"المال" تطمئن حاملي اليوروبوند ولا تعدهم بالتفاوض!
وافق مجلس الوزراء بالإجماع، خلال جلسته في 7 كانون الثاني (يناير) 2025، على قرار تعليق حق الدولة اللبنانية في الإدلاء بدفوع مرور زمن المهل التي تسري على مطالبات حاملي سندات اليوروبوند الصادرة عنها، وفقا لقانون ولاية نيويورك أو أي مهل أخرى، سواء كانت تعاقدية أو غيرها، حتى 9 آذار (مارس) 2028. وفوّض إلى وزير المال اتخاذ الإجراءات اللازمة أو المناسبة لتنفيذ هذا القرار، بما في ذلك تعديل شروط إصدارات سندات اليوروبوند.
توازيا، أعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل أنه "بالرغم من الأوقات العصيبة التي نعيشها، يبقى لبنان ملتزما التوصل إلى حل رضائي ومنصف لإعادة هيكلة سندات اليوروبوند". وشرح أنه "بتمديد مهل مرور الزمن، لن يضطر حاملو هذه السندات إلى اتخاذ إجراءات قانونية بسبب نفاد المهل، ريثما يشاركون في إعادة هيكلة منظمة وتوافقية لهذه السندات".
القرار وفق وزير المال "يأتي لمصلحة حاملي السندات أو الدائنين، ويمدد مهل مرور الزمن ويفسح في المجال أمام إعادة هيكلة محفظة الــ eurobond بطريقة منتظمة تنصف جميع الدائنين، وتعتبر خطوة تريحهم من رفع دعاوى قضائية ضد الدولة، وهو أمر كان متوقعا عند نفاد المهل وفي حال عدم تمديدها".
لكن البيان لم يشر إلى إمكان البدء بالتفاوض مع حاملي هذه السندات، بل كان بمثابة جرعة طمأنة للدائنين إلى أن حقوقهم محفوظة، وأن الدولة ذاهبة في اتجاه إعادة هيكلة الدين وجدولته، بما قد يؤدي إلى تحسين التصنيف الائتماني للبنان.
التفاوض مرهون بالبيان الوزاري؟
يوضح المدير العام لوزارة المال جورج معراوي لـ"النهار" أن البيان "واضح ولم يشر إلى إمكان البدء بالمفاوضات، خصوصا أن مجلس الوزراء لم يتخذ القرار بعد"، معربا عن اعتقاده أن "القرار معلق إلى حين الاتفاق مع صندوق النقد على برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي".
وإذ يجدد التأكيد أن "قرار التفاوض مع حملة اليوروبوند هو قرار من الحكومة ككل"، يقول: "يمكن أن يكون الجواب الشافي لهذا السؤال في البيان الوزاري للحكومة الجديدة".
ووفق الوزير السابق المصرفي عادل أفيوني، فإن هذا البيان هو بمثابة تخدير للدائنين وحضهم على عدم رفع دعاوى سنة 2025، لكن هذا الأمر لن يثنيهم عن مخاصمة الدولة.
ويقول: "يا للأسف، ليس لدينا أي معلومات عن تواصل بين الدولة اللبنانية وحملة اليوروبوند من أي نوع كان، ولا بوادر لأي تقدم في النقاش حتى الآن، ولا تفاوض فعليا على إعادة جدولة الديون وهيكلتها، بالرغم من مرور نحو 5 سنوات على التعثر".
في رأي أفيوني، التواصل والحوار والشفافية مع حملة اليوروبوند هي "أضعف الإيمان وضرورية جدا مهما تكن التحديات، والتقاعس خطأ جسيم وهو مستمر منذ أكثر من 4 سنوات، ويعكس تجاهل هذه المعضلة واستخفافا بحملة هذه السندات، ومعظمهم مؤسسات استثمارية دولية مهمة".
انعكاسات هذه السلبية في التعامل قد تكون وفق أفيوني "وخيمة على العلاقة مع الدائنين وعلى مسار المفاوضات المستقبلية معهم، وتاليا على فرص التوصل إلى إعادة جدولة الديون الخارجية بطريقة إيجابية تحمي الدولة اللبنانية ومصالحها".
والحال أن فترة السماح الأولى البالغة 5 سنوات من تاريخ التعثر تنتهي في آذار 2025. ويتوقع أفيوني أن يرفع حاملو السندات الدعاوى في الشهرين المقبلين في محاكم دولية، وهذا إجراء عواقبه شائكة ومكلفة على الدولة اللبنانية، وكان يمكن تجنّبه لو لم تتقاعس الدولة في تعاملها مع الدائنين من حاملي السندات".
إذا، عاجلا أم آجلا على الدولة اللبنانية التفاوض لإعادة جدولة الديون الخارجية وهيكلتها، وسياسة التجاهل والهروب إلى الأمام لا تجدي، وكلفتها غالية. وإضافة إلى كلفة الدعاوى وعواقبها، في غياب أي اتفاق على الدين الخارجي، ستبقى أسواق السندات العالمية موصدة أمام الدولة اللبنانية، التي ستبقى عاجزة عن الحصول على أي تمويل خارجي من الأسواق، وهذا ما يحد من قدرتها على تلبية مسؤولياتها في الإنفاق الضروري والاستثمار، ويخنق الاقتصاد ويمنع النمو ويزيد انهيار الدولة والخدمات والبنى التحتية".
ويؤكد ضرورة "إعادة هيكلة الدين الخارجي في أسرع وقت ضمن خطة إنقاذ شاملة. يجب القيام بذلك بطريقة تحمي مصالح المودعين اللبنانيين ولا تعطي أولوية لحملة اليوروبوند عليه. ومن هنا أهمية العلاقة البناءة مع حاملي السندات، والتواصل وبناء حوار شفاف وثقة متبادلة وحسن نيات. أما تجاهل حملة السندات والاستهتار بهم وتجاهل المفاوضات معهم فستزيد العلاقة سوءا وتعطل الثقة وتغذي عدائية الطرف المفاوض وقساوة شروطه".
بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي وضع حدا لـ26 شهرا من الشغور، سادت الأسواق المالية اللبنانية أجواء من الإيجابية. فقد لاقت سوق سندات اليوروبوند اللبنانية إقبالا لافتا من المتعاملين المؤسساتيين الأجانب على الشراء، وسجلت قفزات في الأسعار من 13.00-14.00 سنتا للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق إلى 16.00-16.75 سنتا للدولار الواحد يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى لها منذ أواخر 2020.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع لا تزال الأسعار منخفضة بالمطلق، وتعكس في رأي أفيوني "اقتطاعا متوقعا قاسيا جدا. إلا أن التحسن في الأداء يعكس تطلعات السوق إلى عهد جديد يمسك بزمام الأمور بطريقة جدية ومسؤولة ويطلق ورشة الإنقاذ وخطة شاملة تتضمن إعادة هيكلة وجدولة للسندات الخارجيّة واتفاقا مع الدائنين. وهذا الأمر لا يمكن أن يتم من دون فريق اقتصادي مالي يتصرف بمهنية ولديه الخبرة اللازمة ويعمل للمصلحة العامة لا لحماية مصالح خاصة، والأمل كبير في أن يأتي العهد الجديد بنهج جديد ويعطي الأولوية لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية".
سلوى بعلبكي- النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|