الهوس بـ”النصر الشامل” يدمر إسرائيل
خلص مقال في موقع “ميدل إيست آي” إلى أن الهوس الصهيوني بفكرة “النصر الشامل” قد يؤدي إلى تدمير إسرائيل من الداخل. وربط هذا التدمير بتعمق الانقسامات السياسية غير المسبوقة في إسرائيل والسياسات الاقليمية العدوانية وبتآكل شرعية القيادة إلى جانب التحولات الثقافية والأيديولوجية.
ووفقاً للمقال، “في الوقت الذي اعتادت فيه النخب الصهيونية إخفاء جرائمها بالبراعة الديبلوماسية، تهدد غطرستها اليوم بالتدمير الذاتي لكيان إسرائيل. فمع تعليق نجاح أو فشل صفقة الرهائن بين إسرائيل وحماس، بلغت التوترات الداخلية داخل الصهيونية مستويات غير مسبوقة. ولم يسبق أصلاً أن اختبرت إسرائيل حالة سابقة أصبحت فيها قضية الرهائن الاسرائيليين قضية سياسية داخل المجتمع الاسرائيلي.
وهذه المرة، لم يقتصر الخلاف على القيادة السياسية فحسب، بحيث عبّر زعماء اليمين علانية عن استعدادهم للتضحية بالرهائن من أجل مكاسب عسكرية، بل على أسر الرهائن أيضاً والذين تحولوا بدورهم الى هدف وتعرضوا للهجوم من المارة في عدة مناسبات. وفي حين أن الانقسامات السياسية والاجتماعية موجودة منذ فترة طويلة داخل المشروع الصهيوني، تعمقت الأزمة بصورة كبيرة وبدرجة تجبر على إعادة تعريف الصهيونية نفسها.
ويعكس هوس الصهيونية أزمة مجتمعية وأيديولوجية عميقة ويثير تساؤلات حول مستقبل الحكم في إسرائيل، خصوصاً في ضوء جهود الاصلاح القضائي المستمرة من اليمين المتطرف. وتأتي هذه الأزمة الوجودية في وقت تزعم فيه إسرائيل أنها تعمل بنشاط على إعادة تشكيل الواقع الاقليمي.
وتشمل إعتداءات إسرائيل المستمرة دفع الحدود الاقليمية إلى داخل لبنان على الرغم من شروط اتفاق وقف إطلاق النار والتعدي على جنوب سوريا وسط انهيار نظام بشار الأسد. كما تصر على تعميق موطئ قدمها بصورة منهجية في غزة. وتشير هذه الخطوات إلى استراتيجية أوسع للتوسع.
وفي المقابل، يبدو أن أزمة الرهائن الاسرائيليين باتت ثانوية لحكومة الحرب، ورواية التضحية بهم من أجل المكاسب العسكرية باتت حقيقة مقبولة. وعلى أي حال، لا تعتبر فكرة التضحية بالرهائن من أجل ميزة عسكرية جديدة في الايديولوجية الصهيونية. فهي تعود الى “بروتوكول هانيبال” سيئ السمعة، والذي سمح بقتل الجنود الأسرى بدلاً من التفاوض على إطلاق سراحهم.
واليوم، تتجلى روح هذا البروتوكول بالإبادة الجماعية المستمرة في غزة، حيث يتم التضحية باستمرار بـ “الرهائن المدنيين” الذين فشلت الدولة في حمايتهم على الرغم من المفاوضات لإطلاق سراحهم. وينبع هذا التحول من إعادة تعريف اليمين للرموز الثقافية الاسرائيلية، وتبني أخلاقيات أسبارطية لتكييف المجتمع مع الحرب الدائمة.
ويدعم الاسرائيليون الإبادة الجماعية في غزة على نطاق واسع، غير مدركين لأثمان هذا المسار الباهظة. ومن خلال التمسك بالسياسات المدفوعة بالانتقام، لا يقترب المجتمع الاسرائيلي من التفكك فحسب، بل ويخاطر أيضاً بعواقب دولية مدمرة.
وكان وزير الدفاع السابق ورئيس الأركان العسكرية، موشيه يعلون، من الأصوات القليلة التي حذرت من هذا المسار، مشيراً إلى أن الوضع الحالي ينذر بـ “تدمير الهيكل الثالث” لاسرائيل، وذلك من خلال تآكل شرعيتها وتحويلها إلى دولة منبوذة تثير الاشمئزاز العالمي.
وبعد مرور خمسة عشر شهراً على هذه الحرب، بدأ المجتمع الاسرائيلي يفهم الأثمان المترتبة عليه. وبعيداً عن موضوع الرهائن، يواجه الاسرائيليون مستوى معيشة متدهوراً وتدابير تقشف اقتصادي شاملة في ميزانية 2025، ومقاطعات دولية واشمئزاز عالمي. وتنذر الحملات العسكرية المتوسعة بسنوات من الصراع الاضافي والتكاليف المتزايدة. كما أن التعريف الجديد للنصر، والذي يتجذر بحروب الاستنزاف المطولة والتنمر الاقليمي، يقوّض التحالفات السياسية التي دعمت بقاء إسرائيل في البداية.
ولم تعد الفجوات بين قيادة إسرائيل وجمهورها سياسية فحسب بل تنم عن شقوق أساسية داخل الصهيونية نفسها. ومع التحول نحو سياسات اليمين المتطرف، خلقت فجوة بين ما تعد به الصهيونية وما تقدمه. ويجسد شعار النصر الكامل هذه الفجوة بامتياز بحيث يرتبط التعريف الجديد للنصر بحروب الاستنزاف المطولة والتنمر الاقليمي. كما أن الهوس باستعادة الردع بأي ثمن يؤدي الى تمزيق المجتمع الاسرائيلي ويفتح الأبواب لحرب بلا نهاية”.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|