رحيل السوريين… تحدٍ لأصحاب المهن وفرصة للعمالة اللبنانية
تُعدّ ظاهرة رحيل الكثير من السوريين من لبنان إلى بلادهم بعد سنوات من الصراع والأزمات المتعددة، خصوصاً بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، احدى التداعيات التي يمكن أن تترك آثاراً واضحة على العديد من المهن في لبنان، حيث شهد سوق العمل تغيرات نتيجة تقلّص العمالة السورية، وأصبح أصحاب المهن في مواجهة تحديات جديدة، لأن أجور العمال السوريين كانت منخفضة مقارنة بأجور اللبنانيين، لا سيما أن غالبيتهم تعمل في قطاعي الزراعة والبناء.
وبعد القيام بجولة ميدانية على عدد من أصحاب المهن الذين تحدثوا عن تأثير رحيل السوريين على أوضاعهم المهنية. وقال عادل، الذي يملك مطعماً شعبياً، إنه شهد نقصاً في اليد العاملة بعد رحيل السوريين، الذين “كانوا يشكلون جزءاً كبيراً من طاقم العمل لدينا، خصوصاً في خدمات المطبخ. ومع رحيلهم، أصبح من الصعب العثور على عمال أجرهم رخيص، واللبنانيون يطلبون أجوراً أعلى، ما قد يؤثر على تكلفة التشغيل لدينا.”
أما ليلى التي تعمل خياطة في بيتها، فكانت تستعين بامرأة سورية تساعدها في أعمال الخياطة، وأوضحت أنه “بعد مغادرة العاملة لدي مع زوجها إلى سوريا، زاد الضغط عليّ، ولم أعد قادرة على استقبال طلبات كثيرة في اليوم. العاملات اللبنانيات يطلبن أجوراً مرتفعة، وهذه مهنة ليست مربحة الى حد كبير خصوصاً لمن يعمل مثلي في المنزل”.
وفي مجال التنظيف، على الرغم من سيطرة العمالة الأجنبية عليه، سواء من الفليبين أو بنغلادش، فضّل البعض الاستعانة بالعمالة السورية بسبب الأجر المنخفض للساعة الواحدة مقابل الساعة التي يتقاضاها العمال الأجانب والذين باتوا يرفعون الأسعار نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، ويتقاضون بين 8-10 دولارات للساعة الواحدة بينما غالبية العمال السوريين تتقاضى بين 4-5 دولارات في الساعة”.
الى ذلك، لا تزال غالبية بائعي الفواكه والخضار على البسطات موجودة وهي من الجنسية السورية، وأجمعت على أنّ الأوضاع في سوريا ما زالت غير مستقرة وعملها هنا مستمر بصورة سليمة، وتجني الأرباح يومياً خصوصاً أنّ الخضار والفواكه أكثر ما يتم استهلاكه.
أما على مستوى القطاع السياحي، فمن الواضح أنّ عودة معظم العمالة السورية لن تؤثر على المؤسسات السياحية التي يمكنها تشغيل عمال من جنسيات أخرى.
وشدد أصحاب بعض المحال التجارية وهم سوريو الجنسية على بقائهم في لبنان كونهم استقروا فيه منذ سنة 2011، وهم قادرون على إعالة عائلاتهم ودفع إيجار محالهم. وقال صاحب محل يدعى يوسف: “أصبحنا جزءاً من البلد وبتنا نشارك عاداته وتقاليده وعشنا أزماته وحروبه أيضاً، في أسوأ حالاته بقي وضع لبنان أفضل من الوضع الذي كانت عليه سوريا، لذلك نحن قررنا البقاء بعدما أسسنا حياة جديدة هنا”.
الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أشار إلى أنّ “رحيل معظم السوريين سيترك أثراً واضحاً على سوق العمل اللبناني. فالسوريون كانوا يشكلون نسبة كبيرة من العمالة في قطاعات أساسية مثل البناء، الزراعة، والخدمات، بحيث اعتمدت هذه القطاعات بصورة كبيرة على الكلفة المنخفضة والمرونة التي وفرتها هذه العمالة. بغيابهم، قد يواجه بعض المهن صعوبة في العثور على بدائل بالكفاءة نفسها أو بتكاليف مماثلة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الكلفة التشغيلية ويزيد الضغط على أصحاب المهن. هذا التغيير ربما يدفع بعض القطاعات الى إعادة النظر في استراتيجياته التشغيلية، ما قد يكون إيجابياً على المدى الطويل إذا أدى إلى تحسين الأجور والظروف”.
ومن ناحية امكان توافر فرص العمل أمام اللبنانيين، قال أبو سليمان: “فرص العمل أمام اللبنانيين قد تزداد فعلاً، خصوصاً في الوظائف التي كان السوريون يشغلونها. لكن السؤال الأساسي هو: هل اللبنانيون مستعدون للقبول بهذه الفرص؟ العديد من اللبنانيين ابتعد عن بعض القطاعات بسبب ضعف الرواتب وظروف العمل غير الجاذبة. وإذا تمكنت الدولة أو القطاع الخاص من تحسين هذه الظروف ورفع مستوى الأجور لتكون أكثر تنافسية، فقد يشهد السوق عودة للعمالة اللبنانية إلى هذه القطاعات، كما أن تعزيز التدريب المهني ودعم الشباب لدخول المهن الحرفية يمكن أن يساهم في تقليل الفجوة التي سيتركها غياب العمالة السورية”.
لبنان الكبير - تالا الحريري
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|