الصحافة

وليد جنبلاط وسعد الحريري… على خطى الوالدين؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع بداية الأحداث السورية الأخيرة التي بدأت بالاستيلاء على حلب وأدت الى إسقاط نظام آل الأسد، كنت أطالع كتاب النائب والوزير السابق باسم السبع وعنوانه “لبنان في ظلال جهنم” الذي يغطي الفترة من إتفاق الطائف إلى إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في لبنان.

وعلى الرغم من أن الأحداث الواردة في الكتاب لم تكن جديدة بالنسبة الى كل متابع للأحداث خصوصاً فترة ما بعد إستشهاد الرئيس الحريري ورفاقه إلا من حيث تفاصيلها الدقيقة، إلا أن إستعادتها بتلك التفاصيل وبأسلوب كتابي محترف تثير الأشجان والحزن الممزوجين بالغضب على ما كانت عليه الحال مع “أوباش” نظام الأسد الذين تحكموا بلبنان ورجاله وشعبه، عبر إختراقهم المجتمع اللبناني بغالبية مكوناته السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وحتى القضائية والاجتماعية، وذلك عن طريق إقامة نظام أمني على الطريقة السورية بحيث بات يصح القول إنه “نظام واحد في بلدين”، ساعدهم على ذلك تجاهل وتسليم عربي ودولي نتيجة تلزيم هذا النظام الوضع في لبنان بعد حرب تحرير الكويت، وطبقة سياسية لبنانية “ميليشياوية” بأغلبيتها منها الفاسد ومنها العميل ومنها الباحث عن المنصب والجاه والمال، وقلة قليلة كانت تتعامل بحكم الأمر الواقع المحلي والاقليمي والدولي، وتحاول تمرير الوقت بأقل قدر من الخسائر .

كانت الأحداث المتسارعة التي هبت على سوريا مؤخراً وأدت إلى ما أدت إليه، كالبلسم الذي خفَّف من وطأة الشعور بمرارة تلك الأحداث الواردة في الكتاب بحيث بدت كنعمة من نِعم الله التي جاءت في أوانها، وشفت غليل الكثيرين من الذين حملوا النقمة على هذا النظام لسنوات وربما لعقود، وأنا منهم شأني شأن الكثير من اللبنانيين، بحيث أنني لم أنسَ يوماً “مآثر” هذا النظام الذي وكما قال الراحل محسن إبراهيم: دخل لبنان على دم كمال جنبلاط وخرج على دم رفيق الحريري، وعاث بينهما فساداً وقتلاً للأحرار من اللبنانيين من سياسيين وإعلاميين ورجال دين.

اليوم وقد دخلت سوريا والمنطقة مرحلة جديدة خصوصاً مع التطورات المتلاحقة منذ عملية “طوفان الأقصى”، التي لا تزال تداعياتها مستمرة وليس آخرها ما حدث في لبنان من حرب قلبت الموازين كلها وخلَّفت نكبة على الصعيد الشعبي، ولا سيما في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، وهزة عنيفة على الصعيد السياسي تمثَّلت في غياب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله عن الساحة بما يعنيه هذا الغياب من فقدان للتوازن لدى “حزب الله” والثنائي الشيعي على الرغم من المكابرة، إضافة الى سقوط حكم آل الأسد في سوريا، على الجميع أن يتطلع إلى غدٍ أفضل بعيداً عن الماضي ومثالبه، وذلك لإعادة بناء ما تهدَّم على المستوى السياسي والاقتصادي الداخلي في لبنان من تجاوز للمؤسسات وضرب للقوانين وتفشي الفساد من جهة، وكذلك لإعادة وصل ما إنقطع مع المحيط العربي والعالم جراء المرحلة السابقة من جهة أخرى، خصوصاً مع سوريا وهي الجار الأقرب والأكثر تأثيراً وتأثراً بما يجري في لبنان كما أثبتت أحداث السنوات الماضية وما حملته من مآسٍ للبلدين والشعبين.

هذه اللحظة التاريخية والمَهَمَّة الوطنية النبيلة لا أرى – شخصياً – من هو أقدر على القيام بها أو على الأقل التمهيد لها بإنتظار إعادة تكوين السلطة في لبنان، سوى زعيمين مع كامل الاحترام لبقية المكونات اللبنانية وزعمائها التي لها بلا شك دورها في دعم هذه التوجهات، هذان الزعيمان هما وليد جنبلاط وسعد الحريري بما يمثلان من ثقل إسلامي ووطني ورمزية في العلاقة مع سوريا سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى علاقات السُنة والدروز كطوائف مع سوريا في الفترة السابقة وما شاب هذه العلاقات من مراحل صعود وهبوط.

وليد جنبلاط كعادته إلتقط اللحظة وبادر الى زيارة سوريا لمحاولة وضع أسس جديدة للعلاقة بين البلدين، وهي مهمة شاقة ليست باليسيرة خصوصاً وأننا نريدها إنطلاقاً من مصلحة الشعبين في البلدين وليس إنطلاقاً من مصلحة النظام سواء في سوريا أو لبنان، وهو ما نتمنى أن يكون ونعتقد صادقين أنه هدف وليد جنبلاط إبن الزعيم كمال جنبلاط الذي استشهد بسبب رفضه الدخول إلى “السجن العربي الكبير”، والذي لا نرى من هو أقدر منه على تصحيح هذه العلاقة في هذه الظروف المفصلية لكل من لبنان وسوريا نسبة الى فهمه ومعاناته ومرافقته لتاريخ العلاقات بينهما على مدى 47 عاماً حافلة بالتطورات في المنطقة تخللها تحالف وصل حد التطابق أحياناً، كما تنافر وصل حد العداوة أحياناً أخرى، ولا سيما في السنوات العشرين الأخيرة وهي السنوات التي عايشها أيضاً سعد الحريري والتي بدأت ودم والده الشهيد كان لم يزل على الأرض.

اليوم سعد الحريري بما يُمثِّل هو القطب الآخر القادر وبالتعاون مع وليد جنبلاط على وضع العلاقة اللبنانية – السورية على السكة الصحيحة إذا ما خلصت النوايا لدى الفريق السوري، وذلك حماية للبنان أولاً وهو الشعار الذي استشهد والده من أجله – كما وليد جنبلاط وشعار والده -، نقول هذا ونحن نعلم علم اليقين أن البعض يريد الاستثمار في البيئة السُنية مرة أخرى مستغلاً غياب المرجعية السياسية التي يمثلها اليوم – وحتى إشعار آخر – سعد الحريري على الرغم من غيابه عن المشهد السياسي منذ حوالي 3 سنوات، وذلك سواء عبر بعض الرؤوس الحامية في الطائفة التي ترى في الأحداث في سوريا فائض قوة لها تريد الاستثمار فيها، أم عبر بعض أصحاب القلوب الطيبة من الناس العاديين الذين قد تدفعهم التطورات بصورة عاطفية بإتجاه العودة مرة أخرى إلى التجارب السابقة من حديث عن الوحدة والقومية وغيرها من الشعارات التي جعل منها البعض خصوصاً النظام السابق في سوريا سماً في العسل، في سبيل بسط سيطرته على لبنان.

من هنا نقول إن عودة سعد الحريري اليوم إلى لبنان – ونحن لا نزعم معرفتنا بظروفه الخاصة – باتت أكثر من ضرورة، لأن لبنان بحاجة إلى عقله الهادئ وقلبه الصادق في هذه الظروف ليصوِّب البوصلة إلى حيث يجب أن تكون تحقيقاً لشعار الرفيق الشهيد “لبنان أولاً”، فقد حان الوقت لنعطي جهدنا وولاءنا للبنان وحده بعد أن أضعنا عمرنا في الدفاع عن قضايا الغير التي لا شك بعدالة بعضها أو أكثرها، ولكن لبنان يستحق منا هو الآخر أن ندافع عن قضايا شعبه في الحرية والأمن والإستقرار بعد أن إستنزفناه في قضايا أخرى. نقول هذا من دون التقليل من دور بقية المكونات اللبنانية خصوصاً المسيحية التي عانت هي الأخرى الأمرّين من إجرام النظام السابق، لكن في هذه الظروف المصيرية، وحدهما وليد جنبلاط وسعد الحريري بدعم الآخرين ومؤازرتهم قادران على لعب هذا الدور، ونجاح المهمة تصب في صالح اللبنانيين جميعاً وتحقق مطلب المسيحيين خصوصاً في الحرية والسيادة والإستقلال، فدمشق والعلاقة السليمة معها هي المدخل، فهل يعود سعد الحريري وينضم الى وليد جنبلاط للعمل على تحقيق شعار “لبنان أولاً الذي يرفض دخول السجن العربي الكبير تحت أية ظروف”، أم أن الرياح المحلية والاقليمية والعربية خصوصاً لا تزال تجري بما لا تشتهيه سفنه؟

لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا