دولة الرئيس: بين ثوب العدالة وحقيبة الديبلوماسية
يروي أحد النواب ممن سمى الرئيس نواف سلام لتشكيل الحكومة، أنه تواصل معه صباح الاستشارات النيابية الملزمة يوم الاثنين، فردّ عليه الأخير وهو في القطار متوجهاً إلى لاهاي، أبلغه أنه تم التوافق على اسمه لتشكيل الحكومة وأنّ كتلته سائرة في ترشيحه.
فما لبث أن وصل سلام حتى عاد وحجز تذكرة العودة إلى لبنان.
في زيارته الأخيرة لبيروت، لم يلمس سلام أي تجاوب على تسميته لرئاسة الحكومة، فحتى النواب أنفسهم ما كانوا يدركون توجهاتهم الرئاسية، وكان يخطّط لاستكمال عمله في محكمة العدل الدولية حتى العام 2027، بعد أن تراجعت آماله بحمل لقب “دولة الرئيس” للمرة الثالثة في عائلة سلام البيروتية العريقة.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يتم طرح اسم سلام لرئاسة الحكومة، إلا أنّ القاضي الدولي “لا يزال يعيش في لبنانه الخاص، تشعر أنه لا يزال يحن إلى أيام اليسار في لبنان، هو الذي لطالما اعتبر الرئيس الكوبي فيدل كاسترو أيقونة للتحرر ومقاومة الظلم والاحتلال” كما يروي من يلتقيه.
ويقول المقربون منه إنه متزمت بمواقفه، ومتصلب في آرائه، ويتوقع عارفوه بأنّ شخصيته الفذة والصلبة قد تصعّب من مهمته الرئاسية.
غلب طبع القاضي على طبع الديبلوماسي، يتمسك بالقانون والدستور إطاراً لعمله، كلمته جازمة، وجوابه قصير وواضح. يرى البعض أنّ المطلوب شخصية صارمة في هذه المرحلة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والنقدية، إلّا أنّ المطلوب أيضاً شخصية مرنة في التعاطي، مدركة للخصوصية اللبنانية، كرئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أثبت خلال قيادته للمؤسسة العسكرية أنه لا يساوم ولا يهادن ولا يساير، لكن عون يدرك متى تتقدم المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية، ومتى تفرض الخصوصية اللبنانية نفسها في التعاطي، لكن على أساس الدستور وتحت سقف الطائف، وعون يتمتع بالحنكة إلى جانب الصلابة والحكم الرشيد وعدم التساهل، فهو يدرك متى يجب أن يلين ومتى يجب أن يتصلب بمواقفه.
كل من يسأل سلام من الكتل النيابية عن حصصها الوزارية، أو من حاول تزكية أسماء لتولي الحقائب، كان يواجه بالرفض والجواب القصير: “أنا لست صندوق بريد لإيداع الأسماء”. صعّب سلام من مهمته، وبدأت أصوات الاعتراض على أدائه تصدر ممن زكّاه لرئاسة الحكومة، فهذا الغموض في شخصيته بدأ يثير قلق هذه الكتل.
يقول أحد نواب الكتل الرئيسية الواسعة: “نطالب سلام أن يعاملنا أسوة بالثنائي، فسلام كان شفافاً بتعاطيه مع حركة أمل وحزب الله، وحاول إرضاءهما على أساس مد يده للجميع وعدم الإقصاء أو شعور أي طرف بالغبن، لكن مسايرة نوّاب الثنائي، وعدم إشعارهم بالمظلومية، والتوافق معهم على الوزارات والأسماء، قابلها غموض وتشدد مع كتل أخرى، فنجابه بالرفض والمقاطعة عندما نطالب بتمثيلنا في الحكومة”.
وبحسب من التقى سلام، المشكلة لا تكمن فقط في توزيع الحقائب وتمثيل الكتل، فهو لا يملك تصوّراً واضحاً للبيان الوزاري، خصوصاً القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، و”أخشى ما نخشاه، أن نصل إلى هذه المرحلة وندخل في متاهات جديدة.”
وفي هذا الإطار، يعلق مرجع حكومي على إمكانية أن يكون مصير نواف سلام كمصير السفير مصطفى أديب، فيفشل في تشكيل الحكومة ويعود إلى لاهاي لاستكمال عمله في محكمة العدل الدولية، بالقول: إنّ نواف سلام سُمّي، ليشكل حكومة، ورغم كل الاعتراضات الحاصلة فإنّ الحكومة ستشكل قريباً، والخميس لناظره قريب مع وصول وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ولكل حادث حديث.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|