وصايا الإمام ونوايا قبلان وقاسم
في مسألة تسليم سلاحه، يُغلِّب "حزب الله" الصوت الديني على الصوت السياسي. كأن المُسوِّغ السياسي مفقود، ولا بد من استرجاع "كربلاء"، على قولة الشيخ نعيم قاسم، واعتبار الشيعة طائفة خصّها الله بالمقاومة، على قولة المفتي الجعفري أحمد قبلان. كيف لم ننتبه أن الحرب تدور بين "شعب الله المختار"، "وأخصاء الله". وعندما يدّعي داعٍ أن له منزلة مختصة من الله، فالمنطق يفرض أننا نحن اللبنانيين من يحتاج إلى طمأنة ومراعاة، وليس من جعل نفسه "سلاح الله".
نبيه بري كان يمكن أن يخفف من غلواء الخطاب الديني في هذه المعركة كونه رجل سياسة، لكن يبدو أن السياسة أسرَّت في أُذنه: اكتفِ بالتسريبات، فأنت كنت قبلهم وباقٍ بعدهم، حتى لو استرد الله وديعته، على ما جزم محمد رعد. نحن في مواجهة يُراد أن تكون طائفية، وإلا لماذا يوجد مفتٍ يختص بالرد على بطريرك.
في التاريخ سوابق عن ثورات قام بها شيعة وانتهت بأن حَكَمَ أهل السنة. من ثورة العباسيين على الأمويين إلى "ثورة العشرين" في العراق. النتيجة أن العباسيين وهم من "أهل البيت" ما إن استقروا حتى أذاق بعض خلفائهم مر العذاب للشيعة. و"ثورة العشرين" انتهت بمملكة هاشمية على المذهب السني. كان ذلك في الماضي السحيق وبدايات القرن العشرين. ثم أنعم الله على الشيعة، بمرجعيات وعلماء، درسوا التجارب ومآسيها، ورفضوا أن يكرر التاريخ نفسه.
اليوم أبرز مرجع للشيعة الإمامية هو السيد علي السيستاني، الذي يوم احتل الجيش الأميركي العراق عام 2003، التقط اللحظة التاريخية ودعم العملية السياسية التي جعلت من منصب رئيس الوزراء الشيعي مركز الحكم للمرة الأولى منذ قرون. للأسف اليوم سلطة "الولي الفقيه" الإيراني هي التي تعبث بالعراق ودول المنطقة، خصوصًا أن السيد السيستاني آثر عدم التدخل في متاهات السياسة رغم أن كلمة منه تهز العراق وما أبعد من العراق.
وكما قُدِّر للعراق مرجعية تاريخية كالسيستاني، قُدِّر للبنان الإمام محمد مهدي شمس الدين، الذي لو أطال الله بعمره لكُتِبَ للشيعة اللبنانيين مصيرٌ أَبعَدَهُم عن هذا الانغماس العنفي والميل إلى الاحتراق السياسي، اللذين يجره إليهما "حزب الله" الفصيل المكلف بتصدير الثورة الإسلامية في إيران. الإمام شمس الدين كأنه استَشَفَّ الشطط عند "حزب الله"، فكانت آخر وصاياه على فراش المرض هذه الوصية "أوصي أبنائي إخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تميز خاص، وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعًا خاصًا يميزهم عن غيرهم".
ليس المطلوب أن ينتصر أحد على أحد في لبنان، المطلوب أن تنتصر وصايا الإمام محمد مهدي شمس الدين على نوايا الشيخ قاسم والمفتي قبلان. بمعنى أن الإصرار على "مذهبة" تسليم السلاح، باطل بشهادة إمام يتقدم في شؤون المذهب الشيعي على شيخ ومفتٍ.
أمجد اسكندر -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|