الصحافة

رأس جبران دكّان إيران

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما أوردته "نداء الوطن" أمس من معلومات تحت عنوان "صفقة الشيطان بين باسيل و"الثنائي الشيعي"، يعيدنا مجدداً الى المربّع الأوّل من الأزمة اللبنانية. وسيذكر التاريخ أنّه في مسار هذه الأزمة منذ العام 1975، أنّ فريقاً داخلياً لعب دور "حصان طروادة" تحت جنح الظلام لمصلحة من زعم أنّه خصم له.

ويستطيع اللّبنانيون من خلال ذاكرتهم معرفة أنّ "التيار الوطني الحر" الذي أسّسه الجنرال ميشال عون وآلت اليوم قيادته الى النائب جبران باسيل هو هذا "الحصان" منذ عقود ولغاية اليوم.

تشير هذه المعلومات الى أمر جوهري يعيدنا الى العام 2005 حيث استطاع اللبنانيون في ذلك التاريخ إنجاز خطوة مشهودة تمثلت بفرض انسحاب جيش نظام بشار الأسد الذي مارس احتلالاً تحت ستار الوصاية لمدة 30 عاماً. وكان والد الأسد، حافظ، هو الذي أرسى هذا الاحتلال قرابة ربع قرن تقريباً.

وفجأة، هبط الجنرال عون المنفي في باريس منذ تسعينيات القرن الماضي، على مسرح الأحداث في لبنان عام 2005 من بوابة النظام السوري وبرعاية الامين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصرالله.

فكان "التيار" ورقة التوت المسيحية لتغطية عورة وصاية كانت سورية ثم أصبحت إيرانية.

بعد مرور 20 عاماً، هل بإمكان وريث الجنرال أن يعيد عقارب الزمن الى الوراء فيكون ورقة، "توت" أو ما يشبهها، في زمن أصبح عري المشروع الإيراني في المنطقة وليس في لبنان فقط، عصيّاً على الستر بكل أثواب العالم؟

في انتظار معرفة مآل "صفقة الشيطان" الجديدة، لا بد من مراقبة أحوال الطرف الأبرز في هذه الصفقة، أي "حزب الله".

ويشن الأخير حالياً حملة لا هوادة فيها على الإجراءات الأمنية المطبقة في مطار رفيق الحريري الدولي. وتعطي هذه الحملة فكرة عن حال "الحزب" الذي كان حاكم الجمهورية قبل حرب أيلول الماضي، فأضحى اليوم مسافراً فيها وصل على متن طائرة إيرانية ويحاول الدخول الى لبنان كما فعل منذ عقود لكن ذلك لم يعد متاحاً.

ماذا عن الطرف التالي في الصفقة أي رئيس حركة "أمل" نبيه بري؟

من المطار الذي يقع في حرم الضاحية الجنوبية لبيروت الى البرلمان الذي يقع في حرم المربع الأمني لحركة "أمل" في وسط بيروت يمكن قراءة الجواب. ويشير سجل طويل من السوابق، الى أن رئيس البرلمان الحالي الذي يتربّع فوق هذا العرش منذ 33 عاماً من دون توقف عندما يتحمس لأمر ما، كما يظهر الآن حيال الجلسة الرئاسية المقبلة، يخفي في الوقت نفسه يأساً مطلقاً من الوصول إلى نتيجة مثمرة تسفر عنه الجلسات النيابية المرتقبة.

تأتي الصفقة في عز حاجة الأطراف اليها. ففي العام 2005 عندما رحل الأسد وحضر المرشد الإيراني الى لبنان، كانت الحاجة ماسّة لغلالة غير شيعية فكانت ما وفّره ميشال عون من غطاء.

ويتطلّع "الحزب" كما فعل قبل 20 عاماً الى ما يستر انكشافه بعد انهياره في الحرب الأخيرة وهروب بشار الأسد وانسحاب النفوذ الإيراني من بلاد الشام الى بلاد فارس.

وفي ذلك العام أيضاً، اكتشف بري أنّ الغطاء السوري قد سحب من فوقه.

وتطلّع من حوله فلم يجد سوى الغطاء الإيراني الذي تمّ تطريزه بصفقة عودة الجنرال المنفي.

وبالطبع، لا نسقط طبعاً تاريخ المساكنة بالإكراه بين ثلاثي الممانعة منذ ذلك العام.

ليس هناك ما يشير الى أنّ هذا الواقع المألوف بشقّيه السوري والإيراني منذ أكثر من نصف قرن، قد تغيّر. لكن ما حصل بين أيلول وكانون الأول الماضيين، هو أنّ "حزب الله" تلقّى ضربة، هي عمليّاً قاضية بالنتائج العسكرية، وأنّ نظام الأسد انتهى إلى غير رجعة.

ونصل إلى ما هو مفيد للمقارنة بين لبنان وسوريا. في لبنان ما زال "حزب الله" مستمرّاً  بعدما حوّل ثلث لبنان إلى دمار وخراب وأماكن بؤس بفعل تفرّده بقرار الحرب. ويعود سبب بقائه إلى بقايا نتائج هيمنة إيرانية وسورية وسلطة أوصلته مع "أمل" إلى البرلمان بمصادرة كاملة لكلّ المقاعد الشيعية وتالياً، بمصادرة السلطة رأس البرلمان عبر حليفه بري. وتالياً أيضاً بمصادرة السلطة التنفيذية التي تتمثل بحكومة هي عملياً حكومة "الحزب" بلا منازع.

أمّا في سوريا، فنجحت المعارضة بإسقاط النظام الاسدي الذي كان يحتلّ معظم الجغرافيا السورية فكان أن أصبحت سوريا بعد فرار رأس النظام السابق أوسع نطاقاً جغرافياً بانضمام الشمال السوري اليها والذي كان خاضعاً ولأعوام لسيطرة "هيئة تحرير الشام" التي صارت اليوم الجهة الأولى النافذة في سوريا الجديدة.

ونمضي في المقارنة، فيتبيّن أنّ الجنوب اللبناني انتقل من محافظة إيرانية قبل أيلول الماضي الى مقاطعة خاضعة للنيران الإسرائيلية. وأتى اتفاق وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني، ليكون غطاء لهذا التبدل في هوية المكان.

وبات منذ بدء سريان الاتفاق محظوراً على "حزب الله" الوجود في هذه المقاطعة تحت طائلة المطاردة والقتل، وتثبت الحوادث اليومية واقع هذه المقاطعة. وأضحت سائر مناطق ما يسمّى البيئة الحاضنة مساحات من التيه في معضلة العيش وسط آثار حرب من غير الواضح أنّها ستمحى قريباً. وبات ناس هذه البيئة على قناعة كاملة بأنّ زمن "المال النظيف" قد ولّى الى غير رجعة.

انتهى نظام الأسد في سوريا كلياً. ويستمر نفوذ "حزب الله" في لبنان جزئياً. وتكمن معضلة لبنان حتى إشعار آخر، في بقايا هذا النفوذ وتحديداً في مربّع "أمل" في وسط بيروت. ومن المؤكّد أنّه لن يأتي في 9 الجاري رئيس للجمهورية من هذا المربّع الذي هو عملياً مربّع "الحزب". وما يحاول باسيل في هذه الصفقة فعله هو من نتاج رأس صار منذ العام 2005 دكاناً إيرانياً. وسيكون من باب المعجزات إقفال هذا الرأس والدكّان القابع فيه.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا