عن جوزاف عون الذي لن يروي الزرع في العيشيّة
كان الرئيس العماد جوزاف عون يتجنّب، أمام الكثير من محدّثيه، الخوض في مسألة الانتخابات الرئاسيّة. ظلّ، منذ طُرح اسمه قبل الشغور الرئاسي بأشهر، يتصرّف كقائد جيش ولم يلتق سياسيّاً، بصفته مرشّح، إلا قبل ساعاتٍ من انتخابه.
كان الرئيس عون يتصرّف كزاهدٍ. اعتاد، ربما، أن تأتي المناصب إليه بدل أن يسعى وراءها. سألته مرّةً عن الرئاسة، وكرّرت السؤال بصيغٍ مختلفة، بحثاً عن جواب. قال لي: إن انتخبوني كان به، وإلا حين تنتهي ولايتي كقائد جيش سأتفرّغ لريّ الزرع في بلدتي العيشيّة.
لن يروي عون الزرع، بل يعتمدون عليه كثيرون، كحلمٍ، أن يروي الآمال التي زُرعت في قلوب اللبنانيّين، منذ انتُخب، وخصوصاً بعد تلاوة خطاب قسمٍ كان تدشيناً للبنان جديد، بشّر به حين قال إنّنا أمام مرحلةٍ جديدةٍ من تاريخ لبنان.
هل يعني ذلك أنّ طريق الرئيس ستكون مزروعةً بالورود؟ أبداً. المطبّ الأوّل يبرز اليوم، من خلال الاستشارات النيابيّة، وما سبقها من شدّ حبالٍ بين الكتل، وضياع نوّاب لم يقرّر بعضهم، حتى صباح اليوم، من سيسمّون.
المطبّ الأكبر تشكيل الحكومة، وحينها ستُكشف نيّات العرقلة، وستطالب الكتل بحصص، وسيبرز تحدّي المداورة في الحقائب التي لا يجوز، بعد، أن تُكتب باسم الطوائف أو الأحزاب.
يرث جوزاف عون بلداً مثقلاً بالكوارث، بالذهنيّات والممارسة، ثمّ بالأزمات التي تعصف من الداخل ومن المحيط. وسيواجه تحدّياتٍ صعبة، من البتّ بمصير الودائع إلى النهوض بالقضاء والتشكيلات فيه ومنع التدخلات السياسيّة، إلى ملء الشواغر في الإدارات، وغيرها بعد الكثير.
قد تتوفّر القدرة على النجاح حيناً، وقد يواجه العرقلة حيناً آخر، خصوصاً أنّ المتربّصين بالعهد ليسوا قلّةً، وهؤلاء ضعفوا من دون يفقدوا قوّتهم تماماً.
لعلّ الإشارة الأبرز، للانطلاقة، هي شكل الحكومة والسرعة في تشكيلها، وعبرها سنكتشف ما إذا كان بعض الكتل سيسهّل مهمّة "تقليعة" العهد أم سيعرقلها.
ولكن، في الأحوال كلّها، من المؤكّد أنّ ما سيكون أفضل بكثير ممّا كان. والعهد المنطلق، أفضل بكثير من سلفه ومن الشغور بينهما. أعتمد على رواية أحد المقرّبين من الرئيس عون، حين أخبره، قبل انتخابه بأيّام، أنّ شخصاً ذهب إلى محلٍّ ليشتري ساعةً، فخيّره التاجر بين ساعتين، وحين عرض أمامه الأولى سارع الرجل إلى القول: سأشتري الثانية. سأله التاجر: من دون أن تراها؟ فأجابه الرجل: نعم، لأنّ ما من ساعةٍ أسوأ من الأولى.
واللبيب من الإشارة يفهم…
داني حداد - موقع mt
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|