ضابط إسرائيليّ رفيع يؤلف كتابًا عن نصرالله

كشف مراسل إذاعة الجيش الإسرائيليّ دورون كدوش أنّ قائد وحدة 9900 في شعبة الاستخبارات العسكريّة "أمان" ألّف كتابًا من نحو 500 صفحةٍ عن شخصيّة الأمين العامّ السابق لـ"حزب الله" حسن نصرالله واغتياله، ويطرح هذه الأيّام فيما لا يزال الضابط يشغل منصبه. ووفق كدوش، جرى تأليف جزءٍ من الكتاب خلال إجازةٍ دراسيّةٍ قبل الحرب، واستكمل في الأشهر الأخيرة بعد اغتيال نصرالله، وذلك بموافقةٍ كاملةٍ من قادته ومن دون تحقيق ربحٍ شخصيٍّ من النشر، فيما لم يصدر تعليقٌ عن المتحدّث باسم الجيش حتّى وقت نشر المعلومة.

عنوان الكتاب وهويّة المؤلّفين كما ظهرا علنًا

يظهر الكتاب على متجر "ستيمتسكي" الإسرائيليّ بعنوانٍ عبريٍّ يمكن ترجمته: "نصرالله – أسطورة/أساطير لا تموت؟" والمؤلّفان مذيّلان بالأحرف المختصرة العميد ش. ويقدّم العمل هناك بوصفه "أوّل كتابٍ بالعبرية" عن نصرالله يمزج بين منظورٍ استخباريٍّ وتحليلٍ استراتيجيٍّ–أكاديميٍّ، مع سردٍ لتأثير مقتله في توازنات "محور المقاومة".

وتعدّ وحدة 9900 الذّراع المختصّة بـ"الاستخبارات المرئيّة/الجغرافيّة" في "أمان" (تحليل صور الأقمار الصناعيّة، ورسم الخرائط الدقيق، ونشاطاتٍ مرتبطةٍ بالأقمار والطائرات). وحساسيّة اختصاصها تجعل نشر كتابٍ تحليليٍّ عن "عدوٍّ مركزيٍّ" أثناء الحرب، على يد قائدها نفسه، حدثًا غير مألوفٍ ويصعب فصله عن الاعتبارات العمليّاتيّة. والتعريف الرسميّ لوظائف الوحدة، كما يورده موقع الجيش الإسرائيليّ، يوضّح موقعها الحيويّ في بنية جمع المعلومات وتقديمها للقيادة الميدانيّة.

ويعيد تقرير كدوش التذكير بأنّ نشر كتبٍ لضبّاطٍ رفيعين وهم على رأس مناصبهم ليس بلا سابقةٍ تمامًا، وإن كان نادرًا. فقبل تسليم منصبه بيومٍ واحدٍ في 15 يناير 2023، أصدر رئيس الأركان السّابق أفيف كوخافي كتابه "أخريخ! قيادةٌ تخلق معنًى" عبر دار نشر الجيش "ماعرخوت"؛ وقد قدّم بوصفه دليلًا قياديًّا مستندًا إلى محاضراته ونصوصه خلال أربعين سنة خدمةٍ. كما كشف في أبريل/نيسان 2024 أنّ قائد وحدة 8200 السّابق يوسي سريئيل كان قد نشر عام 2021 كتابًا باسمٍ مستعارٍ عن الذكاء الاصطناعيّ في ساحة المعركة، الأمر الذي أسهم في كشف هويّته إعلاميًّا وأثار نقاشًا حول ملاءمة النشر مع حساسيّة المنصب.

إنّ صدور كتابٍ يحلّل سيرة نصرالله واغتياله بقلم ضابطٍ يشغل منصبًا تشغيليًّا حسّاسًا في ذروة الحرب، يطرح أسئلةً حول أطر المراجعة الأمنيّة قبل النشر وحدود الإفصاح المسموح به لمن لا يزال في الخدمة. ووصف "ستيمتسكي" يلمح إلى محاولة تثبيت روايةٍ استخباريّةٍ–استراتيجيّةٍ لـ"اليوم التالي" لمقتل نصرالله وتأثيره في بنية "حزب الله" ومحور طهران–دمشق–بيروت، ما يجعله نصًّا منخرطًا في معركة السّرديّات بقدر ما هو دراسةٌ شخصيّةٌ/تنظيميّةٌ. وفي المقابل، يصرّ تقرير كدوش على أنّ النشر تمّ "بمصادقاتٍ كاملةٍ" وأنّ الضابط "لا ينتفع ماليًّا"، وهو ما قد يستخدم لتبديد الانتقادات الأخلاقيّة–الإجرائيّة داخل المؤسّسة.

ما الّذي يبقى قيد المتابعة؟

يبقى رهن المتابعة مدى شفافيّة الجيش الإسرائيليّ في شرح إجراءات الموافقة الأمنيّة المطبّقة على هذا الإصدار بالذات، وما إذا كان سينشر ردٌّ رسميٌّ من المتحدّث باسم الجيش، كما أشار كدوش إلى غيابه حتّى لحظة إبلاغه. كذلك، سيرصد مراقبون إن كان الكتاب سيفتح نقاشًا أوسع حول الحدود بين الخدمة الفعليّة والكتابة العامّة لدى قادة الأذرع الاستخباريّة خلال الحرب، خصوصًا مع سوابق كوخافي وسريئيل الّتي لا تزال حاضرةً في الذّاكرة القريبة.