السعودية تنهي القطيعة: وديعة مالية مشروطة
رسمياً تنهي السعودية، القطيعة للبنان استمرت ما يقارب 15 عاماً. بوصوله يعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود لبنان، بداية مرحلة جديدة من العلاقة ويريد أن تكون زيارته بمثابة “دعم للمشهد السياسي الجديد والاستقرار بلبنان”. يترأس وفداً يتجاوز المئة شخصية سياسية واقتصادية مختلفة، يلتقي رئيسي الجمهورية ومجلس النواب جوزاف عون ونبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف نواف سلام. والمفارقة أن العلاقة السعودية الإيرانية والتي شهدت تحسناُ في فترة من الفترات لم تنعكس على علاقة حزب الله مع السعودية، على الرغم من كلام إعلامي لم يترجم إلى وقائع، قبل الحرب، عن نية مسؤول الأمن والارتباط وفيق صفا زيارة المملكة.
وتأتي الزيارة بعد سلسة تطورات شهدتها سنوات القطيعة، وعقب منازلة إيرانية سعودية على أرض لبنان، وحرب إسرائيلية على لبنان، بدأت على خلفية جبهة إسناد غزة التي فتحها حزب الله، والذي مني بخسارة فادحة، عسكرية وسياسية. أما العسكرية فقد ألحقت دماراً كبيراً في القرى والبلدات اللبنانية، في حين أخرجت السياسية حزب الله من محور الإصرار على انتخاب حليفه سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وفرضت عليه انتخاب جوزف عون رئيساً للجمهورية. استتبع انتخاب الرئيس بتسمية نواف سلام رئيساً مكلفاً. المرشح الذي منع حزب الله وصوله وفتح عليه حرباً في الماضي، دخل معه في مفاوضات التشكيل اليوم.
يعكس المشهد اللبناني تبدلاً في خريطة الدول الداعمة أو لنقل الدول التي لها اليد الطولى في هذا البلد. وتأتي زيارة وزير الخارجية السعودي على إثر انطفاء دور طهران في المنطقة، ولبنان على وجه الخصوص. الدولة التي كثفت حضورها عقب اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وظهرت كحاضنة للشيعة في لبنان، انكفأت مقابل تقدم المملكة التي سيكون لها دور في دعم لبنان اقتصادياً، والمساهمة في إعادة إعمار ما هدمته حرب إسرائيل.
تقول المعلومات إن عودة الممكلة ستكون سياسية واقتصادية. والمتوقع أن يتم الإعلان قريباً عن وديعة سعودية في مصرف لبنان على سبيل المساعدة، فضلاً عن توقيع اتفاقيات كثيرة كانت جمدت على خلفيات سياسية.
العودة السياسية.. والمالية
أما العودة السياسية، وهي الأهم، فهي تأتي لتكرس واقعاً أرسته المملكة السعودية بانتخاب جوزاف عون الذي كان كلمة سر اللجنة الخماسية على مدى سنوات عملها على الملف، كما كانت تسمية سلام بهذا الكم من أصوات السنّة والمعارضة، بإيحاء سعودي مباشر. وليست بعيدة السعودية عن تشكيل الحكومة، وإن بشكل غير مباشر. تشترط المملكة تشكيل حكومة تحاكي التغيير السياسي الذي شهده لبنان لتنفيذ المشاريع والإصلاحات المطلوبة. أسدلت الستارة على مبدأ العطاء بلا شرط أو حدود، والعطاء بات مقيداً بشروط التنفيذ والإشراف على المشاريع. وينتظر أن تشكل زيارة بن فرحان قوة دفع لتشكيل الحكومة المطلوب تشكيلها قبل نهاية فترة الستين يوماً لتنفيذ اتفاق وقف النار في الجنوب، وقبل تلبية الدعوة التي يحملها وزير الخارجية إلى رئيس الجمهورية لزيارة السعودية، بعدما كان ولي العهد محمد بن سلمان من أوائل المهنئين بانتخابه. واستبق بن فرحان زيارته بموقف أعلنه في المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس”، أعلن فيه أن “السعودية تعتبر انتخاب رئيس لبناني بعد فراغ دام أكثر من عامين شيئاً إيجابياً للغاية”، معرباً عن أمله “في تشكيل حكومة لبنانية جديدة “في المستقبل غير البعيد”.
الزيارة المقرر لها أن تستمر 24 ساعة ينتظر منها داخلياً المساعدة في تذليل العقبات ومساعدة سلام في تشكيل حكومته، من دون أن يعني ذلك دخوله بالأسماء بشكل مباشر. وتقول الأوساط المطلعة على الموقف السعودي إن “المملكة التي كانت تهتم لانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، تولي اهتماماً لشكل الحكومة ولا تهتم للتسميات، لأن ما يهمها هو تنفيذ برنامج إصلاحات يفتح باب المساعدة الدولية للبنان”.
نهاية حقبة حزب الله
وما يهم السعودية في لبنان، أيضاً هو “نهاية حقبة سيطرة حزب الله على لبنان”. وما تسعى إليه، سياسياً لن يتوقف عند عتبة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، بل إن المسار الطويل يفترض استكماله حتى الانتخابات النيابية ورئاسة مجلس النواب. ومعه سيتكرس الاتفاق فعلياً إلى مرحلة يتحول فيها حزب الله إلى حزب سياسي.
ولا يمكن إغفال حقيقة تزامن الزيارة مع سقوط نظام الأسد وتسلم أحمد الشرع إدارة الحكم في سوريا، ويمكن إدراجها في إطار الالتفاف السعودي على التمدد التركي بعد سوريا إلى لبنان. وثمة من يربط الانقلاب على تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة مجدداً، في اللحظات الأخيرة، في كونه رداً سعوديًا على زيارته إلى سوريا فتركيا وهو ما لم ينل مباركتها.
هي إذا عودة سياسية من باب الاقتصاد والأمن، حيث من المقرر عقد اجتماعات أمنية للتنسيق بين البلدين، ستتوضح معالمها أكثر مع بدء الرئيس الأميركي ولايته الرئاسية والتفاته إلى المنطقة من بوابة سوريا ولبنان ليبدأ عهد المقايضات.
غادة حلاوي - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|