خليجي 26: تأهل مثير للكويت على حساب قطر وتعادل بين عُمان والإمارات
المركزي يتدخل من أجل "عقلنة" الفوائد
أثار الحديث عن عودة المصارف إلى منح فوائد عالية على إيداعات الليرة "الفريش"، موجة استغراب وتخوّف لدى اللبنانيين من الوقوع بأزمة على شكل "سلسلة بونزي"، خصوصاً مع ارتفاع الطلب على الليرة اللبنانية في الأسابيع الفائتة وفقدانها لدى الصرافين.
عاد عدد من المصارف لعرض فوائد وصلت إلى 40 و45%، وذلك على الحسابات "الفريش" المجمّدة بالليرة، مذكرة بالسنوات التي سبقت أزمة العام 2019. إلاّ أنّ السبب خلف عرض هذه الفوائد بقي مبهماً لدى الجمهور، الذي اعتبر أنّ تلك النسب "مرتفعة جداً" وقد تُهدّد بضياع الإيداعات.
لكن في الحقيقة، فإنّ هذا الأسلوب الذي انتهجته المصارف، برغم خوف الناس منه، قد أظهر بطريقة غير مباشرة، جملة حقائق:
1- القول إنّ الثقة بالمصارف "مفقودة"، هي تُهم غير دقيقة 100%، باعتبار أنّ العديد من المودعين استجابوا لعروضات المصارف، وأبدوا استعداداً لإيداع الليرات لدى المصارف من أجل الربح.
2- إنّ مصرف لبنان استطاع أن يرمّم الثقة بالليرة اللبنانية بعد فقدانها في السنوات الأربع الأولى من الأزمة. فالناس الذين أبدوا تجاوباً، أظهروا استعداداً لتجميد الليرات لدى المصارف، وهذا دليل على أنّهم يثقون بإجراءات مصرف لبنان لفرض استقرار سعر الصرف.
هذا في الشكل. أمّا في المضمون، فإنّ المصارف لجأت إلى تلك الطريقة بسبب حاجتها إلى الليرات اللبنانية من أجل تسديد التزاماتها المتنوعة. وبما أنّ الليرات اللبنانية المفقودة من السوق بفعل سياسة مصرف لبنان التي قضت، منذ أكثر من سنة، بتجفيفها من أجل فرض استقرار سعر صرف الدولار، فقد عمدت المصارف إلى استدانة الليرات من بعضها البعض، وفق ما يُعرف اصطلاحاً بالـ"Intra-bank" بفوائد سنوية وصلت في بعض الأحيان إلى 100 و120%.
وعليه، فإنّ المصارف حينما تعرض على المواطنين فوائد 40 و45 %، فإنّها بذلك توفّر على نفسها قرابة 60% من الفوائد (هي عملياً خسائر). وتكون المصارف من خلال ذلك، قد تحاشت صرف عملاتها الصعبة (الدولار) من أجل سدّ تلك الالتزامات بالليرة.
قد يسأل البعض: هل ما تقوم به المصارف اليوم قانوني؟ على من تقع مسؤولية هذا الفعل؟ على مصرف لبنان؟ أم على لجنة الرقابة على المصارف؟
الجواب على السؤال الأول يقول: نعم. هذا الإجراء قانوني لكنّه غير صحّي باعتبار أنّ القطاع المصرفي في لبنان ما زال عليلاً ولم تقم السلطتان النقدية والسياسية بفرض هيكلته حتى اليوم.
وبالتالي، فإنّ المصارف قد تكون في هذه الظروف "غير مؤهلة لمنح تلك الفوائد المرتفعة"، خصوصاً أنّها لا تقوم بتسليف تلك الأموال التي تتلقاها من المودعين في السوق. وإنّما تقوم بسدّ التزاماتها بواسطتها. أي أنّ تلك الأموال تذهب إلى سدّ خسائر أو إلى دفع ودائع في مقابل مراكمة فوائد إضافية على الميزانيات، وليس تحقيقَ الأرباح.
أما الإجابة على السؤالين التاليين، فتفيد المعلومات بأنّ مصرف لبنان غير مرتاح لخطوة المصارف تلك، ويعتبرها محاولة قفزٍ فوق الأزمة. وعليه، فإنّ المعلومات تفيد بأنّ المجلس المركزي في مصرف لبنان في صدد اتخاذ إجراءات (أمس الخميس)، تحدّ من هذه الممارسات، وذلك عبر وضع آليات "أكثر مرونة" قد تؤدي إلى خفض الفوائد على الـ"الإنتربنك". وبالتالي، تخفيف الأعباء عن كاهل المصارف في عملية حصولها على الليرات بين بعضها البعض. وقد تكون تلك الإجراءات على سبيل المثال رفع "كوتا" الليرات اللبنانية المخصصة لكل مصرف.
المصادر تفيد كذلك بأنّ هذه الإجراءات، ستؤدي تدريجياً إلى تراجع نسب الفوائد التي تعرضها المصارف على المودعين، إلى قرابة 20 أو ربما 10% في الأشهر المقبلة... وهي نسبة أكثر من معقولة بحسب أوساط المصرف المركزي.
أمّا عن سبب لجوء المصارف إلى تلك الفوائد، فتجيب أوساط المصرف المركزي بالتأكيد أنّ المصارف المركزية حول العالم تنتهج نهجين من أجل ضبط التضخّم وانفلاش سعر الصرف، وهما:
1- ضبط الكتلة النقدية، وهي مهمة غير سهلة.
2- التحكم بنسب الفوائد عبر المصارف المحلية.
تؤكد أوساط مصرف لبنان أنّ النهج الثاني كان تحقيقه شبه مستحيل نتيجة الشلل الذي أصاب المصارف المحلية وغياب التسليفات والودائع. ولهذا كان الحلّ باللجوء إلى الخيار رقم واحد، أي إلى خيار ضبط الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي كانت "صعبة" في البداية، وكانت بحاجة إلى تعاون نقدي – أمني - قضائي، من أجل وقف المضاربات... لكن في نهاية الأمر حقّق مصرف لبنان نتائج جيدة في هذا المجال، وذلك بخلاف ما يحاول البعض اتهام المصرف المركزي بأنّه يمنع الدولة من الإنفاق.
ضبط الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، استطاع أن يرسي استقرار سعر صرف الدولار بنجاح، لدرجة أنّ الليرة أمست اليوم هي "العملة الصعبة" في لبنان، وليس الدولار الأميركي المتوفر بكثرة في السوق.
كما تؤكد أوساط "المركزي" أنّ هذا الاستقرار "لا يكلف الدولة ولا مصرف لبنان الأموال". بل على العكس، فإنّ هذا النهج "مكّن المركزي من زيادة احتياطياته من العملة الصعبة"، والتي وصلت إلى حدود 2 مليار دولار "فريش"، في مقابل كتلة من الليرات المنتشرة في السوق بقيمة لا تزيد عن 600 مليون دولار.
المصدر: نداء الوطن
الكاتب: عماد الشدياق
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|