ميشال عون ملك الإحساس
بين وائل كفوري ووائل جسّار، أيّ منهما ملك الإحساس وأيهما ملك الرومنسية؟ دائماً يختلط عليّ الأمر كما أجدني في حيرة قاتلة إن سُئلت أي إطلالة تستحق موركس الديفا الأكثر جرأة، والمقصود بالـ "جريئة" الفستان الشفاف على قامة ممشوقة، أو ذاك المفتوح عند الظهر نزولاً إلى الهاوية، أو تلك المساحة المكشوفة في منطقة الصدر المتنازع عليه، أو الشق الطالع من سطح الأرض وصولاً إلى خط النار ناهيك عن أقصر ما يطاله الخيال من تنانير.
في السياسة، الصرامة. الصراخ. السقوف العالية. إثارة الزوابع. الشتائم. تهشيم الخصم. تطاير الواح طاقة ودشات وأغطية خزّانات "بين سطوحي وسطوحك"، بوادر عراك وشيك في الأستوديو. كلها تندرج في إطار الإطلالات الجريئة المتخطية قواعد التخاطب. لا إغراء. لا فتحات ولا من يفرحون.
في السياسة أيضاً وأيضاً، كما في الفن وأكثر، نلمس كل يوم أحاسيس مرهفة تجاه قضايا مثارة.
فـ"حزبُ الله"، نعيماً ونائب نعيمٍ ونوّاباً في البرلمان اللبناني وقادة ورموزاً وصنّاع محتوى حسّاسون جداً حيال كل ما يخدش حرية التعبير، وحيال كل تدبير أمني، في مطار رفيق الحريري الدولي، يعيق تدفّق السيّاح الإيرانيين والحوثيين والأموال الشديدة النظافة. حسّاسون حيال مشاهد العنف وأخبار أقبية التعذيب في سورية الأسد. حسّاسون حيال الطفولة. أسمعوهم مرة أغنية "ضاع شادي" يصابوا باكتئاب شديد لسنة ويذرفون في خلالها الدموع أنهاراً.
وليد بك جنبلاط يذوب إحساساً تجاه ملكات الحسن والنساء الهيف.
المايسترو نبيه بري حساس، إيجاباً، تجاه الشعر الزجلي والموسيقى والسفيرات.
الدكتور سمير جعجع لديه حساسية مزمنة تجاه فرك اليدين في حضرته ولو كان سببه لسعة نحلة شاردة في معراب.
"العيماد" ميشال عون كان لديه في آخر الثمانينات حساسية مفرطة تجاه كل الميليشيات وأركانها، ما إن يسمع باسم ميليشياوي حتى يبدأ بالـ "تعطيس". الميليشيات هي نقيض الدولة التي نادى بها العميد فؤاد عون مترجم أحلامه ورؤاه ومشروعه السلطوي. لذا باشر بحلّها بالقوة وذلك قبل إقرار اتفاق الطائف فـ"بطنجت" دواليبه وخسر حربه مع ميليشيا القوات قبل الانتقال إلى حلّ ميليشيا البعث.
ظلّ "العيماد" على موقفه المبدئي ردحاً من الزمن، إلى أن دبّ الغرام مع ميليشيا "حزب الله"، تحالف مع الميليشيا 18 سنة. فجأة عاودته الحساسية القديمة في اليوم ما قبل الأخير من العام 2024 فأعلن لا فض فوه: يجب تسليم السلاح للشرعية إذ ما من بلد يعيش بشرعيتين. صحّ النوم.
حساس ميشال عون تجاه أي قول يعتبره مسّاً بألوهيته ونصاعة كفيه وضميره ونواياه وأفعاله المقدّسة. أمس استيقظ غاضباً ليقاضي من جرح شعوره الحساس بكلمة بعد سقوط الديكتاتور.
في الفن، لقب ملك الإحساس يتناتشه غير فنان. في السياسة المسألة محسومة: ميشال عون ملك الإحساس.
عماد موسى -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|