إحصاء كلّ أضرار الحرب في لبنان لم ينتهِ... لا قدرة لتنظيم مؤتمر دوليّ سريعاً
"شبح المرفأ": حامل النيترات روسي – إسرائيلي
كشف صحافيان فرنسيان استقصائيان، متخصّصان بالتحقيقات المتعلّقة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، عن وجود شخصية رئيسية في هذا الملفّ، لولاها لما كان هناك حوالي ثلاثة آلاف طن من نيترات الأمونيوم مخزّنة منذ سبع سنوات في مرفأ بيروت، ولما حدث الانفجار. لم يُذكر اسمه في التحقيقات ولم يستجوبه أيّ قاض على الإطلاق. لكن من دونه، لم تكن شحنة النيترات التي تسبّبت في الحادث، لتصل إلى لبنان.
هو، كما وصفه الصحافيان، “شبح مرفأ بيروت”. اسمه ألكسندر شيشكين، ويعمل تاجر أسمدة روسياً، وهو وسيط روسي – إسرائيلي، متحفّظ للغاية، كان على اتّصال مع مختلف اللاعبين في مجال الإمداد. لم تشعر شركته Dreymoor Fertilizers بالقلق من التحقيقات القانونية الجارية. فهذا الاسم لم يرد في أيّ من التحقيقات اللبنانية. لكن بعد بحث وتقصٍّ طويلَيْ الأمد، تمكّن الصحافيان من تحديد هذه الشخصية، والتقيا بها في فندق في إسطنبول، وكانت مواجهة متوتّرة بينهم.
هذه القصّة كتبها الصحافيان كليمنت فيول وأنطوان هراري، ونشرت في مجلة revue21 XXI أو مجلّة “القرن الحادي والعشرين”، في 15 كانون الأوّل الجاري تحت عنوان “وجدنا شبح مرفأ بيروت”، وتنشر “أساس ميديا” نصّها الكامل معرّباً:
الفصل الأوّل: مستودع الأسرار
“… بينما التحقيقات القضائية في حالة جمود، ها هو هنا، أمامنا، (ألكسندر شيشكين) منهمك في مراجعة قائمة الطعام، يبحث عن أطباق تتوافق مع حساسيّته تجاه بعض الأطعمة. قبل أن نلحق به إلى هذا الفندق الفاخر في إسطنبول، على ضفاف البوسفور وتحت شمس تشرين الأوّل الجميلة، طاردناه لمدّة ثلاث سنوات.
هناك الكثير من الألغاز التي تحيط بالانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، لدرجة أنّ قائمة ما هو مؤكّد لا تتجاوز بضعة أسطر. في نهاية فترة ما بعد الظهر من يوم 4 آب 2020، اندلع حريق لم يتمّ تحديد مصدره في المستودع رقم 12 في مرفأ بيروت. وصل الحريق إلى مستودع آخر، حيث تسبّب في انفجارين، أحدهما هائل أدّى إلى مقتل 235 شخصاً وإصابة أكثر من 6,000 آخرين، وتسبّب بأضرار على بعد عدّة كيلومترات قدّرت بمليارات الدولارات. وتؤكّد نتائج التحقيق الذي أجرته فرقة متخصّصة في المتفجّرات تابعة لقوى الأمن الفرنسية، بدعوة من السلطات اللبنانية، أنّ نيترات الأمونيوم المخزّنة في المستودع الثاني هي التي انفجرت بالفعل.
من هنا، تصبح مسألة مصدر النيترات قضيّة رئيسية. وكذلك نوايا من استوردها، في خضمّ الحرب في سوريا، التي بدأت عام 2011، لأنّ نيترات الأمونيوم هي بالتأكيد سماد، لكنّ تركيبتها حسّاسة، إذ يمكن تحويلها عن هدفها الأصلي لتستخدم متفجّرات. ويستلزم شحنها اتّفاقاً بين منتج ومشترٍ، ويجب على الأخير، بناءً على تركيبة المنتَج، أن يضمن أنّه سيكون المستخدم النهائي. وبين الاثنين يوجد وسطاء لترتيب البيع ونقل البضائع.
التّاجر الرّوسيّ – الإسرائيليّ
في أيلول 2013، عندما غادرت السفينة Rhosus روسوس، وهي سفينة معطوبة ترفع علم مولدوفا، ميناء باتومي الجورجيّ في البحر الأسود، كانت محمّلة بالنيترات المعنيّة، التي أنتجتها شركة Rustavi Azot، وهي شركة جورجيّة. أمّا المشتري فهو رسمياً المصنع الوطني للمتفجّرات في موزمبيق.
إنّها طلبية مشبوهة لأنّ الشركة العامّة الموزمبيقية لم تسعَ أبداً إلى استعادة البضائع. أمّا الوسيط فهو شركة تسمّى Savaro، وهي شركة وهمية غامضة، أي أنّها تخفي مساهميها والمستفيدين منها. وهي التي قدّمت الطلب. كلّ هذه المعلومات تمّت كتابتها وروايتها بالفعل. لكنّ ما هو غير معروف أنّ مهندس الصفقة، الذي ربط بين الأطراف المختلفة، هي شركة Dreymoor Fertilizers دريمور للأسمدة.
المرّة الأولى التي استرعت فيها شركة دريمور للأسمدة اهتمامنا كانت في حزيران 2021، وكنّا في بيروت.
في مقهى على بعد خطوات من طريق الشام/ دمشق، الخطّ الفاصل القديم بين المنطقتين الشرقية والغربية من المدينة، عثرنا على الوثيقة التي قادتنا إلى تاجر الموادّ. إنّها نسخة من إذن تصدير نيترات الأمونيوم التي انفجرت في 4 آب 2020. بوليصة الشحن أو شهادة الشحن للسفينة مؤرّخة في 23 أيلول 2013 ولا تذكر شركة دريمور للأسمدة.
عند تصفّحنا الوثائق الأخرى التي جمعتها الشرطة الجورجية والتي استعدناها، عثرنا على نسخة لاحقة من هذه الشهادة نفسها، لكنّها هذه المرّة بتاريخ 27 أيلول 2013، وهو اليوم الذي غادرت فيه السفينة. عقد النقل الذي يثبت الشحنة واضح: تمّ التصدير “لمصلحة وباسم دريمور للأسمدة” Dreymoor Fertilizers. وتؤكّد وثيقة أخرى من مصلحة الجمارك الجورجية أنّ الشركة الروسيّة دفعت مبلغ 803 آلاف دولار للشحنة.
من الواضح أنّه كان لهذه الأخيرة دور مركزي في قضية النيترات، الأمر الذي يبدو أنّه أفلت بشكل واضح من فضول القضاة اللبنانيين. ولكن أيضاً من فضول القضاة الذين يبحثون، في فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في أسباب بقاء نيترات الأمونيوم لمدّة سبع سنوات في مستودع بينما تخضع ظروف التخزين لتوصيات صارمة للغاية تتعلّق بالسلامة.
سبع سنوات اختفى خلالها جزء كبير من البضاعة. وبالفعل، في بيروت، يقدّر المحقّقون أنّ 500 طن فقط هي التي انفجرت. فماذا حدث لـ2,200 طن من حوالي 2,700 طن تمّ تفريغها في عام 2013؟ هل تمّ إرسالها إلى سوريا المجاورة، حيث يستخدم المنتج على نطاق واسع من قبل المتحاربين من جميع الأطراف لصنع المتفجّرات؟
وسيط لا غنى عنه
في مجال التجارة، يتميّز الوسيط الجيّد قبل كلّ شيء بقدرته على توفير الإمدادات وجعل نفسه لا غنى عنه. ليس من الضروري أن تكون معروفاً لتكون ناجحاً. وألكسندر شيشكين رجل حذر. هو المالك الوحيد لشركة Dreymoor Fertilizers، التي أنشأها في أوائل العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين.
صرّح للعدالة السويسرية في عام 2016 أنّه يحقّق إيرادات سنوية تبلغ 1.5 مليار دولار. لا يظهر على موقع الشركة على الإنترنت أيُّ هيكل تنظيمي لها، ولا يُذكر اسمه. يمكن العثور على الآثار القليلة لوجودها في المحاكم. في الولايات المتحدة وحدها، تمّ تسجيل حوالي عشرة نزاعات تتعلّق بشركة دريمور للأسمدة Dreymoor خلال الخمسة عشر عاماً الماضية.
لا شيء غير عاديّ بالنسبة لشركة عالمية تتعامل مع آلاف الأطنان من البضائع سنوياً. كانت النزاعات بشكل أساسي نزاعات حول مشاكل التسليم أو مع شركات التأمين. وانتهت معظمها بتسويات ودّية سرّية. وفي كلّ مرّة، كان يتمّ تمثيل الشركة بواسطة محامين بارزين أو مديرين إقليميين.
على الرغم من أنّ ألكسندر شيشكين يقيم في موسكو، وأنّ معظم الموظّفين الذين حدّدناهم هم من الروس، إلا أنّ الشركة مسجّلة في سنغافورة ولا يوجد أيّ شيء يربطها بروسيا. الأمر بسيط: حتى وقت قريب، لم يكن هناك أيّ ذكر لمؤسّسها على الإنترنت. ومن خلال الاحتماء خلف شخص مشهور يحمل الاسم نفسه، نائب روسي يظهر عند كتابة اسمه في محرّك البحث، يستطيع التاجر مواصلة أعماله بشكل سرّي، حتى اليوم الذي دخل فيه قبل عامين فجأة إلى دائرة الضوء.
انكشاف وجهه في محكمة فرنسيّة
تمّ استدعاء ألكسندر شيشكين للمثول أمام محكمة نانسي في لورين في تشرين الثاني 2022 للإدلاء بشهادته ضدّ ديمتري مالينوفسكي، رجل الأعمال الأوكراني الذي دفع له 13 مليون يورو مقابل شحنة من الأسمدة لم يتسلّمها أبداً. أدلى بشهادته عبثاً. ولم يمنحه القضاء الفرنسي وضع الضحيّة، معتبراً أنّه لم يثبت أنّ ديمتري مالينوفسكي استخدم الأموال لشراء قصر دو لاروشيبوت في منطقة بورغوندي الفرنسية، كما في قلب المحاكمة بتهمة “غسل الأموال” التي كتبت عنها مجلّتنا ” XXI في 21 آذار 2024 بعد متابعات وتقلّبات ومنعطفات غريبة.
كان ظهور شيشكين من الظلّ بمنزلة أمر من العناية الإلهية. بفضل الرسّام القضائي الذي حضر جلسة الاستماع، أمكننا أخيراً وضع وجه لهذا الاسم. ومن خلال إحدى رسوماته، قمنا بمقارنة وجهه بعدّة صور تمّ جمعها من شبكات التواصل الاجتماعي بفضل تسريب بيانات شخصية نظّمها مواطنون روس على شبكة الإنترنت المظلمة.
الفصل الثّاني: في إسطنبول
حين التقيناه كان تماماً كما تخيّلناه. لم يرتدِ الرجل النحيف البالغ من العمر ستّين عاماً، بدلة كما في رسم الفنّان القضائي، لكنّه يحمل المظهر المتجهّم نفسه، وله بشرة مائلة إلى الاحمرار وشعر أبيض مصفّف على الجانب. كان أشبه برموز هؤلاء الأثرياء السلاف الذين نلتقي بهم في القصور الأوروبية، في الريفييرا الفرنسية أو في منتجعات التزلّج الراقية: قميص Dolce & Gabbana ضيّق، وبنطلون جينز، وحذاء رياضي، وهاتف ذكيّ ضخم في يده.
التقينا به في فندق كمبينسكي في إسطنبول. قصر رائع على ضفاف البوسفور حيث يتصرّف شيشكين كأنّه زبون دائم. وافق أخيراً، بعد تحفّظ شديد، على رؤيتنا لأنّه لا يزال مستاءً للغاية من ديمتري مالينوفسكي، رجل الأعمال الأوكراني الذي يدين له بمبلغ 13 مليون يورو، والذي على الرغم من الحكم عليه عند الاستئناف في ربيع عام 2024، فإنّ التاجر الروسي لم يحصل على حقّه ولم يسترد أمواله بعد.
تبدأ المحادثة بشكل طبيعي عن عدوّه الشخصي، ويقول بغضب: “لديّ شهادة في علم النفس، ويمكنني أن أقول لكما إنّ الرجل مريض نفسيّاً. لقد احتال على كلّ من عمل معه وأحبّ ذلك. لقد اشترى موقعاً سياحياً، وقلعة مشهورة، ومن الغباء تماماً القيام بذلك. لكنّ هذا ليس غباء، إنّه مرض نفسيّ”.
لا يتذكّر قضيّة المرفأ… ولكن
مع تناول الحبّار، يصبح رجل الأعمال أكثر طلاقة، حتى ينحرف الحديث إلى مرفأ بيروت وتلك الصفقة المتعلّقة ببيع النيترات. يتجهّم وجهه. “لا أتذكّر ذلك”، يقول. نصرّ على السؤال، فيغضب: “إذا أتيتما للحديث عن هذا، فسنتوقّف فوراً. اعتقدت أنّها مقابلة حول مالينوفسكي. فإذا كان ذلك عن شركة دريمور Dreymoor، فلا أحتاج إلى دعاية”.
يقول مارك تايلور، الخبير في القانون الدولي والعقوبات، إنّه “إذا كانت شركة Savaro سافارو شركة واجهة صوريّة، فإنّ المسؤولية تقع على عاتق المالكين الحقيقيين. إنّ الوثائق التي تمّ الحصول عليها تشير إلى أنّ شركة Dreymoor دريمور لاعب رئيسي، وعليها تقديم الإجابات”.
بالإضافة إلى الجانب القانوني، شركة ألكسندر شيشكين هي بلا شكّ في قلب الصفقة التي يحاول المحقّقون في جميع أنحاء العالم فهمها. ومع ذلك، يصرّ التاجر الروسي على إقناعنا بأنّه بالكاد يعلم بما حدث: “نحن شركة دولية، ولا أرى سبباً للتشكّك في معاملاتنا. ليست لدينا أيّ علاقة بذلك”.
هل يمكنه إخبارنا بالمزيد عن شريكه الجورجيّ، الشركة المصنّعة Rustavi Azot روستافي أزوت؟
يقول إنّها “تنتج أسمدة زراعية يمكن استخدامها لصنع متفجّرات، لكنّها ليست متفجّرات في حدّ ذاتها. هناك شهادة بعدم كونها للتفجير”.
شيشكين يحمّل سلطات الموانئ اللبنانية مسؤولية الانفجار. “هذا المنتج آمن إذا لم تضعه بالقرب من النار… وهو ما حدث على ما يبدو في بيروت بحسب ما قرأته في الصحافة”.
السّفينة الحطام “روسوس”
يحدث تحوّل غريب في الوضع. فهو الذي قال إنّه لا يعرف شيئاً عن الشركة اعترف: “كان لديّ 10% من الأسهم قبل سنوات، لكن كان ذلك استثماراً، من دون حقّ (في القرار)”، وبأنّه منذ ذلك الحين التزم شراء الأسهم من قبل العملاق الهندي Indorama إندوراما، والارتباط بالشركة الجورجية فقط من خلال اتفاقية شراء، وهي شراكة يمكن بموجبها شراء البضائع قبل إنتاجها بهدف إعادة بيعها.
استأجر السّفينة أم لا؟
عادةً ما يعود اختيار السفن إلى الشركات التجارية. ومع ذلك، في الحالة التي تهمّنا، كانت السفينة جزءاً لا يتجزّأ من المشكلة. كانت سفينة روسوس أشبه بحطام عائم. كيف يمكن تفسير اختيار هذه السفينة لرحلة تمتدّ لآلاف الكيلومترات، كما كان مخطّطاً في البداية؟
إذا صدّقنا الوثائق الرسمية، كانت السفينة، التي كان من المفترض أن تعبر البحر الأسود ثمّ تمرّ عبر قناة السويس إلى السواحل الموزمبيقية، لا تزال على القائمة السوداء للسفن العالية المخاطر من قبل السلطات الجورجية في العام السابق. بل ومُنعت من دخول جورجيا لسنوات. ولم يكن مفاجئاً أنّه عند مغادرتها البلاد مع نيترات الأمونيوم، بدأت مشاكلها التقنية تتزايد، إلى أن وصلت قبالة بيروت وتمّ اتخاذ قرار التوقّف لفترة أطول، بمبرّر رسمي هو شحن آلات خاصّة بالزلازل. يُزعم رسميّاً أيضاً أنّ هذه العمليّة تسبّبت بأضرار كبيرة جداً للسفينة “روسوس” بحيث لم تتمكّن من المغادرة. لذا تمّ عندئذٍ تنظيم تفريغ النيترات.
عند مقاربتنا هذا الموضوع، كانت ردّة فعل محاورنا مباغتة وعنيفة. نفى تماماً أنّه اختار السفينة. بينما في بداية الغداء، عندما سألناه عن دور شركته في الصفقة، كان حازماً: “نحن نستأجر السفينة، لذا نشتري المنتج، ونعدّه للنقل”، موضحاً أيضاً أنّه في بعض الحالات تقوم شركته بتخزين المنتجات قبل إعادة بيعها، “خصوصاً في البرازيل”.
لكن عندما انحرفت المحادثة نحو انفجار مرفأ بيروت، أصبح أكثر تردّداً. “هذه ليست مشكلتنا، لكن وفقاً لما قرأته في الصحافة، تحطّمت السفينة. ومثل جميع الآلات في العالم، تميل السفن إلى التحطّم من وقت لآخر”. ثمّ اتّهم الإدارة اللبنانية مرّة أخرى: “هذه ليست مشكلة سفينة، بل هي مشكلة سلطات مرفأ بيروت التي لم تتصرّف كما ينبغي.”
في هذه المرحلة من اللقاء، فقد ألكسندر شيشكين هدوءه بشكل نهائي. جمع أغراضه، وجلس على حافة كرسيّه، مستعدّاً للمغادرة وتركنا. استغللنا الدقائق الأخيرة لنسأله عن شركة سافارو، المشتبه بها الرئيسية في مختلف التحقيقات القضائية الجارية.
مؤامرة كبيرة؟
في عام 2022، وفي خضمّ التحقيقات حول انفجار المرفأ، تمكّنت العدالة البريطانية من منع المسؤولين عن شركة سافارو من تصفية شركتهم. وطالبت المحكمة العليا بالكشف عن مالكيها الحقيقيين، لكن دون جدوى. في شباط 2023، حكمت المحكمة أيضاً بتعويض أربع عائلات من الضحايا الذين قدّموا شكاوى. ومع ذلك، لا يزال الغموض يحيط بالوظيفة الحقيقية لشركة سافارو.
“لم ألتقِ بهم أبداً، لكنّني أعرف بوجودهم. هؤلاء الأشخاص كانوا، على ما أعتقد، يعملون في مجال الأسمدة، لكن على الأرجح بكمّيات صغيرة”، يواصل شيشكين التأكيد، على الرغم من أنّ شركته قد تعاملت معهم، وأنّه قبل بضع دقائق كان يؤكّد لنا أنّه يقوم بشكل منهجي بإجراء تحقيقات أوّلية حول شركائه التجاريّين.
بعد ساعتين من النقاش المتوتّر، نهض التاجر الروسي، وحمل كيساً بلاستيكياً ومحفظة جلدية صغيرة، وقال بغضب: “أنتما تبحثان عن قطّة سوداء في غرفة مظلمة، لكن لا توجد قطّة… أفهمكما. أنتما صحافيان تريدان العثور على قصّة مثيرة. حتى إنّني يمكنني تتبّع مسار تفكيركما، خاصة بعد ما حدث. نعم… أعني، خاصة أنّني مواطن إسرائيلي، منذ عام 2017… يبدو وكأنّ هناك مؤامرة كبيرة، كبيرة جداً، لكن بالطبع ليس الأمر كذلك.”
شعر بالنّدم
لكنّ الأمر المؤكّد هو أنّ الأدلّة، التي جمعناها حول دور الشركة في جورجيا، تفتح آفاقاً جديدة أمام التحقيقات القضائية التي كانت متوقّفة منذ عامين. وسواء كان شاهداً بسيطاً أو أعطى الأمر بنقل النيترات فقط، سيكون من المستحيل توضيح لغز انفجار 4 آب 2020 من دون ألكسندر شيشكين وشركته دريمور للأسمدة.
“كلّ ما يمكن الكشف عنه هو قطعة أساسية لإكمال اللغز وتحقيق الحقيقة والعدالة”، هذا ما تأمله تانيا، المحامية اللبنانية التي فقدت زوجها في الانفجار”.
في الشهر نفسه، قُتل مصوّر مرخّص من الجيش اللبناني كان يتولّى إعداد التقارير في المرفأ قبل الانفجار بأربع رصاصات من مسافة قريبة. وتمّ ارتكاب جريمة اغتياله قبل أيام قليلة من مغادرته إلى كندا، التي كان يخطّط الهجرة إليها بعد تلقّيه تهديدات. وأخيراً، في 3 شباط 2021، قُتل المثقّف والناشط اللبناني لقمان سليم في سيّارته، مثقوباً بستّ رصاصات، مرّة أخرى من مسافة قريبة. وهو ناشط شيعي شجاع أشار بشكل خاصّ بأصابع الاتّهام إلى “الحزب”، عدوّه السياسي لسنوات، باعتباره المسؤول عن انفجار المرفأ” (15 كانون الأوّل 2024).
إيمان شمص - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|