد بإلاطاحة بالجلسة.
في الواقع، ما نحن في صدده "معارضات" ولسنا أمام معارضة واحدة. إن قمنا بالتجزئة لأمكننا ترتيب المعرقلين بالتدرج، من أكبرهم حتى أصغرهم، تعد معراب التي دأبت على التذكير بشأن المسارعة في انتخاب الرئيس أولهم. بعض النواب من المعارضة لا ينكرون أن معراب تحاول وتستمر بمحاولة فرض أجندتها على قوة المعارضة تحت شعار أنها باتت "ممراً إلزامياً لأي اتفاق".
على المستوى الثاني ثمة نواب "التغيير" الـ13 بجناحيهما، اليساري واليميني، إن صحّ التعبير. لقد انتهى القسم الأول الذي يتشكل من النواب حليمة قعقور وابراهيم منيمنة وبولا يعقوبيان والياس جرادي وغيرهم إلى الإقرار بأن قائد الجيش العماد جوزاف عون ليس مرشح المرحلة وليسوا بصدد دعمه. ولا يُنكر أن بعضهم أصبح لديه حساسية مفرطة تجاه انخراط البزة العسكرية في السياسة بشكل عام. أضف إلى ذلك نزعة بعضهم تجاه ترشيح قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع "غير المفهوم" بالنسبة لأحدهم، ولا شك أن موقف هؤلاء، وآخرين، يعرقل توحد المعارضة على إسم.
في المستوى الثالث المعارضون من النواب المستقلين، سنّة ومسيحيين، وهؤلاء ينقسمون بين من يضمر في سره تأييداً لقائد الجيش، لكنه وقبل اتخاذ أي خطوة ينتظر مؤشرات خارجية لا سيما سعودية واضحة، وبين من يراقب حركة تحرك القطار وعند أي محطة سوف يقف، ليبني موقفه على هذا الأساس، ثم يأتي التحصيل يوم يحين زمن البيع والشراء.
بالعودة إلى الأساس. الرئيس بري يرى ويتابع كل ما يجري ويدور. لا نريد القول إن بري "دسّ" في كل كتلة "نائباً" يطلعه على أدق التفاصيل، إنما حنكته تدفع الكثير من أعضاء الكتل للبوح أمامه بما يجري داخل كتلهم.
إذاً بري في صورة ما يجري، وصورة الضياع داخل الكتل، وبات في صورة الأرقام، ويبني ويرسم على أساس الحركة الجارية داخل الكتل، ولن يطول الوقت قبل أن يرمي ورقته بذكاء وحنكة.
قبل مدة غير بعيدة سمعت من أحد المخضرمين في السياسة أن لدى الرئيس نبيه بري مرشح "إحتياط" يجلس على الدكّة، وسينزل الملعب متى تحين اللحظة، إسمه جهاد أزعور. اليوم بدأ يتردد إسم أزعور بشكلٍ أوضح أكثر من أي وقت مضى كمرشح "تسوية - تخريجة" محتمل قد يتولى بري (أو سواه لكن بعلمه) تقديمه في لحظة اكتمال الظروف المناسبة.
لماذا أزعور؟ ربطاً بحضوره الراهن ووظيفته الحالية في أعلى مؤسسة نقدية دولية، ودوره المستقبلي ومدى احتمال أن يكون، ليس بشكل شخصي بل من حيث الدور والمشروع، عنصراً قادراً على إحداث تغيير داخلي لبناني، هذا يضاف إلى قبول خارجي وربما ذوبان الأسلوب القديم في المعارضة الداخلية تجاهه نتيجة التطورات.
يُفهم الآن أن الجميع يبحثون عن رئيس، لكن أياً من القوى الحالية لا تجد ذلك الرئيس القادر على إحداث النقلة المنشودة، أو عملياً لا تعثر على طرف خيط من جهة دولية أو إقليمية، فتفهم أن عليها الإنتظار، ويفهم آخرون إذاً وفقاً لما يتقدم من أسماء لجلسة 9 كانون الثاني أنها للحرق في أكبر محرقة أسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية في تاريخ الجمهورية!
مرة أخرى عودة إلى الأساس. قد يحصل أن بري سيقدر أن الظرف أصبح مناسباً أكثر لتقديم ترشيح أزعور. لن يحصل ذلك قبل ضمان أن المعارضة التي تقاطعت حوله ذات مرة ستعيد الكرة مرة أخرى، ولو بالإكراه!
في هذه النقطة، لا بدّ أن يكون النائب جبران باسيل عنصراً في الإتفاق –أي اتفاق-. ثمة من يجزم، ربما، أن جبران فعلاً قد يكون الوحيد الذي بقي ثابتاً على إسم أزعور وقد يعتبر نفسه أكثر الفائزين من عبور أزعور، ولا مانع بأن يتفاهم حوله مع بري ضمن "سلّة" أصبح ملحة ولن يكون الآخرون خارجها.
في ما لو حصل، سيشكل بري ببعده الشيعي وباسيل ببعده المسيحي قوة جذب أساسية للقوى الأخرى تجاه تبنّي أزعور الذي سوف يتمتع بمسألة مهمة لم يسبقه إليها أي من المرشحين اليوم، أنه سُمّي رسمياً من جانب أحد أطراف "الثنائية المسيحية" المهيمنة. في ما لو حصل، ستتوالى الضربات، ولا شك ستكون الضربة الموجعة الأكبر لمعراب!

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا