خطر جديد يلوح في الأفق.. لبنان على أبواب أزمة مائية والأرقام تتحدث
تستمر نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان في الظهور يوماً بعد يوم، حيث تزداد المخاطر التي خلفها هذا الاعتداء. من دمار المباني إلى تدمير الزراعة، وصولاً إلى تهديد الموارد المائية التي لم تسلم من شر العدو الذي لا يميز بين الحجر والبشر. لبنان، الذي يعدّ بلداً غنياً بالموارد الطبيعية التي يطمع فيها العدو، يواجه الآن أزمة جديدة قد يكون تأثيرها بعيد المدى، يتجاوز اليوم ليطال السنوات المقبلة. نهر الليطاني، أطول أنهار لبنان وأكبرها وأكثرها أهمية استراتيجياً، يعاني حالياً من أزمة تتعلق بارتفاع ملحوظ في مستويات الفوسفور والفوسفات، بالإضافة إلى مشكلة شحّ الأمطار والمتساقطات التي تواجه لبنان هذا العام. فما هي الآثار المترتبة على هذا الوضع؟ وهل سيواجه لبنان أزمة مائية قادمة؟
في إطار متابعة جودة المياه في نهر الليطاني، أشار تقرير اطلع عليه "لبنان 24" إلى أنه بعد جمع أربع عينات من المياه من مناطق الخردلي، الغندورية، طيرفلسية والقاسمية بواسطة الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، أظهرت التحاليل ارتفاعاً ملحوظاً في مستويات الفوسفور والفوسفات، حيث بلغت هذه المستويات نحو 20 ضعف المعدل المعتاد خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي هذا السياق، كشف المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية لـ "لبنان 24" عن التغييرات التي طرأت بالأرقام، حيث أعلن أن "نسبة الفوسفات في نهر الليطاني في حوضه الأدنى خلال شهر كانون الأول 2024 كانت على النحو التالي: في القاسمية سجلت 2.63 بينما كانت سابقاً 0.86، وفي طيرفلسية سجلت 4.8 مقارنة بـ 1.55 في السابق، وفي الغندورية كانت النسبة 4 بينما كانت 1.3 سابقاً، أما في الخردلي فسجلت 3.83 بعدما كانت 1.25. وتجدر الإشارة إلى أن الحد الأقصى لنسبة الفوسفات في مياه الري يجب أن لا يتجاوز 2، ليظل الماء صالحاً للاستخدام الزراعي. وبالنظر إلى هذه الأرقام، فإن المياه في القاسمية فقط تقترب من هذا الحد، حيث تصل النسبة إلى 2.6، ما يعني أنه يمكن استخدامها بشكل محدود في الزراعة. إلا أن ذلك لا يخفف من خطورة الوضع، إذ أن هذه الزيادة في الفوسفات تمثل مشكلة بيئية وصحية خطيرة تهدد الصحة العامة للمواطنين".
أضاف: "نحن نقوم بشكل دوري بأخذ عينات كل أسبوعين أو شهر، حيث نقوم بتحليل المياه لتحديد ما إذا كانت التربة هي المصدر الرئيسي للتلوث. وسنقوم أيضاً بأخذ عينات من المياه والتربة لمقارنة النتائج، بهدف تحديد ما إذا كان التلوث ناتجاً عن انصباب مباشر نتيجة القصف المباشر على النهر، أو إذا كان التلوث ناجماً عن ترسبات التربة. وإذا كانت المياه ملوثة بسبب الترسبات، فإن ذلك يشكل تهديداً أكبر بكثير"، مشيراً إلى أن "هذه المياه تُستخدم في ري مناطق الجنوب كافة ونحن حالياً نتابع تأثيرات هذه الوضعية وكيفية تحسنها مع زيادة المتساقطات. وانه في هذا السياق، برزت لدينا مشكلة جديدة تتمثل في شحّ الأمطار، وهو الخطر الأكبر، إذ إن تساقط الأمطار يمكن أن يساهم في تقليص كميات الفوسفات والفوسفور الموجودة في مياه الليطاني".
من جهته، أكد رئيس الحزب البيئة العالمي الدكتور دوميط كامل لـ "لبنان 24" أن "الوضع المائي في لبنان يشهد تحديات كبيرة، حيث نلاحظ أننا في منتصف شهر كانون الثاني ولا توجد كميات كافية من المتساقطات أو الثلوج، وهي أقل بنسبة 50% مقارنةً بالعام الماضي". كما أشار إلى أننا "متأخرون بحوالي 150 يوماً عن المعدل الشتوي المعتاد. وهذا يعني أن كميات الفوسفور والفوسفات والمواد الكيميائية الأخرى التي كان من المفترض أن تتواجد في ألف متر مكعب من المياه في الليطاني، أصبحت الآن محصورة في خمسين مترا مكعبا".
وفي هذا السياق، شدد دوميط على ضرورة إيلاء الوضع المائي في لبنان اهتماماً خاصاً، حيث أن البلاد على أبواب مرحلة من ندرة المياه خلال الخمسين سنة المقبلة، وهو ما سيؤثر سلباً على كل الكائنات الحية. وأكد أن "الدول بحاجة ماسة للمياه، وفي حال استمرار تأثيرات الاحتباس الحراري كما هو الحال اليوم، فقد نشهد صراعات مائية في منطقة الشرق الأوسط".تراجع ملحوظ في معدلات الأمطار في لبنانبدوره، كشف رئيس دائرة التقديرات السطحية في مصلحة الأرصاد الجوية، محمد كنج عبر "لبنان 24" أن معدلات الأمطار خلال العام الماضي سجلت 706.7 ملم، بينما سجلت هذا العام حتى الآن 418 ملم، ما يعكس انخفاضاً ملحوظاً. وفي بيروت، بلغت كمية المتساقطات العام الماضي 661.4 ملم، بينما سجلت هذا العام 399 ملم حتى الآن، أي بتراجع نسبته 60%. أما في زحلة، فقد سجلت 304 ملم حتى الآن مقارنة بـ 407.8 ملم في العام الماضي، أي بتراجع يقارب 50% عن المعدل المعتاد.
وأشار كنج إلى أن "هذا التراجع الكبير في كمية الأمطار يثير القلق"، مؤكداً أن "هذا العام لم يشهد منخفضات جوية فعالة أدت إلى تساقط الثلوج على المرتفعات دون 1000 متر. كما أن المنخفضات الجوية التي شهدناها كانت قصيرة المدة ولم تستمر أكثر من يومين أو ثلاثة، ولم تحمل فعالية ملموسة، حيث كانت الأجواء نسبياً دافئة".
وأضاف كنج أن" كميات المياه المتجمعة في السدود، بما في ذلك بحيرة القرعون، منخفضة بشكل كبير حتى الآن". وأعرب عن أمله في أن تتحسن الأوضاع مع نهاية الشهر الجاري وشهر شباط، حيث يُنتظر بعض المتساقطات التي قد تساعد في تحسين الوضع.
وأكد كنج أن "هذا الوضع يشكل تهديداً حقيقياً على الموارد المائية في لبنان، حيث سيؤثر بشكل مباشر على المياه الجوفية والينابيع. من المتوقع أن تبدأ هذه التأثيرات بالظهور في أواخر الربيع وبداية الصيف، مما ينذر بأزمة مائية قد تؤثر بشكل كبير على مختلف المناطق اللبنانية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|