الحرس الوطنيّ يبصر النّور في السّويداء .. كيف يؤثّر ذلك على العلاقات مع دمشق ؟
برّاك يحمل كلمة السرّ: "اليونيفيل". إلى أين؟
أسبوع حاسم على خط مصير قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان "اليونيفيل"، سينهي بالتأكيد مرحلة تتكرر سنويًا منذ صدور القرار الأممي 1701 عام 2006. ففي المعلومات ستتواصل المداولات في الأيام المقبلة من دون أن يتحدد حتى الساعة موعد نهائي لجلسة مجلس الأمن التي ستخصص للتصويت على القرار وقد يمدّد حتى يوم الجمعة.
وهكذا، فإن مصير "اليونيفيل" عالق بين ضغط إسرائيلي كبير ورغبة في إنهاء مهامها فورًا من جهة، ومعركة دبلوماسية قاسية يقودها لبنان بدعم فرنسي لإبقاء هذا الوجود على ما هو عليه من جهة أخرى.
مصدر دبلوماسي رفيع المستوى واكب عمليات التجديد لـ "اليونيفيل" في السنوات السابقة، أكد لـ "نداء الوطن" أنه لم يعد النقاش في مجلس الأمن تقليديًا حول "تجديد روتيني" للتفويض، بل بات محكومًا بمناخ سياسي وأمني مستجدّ، يتصدّره مطلب أميركي مشدّد، ومقترح فرنسي يسعى إلى الحفاظ على التوافق الدولي وتفادي الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة داخل مجلس الأمن أو على الأرض.
التأجيل: ربط التجديد بالوساطة الأميركية
ما يعكس المعركة الطاحنة على "اليونيفيل"، تأجيل التصويت في جلسة مجلس الأمن. وكشف المصدر الدبلوماسي أن التأجيل مرتبط مباشرة بجولة المبعوث الأميركي توم برّاك ترافقه مورغان أورتاغوس على المسؤولين اللبنانيين في بيروت، علمًا أن وفدًا أميركيًا رفيعًا سيرافق برّاك ويضمّ السيناتور الأميركي البارز ليندسي غراهام والسيناتور جين شاهين وشخصيات عسكرية أميركية رفيعة. وسيناقش برّاك الردّ الإسرائيلي على ورقته، والردّ اللبناني المضاد، وما يمكن أن يشكل "صفقة شاملة" تشمل وقف النار وترتيبات الجنوب ومصير "اليونيفيل".
هذا الربط يؤكد أن مسألة التجديد لم تعد شأنًا تقنيًا بحتًا، بل أصبحت جزءًا من مقايضات سياسية وأمنية أوسع قد يضطر لبنان إلى تقديم تنازلات فيها مقابل الحفاظ على وجود دولي يردع أي فراغ.
وما يطرح أكثر من علامة استفهام، بقاء الوضع الميداني على حاله في الجنوب: احتكاكات متكرّرة بين دوريات "اليونيفيل" و "حزب اللّه" تحت ستار الأهالي، وتوجّس متزايد من تحركات غير منسّقة مع الجيش. فمنذ 5 أيام وفي عزّ احتدام المواقف الدولية حول مصير القوة الدولية، تعرّضت قوة من "اليونيفيل" لاعتراض من قبل ما يسمّى الأهالي في دير سريان، حيث تمّ اكتشاف نفق بطول 50 مترًا يحتوي على ذخائر عدة قرب القصير جنوبي لبنان، في مشهد يوحي بأن أي تعزيز لصلاحيات "اليونيفيل" سيصطدم على الأرض بواقع صعب قد يصل إلى مواجهات.
هذا الأمر يؤخذ بكثير من الجدية في المفاوضات الجارية. وفي المعلومات، لا تزال الولايات المتحدة تصرّ على إدخال تعديل جوهري على الاقتراح الفرنسي الرامي إلى التمديد، بحيث ينصّ صراحة على أن تبدأ قوات "اليونيفيل" انسحابها التدريجي من جنوب لبنان في الأول من أيلول 2025، على أن تنجز انسحابها التام في 31 آب 2026.
هذا الطرح يعني عمليًا إنهاء مهمة "اليونيفيل" بعد نحو عقدين من انتشارها. واشنطن برّرت مطلبها بفشل القوة الدولية في منع تعزيز قدرات "حزب اللّه"، ورأت أن الوقت حان لتحميل الجيش اللبناني المسؤولية الكاملة عن أمن الجنوب. وبحسب المصدر الدبلوماسي، استخدمت الولايات المتحدة آلية "كسر الصمت" داخل مجلس الأمن، أي وقف المسار الذي كان سيوصل المقترح الفرنسي إلى التصويت، وإبقاءه في دائرة النقاش والتعديل.
في المقابل، الموقف اللبناني يظهر إجماعًا على دعم التجديد السنوي لـ "اليونيفيل" باعتبارها "عنصر استقرار وصمّام أمان" ضد التصعيد. وتتمسّك بيروت بأن يبقى التفويض ضمن الإطار الذي حدّده القرار 1701 واتفاقية وضع القوات (SOFA)، أي أن تتحرك "اليونيفيل" بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وقد سبق للبنان أن خاض معارك دبلوماسية معقدة في 2022 و 2023 لإبطال أو تعديل نصوص سمحت لـ "اليونيفيل" بالتحرّك من دون إذن مسبق.
المقترح الفرنسي: تسوية مرنة مشروطة بالجيش
في المقابل، فرنسا بصفتها "حاملة القلم"، لا تزال تحاول تمرير مشروع قرار يمدّد لـ "اليونيفيل" سنة كاملة، على أن يرتبط مستقبل وجودها بمدى قدرة الجيش اللبناني على الإمساك بالجنوب. وتقوم الصيغة الفرنسية على:
• الإبقاء على عديد القوة الحالي (10 آلاف جندي).
• إدخال تحسينات تقنية (مسيّرات، مراقبة ليلية).
• التشديد على التنسيق مع الجيش اللبناني.
المقترح الفرنسي بدا بمثابة جسر توازن: لا ينهي مهمة "اليونيفيل" فجأة كما تريد واشنطن، لكنه يضع مسارًا تدريجيًا يؤدي إلى تقليصها لاحقًا، شرط تفعيل دور الجيش اللبناني.
الفصل السادس أم السابع؟
أمام هذه المعارك الدبلوماسية الجارية، لا يمكن التغاضي عن نقاش قانوني يجري في الكواليس حول إمكان نقل التفويض من الفصل السادس إلى السابع. لكن معارضة لبنان وروسيا والصين، وتحفظات فرنسا والدول المشاركة في "اليونيفيل"، تجعل هذا السيناريو مستبعدًا. والبديل الأكثر واقعية يبقى في تعزيز القدرات التقنية للقوة ضمن ولايتها الحالية، وربط فاعليتها بالتعاون مع الجيش اللبناني.
وهكذا، فإن التجديد لـ "اليونيفيل" محفوف بالمقايضات وأصبح استحقاقًا سياسيًا بامتياز. ولبنان الحلقة الأضعف، يجد نفسه أمام مساومات دولية قد تجعله مضطرًا لتنازلات في الملف الحدودي أو في ضبط سلاح "حزب اللّه"، مقابل استمرار المظلة الدولية في الجنوب.
في النهاية، لا أحد يريد فراغًا أمنيًا على الخط الأزرق. لكن شكل وجود "اليونيفيل" بعد آب 2025 لن يكون كما قبله، بل خاضعًا لتوازنات دولية وإقليمية دقيقة، ولحسابات أميركية – إسرائيلية باتت ترى في هذه القوة عبئًا أكثر منه ضمانة، في مقابل رؤية لبنانية تعتبرها آخر خطوط الدفاع عن الاستقرار.
نخلة عضيمي-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|