بالفيديو - القوات الاسرائيلية تتوغل في حي "راس الضهر" وتفجر استراحات نهر الوزاني
فارس سعيد: العلاج بالدستور!
تجرّع فارس سعيد السمّ مرّات عدة. مرّة حينَ تفرّق «العشاق» في 14 آذار، وذهب هو «فرق عملة»، وثانية عندما «تآمرت» عليه القوى «السيادية» مقدّمةً مصالحها الانتخابية على مصلحة المشروع «السيادي» الأوسع. وثالثة حينَ ختمَ رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بالشمع الأحمر السياسي مكتب الأمانة العامة لـ 14 آذار الذي ترأّسه سعيد لسنوات في منطقة الأشرفية، فضلاً عن شواهِد أخرى لا تنتهي.
في نيسان 2018، خاضَ الرجل حوار «الجرأة» مع صحافيين وإعلاميين حول التجربة «المحبطة» والخدوش العميقة التي أٌصيبَ بها نتيجة انتقاله المتدرّج من المنسق العام لأمانة 14 آذار، إلى واحد من السياديين العابرين. لكنه كان لا يزال يأمل بعودة «الغادرين» الى مقاعدهم، إذ كانَ مؤمناً بـ«ثورة الأرز» أكثر من اللازم. ودفع مقابل ذلك ثمناً باهظاً، وأدرك متأخّراً معنى أن تكون السيادة مجرد مشروع فولكلوري. لكن «الدكتور فارس» لم ييأس وانتظر فرصة انتقام لنفسه، وتوقيتاً «صائباً» للعودة من باب ما.
منذُ سنوات، وحتى العدوان الإسرائيلي الواسع في أيلول الماضي، كانَ كُثر يتعاملون مع فارس سعيد باعتباره يعيش في عالم آخر. كانَ أول من رفعَ شعار «محاربة الاحتلال الإيراني»، وظلّ يتحدث عنه حتى في أيام التسويات. لم تكُن علاقته بقوى ما يعرف بـ 14 آذار أفضل من علاقته مع حزب الله وحلفائه. بل إن مشاكله الظاهرة مع «حلفائه السياديين» كانت أكبر بكثير، وكانَ هدفاً لهجوم دائم من «القوات اللبنانية» أكثر من تعرّض حزب الله له. لكن ثمّة ميزة لم تتبدّل في الرجل، رغمَ كل عدائه للمقاومة، وهي رفضه كل دعوات التقسيم والفدرالية والكونفدرالية انطلاقاً من تمسكه باتفاق الطائف وضرورة تنفيذه نصاً وروحاً، وكانَ الأكثر معارضة لخطاب معاداة «الإسلام» وخطاب «ما بيشبهونا» الذي وصفه بالمجنون.
بعدَ بدايته في لقاء قرنة شهوان، حملته التطورات السياسية الى مكان آخر. حطّ أولاً في لقاء البريستول، ثم انتقل الى حركة 14 آذار وتولّى أمانتها العامة، قبل أن يتجه صوب إطار جديد اسمه «سيدة الجبل»، ليصل أخيراً الى «المجلس الوطني».
الرجل شديد التأثر برفيقه الراحل سمير فرنجية. ومثله، كان سعيد يعمل على أساس أن الحالة السياسية تتحول ولا تنتهي. صحيح أن حزب الله كان - في العلن - شغله الشاغل. لكن معركته الخفيّة ظلت مع الأحزاب المسيحية، وخصوصاً «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». ووجد سعيد في الضربة التي تلقاها حزب الله فرصة للقول إن «الأحزاب لا تشكل ضمانة لجماهيرها»، شارحاً وجهة نظره بأنه «إذا كان حزب الله، الطرف الأقوى بحلفائه وسلاحه وجمهوره، لم يستطِع أن يشكل ضمانة لناسه، فكيف ببقية الأحزاب التي، إذا ما تغيّر قانون الانتخابات، يذوب بعضها كالملح؟». ولذلك، فإن «ضمانة الجميع هي في العودة الى الدستور». وعلى هذا الأساس، بدأ يدرس فكرة إقامة إطار سياسي جديد، وعقد حتى الآن نحو ثماني خلوات مع أعضاء في المجلس الوطني وشخصيات سياسية، اقترح خلالها حلّ المجلس الوطني كإطار»، وإطلاق حركة جديدة شعارها: «الدستور أولاً».
ويبدو أن اجتماعات سعيد تنوّعت بين حلقة واسعة من الشخصيات السياسية والأكاديمية والإعلامية والناشطين الذين يتوافقون معه على الفكرة العامة. وقد باشر بإعداد الأوراق الخاصة بالحركة وتوجهاتها وورقتها السياسية، إضافة الى هيكلية تنظيمية مرنة، على أن همه الأساسي في أن تكون عابرة للمناطق وللطوائف أيضاَ.
يرفض سعيد الكلام عن انتهاء حزب الله بالكامل. وبعيداً عن خطبه العلنية، فان «واقعيته» تجعله «قليل الرهان على ما حصل في سوريا». ورغم اقتناعه بـ«انهيار وظيفة حزب الله الإقليمية وتحالف الأقليات وانقطاع طريق طهران – بيروت»، فهو لا يرى في هذه الخلاصات انتصاراً للفريق الآخر، بل فتحاً للمجال أمام وضع سياسي وجغرافي مختلف يحتّم عليناً البحث عن مشروع «حماية»، عنوانه «التمسك بالدستور».
وإذا كان البعض يربط حركة فارس سعيد الجديدة بالانتخابات الرئاسية، أو بعلاقة خاصة تربطه بالرئيس جوزف عون قبل انتخابه رئيساً، فإنّ سعيد لا يبدو كأنه ينتظر دوراً أو موقعاً يختاره عون له، لكنه لا ينفي قربه من الرجل. كما تربطه ببعض رجال الرئيس علاقات قديمة، يعود بعضها الى لقاء قرنة شهوان.
قد يرى البعض أن ما يقوم به سعيد الآن يشكل «مغامرة» جديدة لن تختلف، في أحسن الأحوال، عن «التجمعات» التي أدارها، ولن تكون على النحو الذي يشتهيه. لكن بين هذا وذاك، يبدو أن ثمة موّالاً في خلفية «العنيد»، الذي بدأ باكراً وقبلَ انتهاء الحرب، التحضير للانتخابات النيابية المقبلة. وهو يعتبر أن الحالة الحزبية تتراجع، في وقت لن يكون فيه ملزماً بتقديم مصلحة المشروع الأكبر على حساب مشروعه الانتخابي هذه المرة، ولو اضطرّ الى «أبغض الحلال» في التحالفات «المحددة» في منطقته!
ميسم رزق -الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|