محليات

هل في إمكان “الحزب” أن يخربط بعد الآن؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما إن تراجع الضغط العسكري مع إعلان التوصّل إلى وقف النار قبل شهرين تقريباً، حتّى عاد “حزب الله” إلى التهديد بالتصعيد وبنفاد الصبر، ما لم تنسحب إسرائيل من الجنوب في المهلة المحدّدة. وما إن تحدّث رئيس الحكومة المكلّف نوّاف سلام عن سياسة عدم الإقصاء، حتّى بدأ الثنائي الشيعي بوضع شروط لدخوله الحكومة، منها إعطاؤه وزارة المال، إضافة إلى التنصّل ممّا نص عليه الاتّفاق بوضوح، وهو أنّ سحب السلاح يشمل كلّ لبنان، أي جنوب الليطاني وشماله وبيروت والبقاع وسواها.

فهل ما زال “الحزب” بعد الضربات التي أصابته، وسقوط نظام الأسد، وإضعاف إيران، قادراً على أن يخربط اللعبة السياسية والأمنية، وأن يفرض شروطه؟ وإلى أيّ حدّ ما زال يحتفظ بالقوّة في الملفّات اللبنانية الداخلية؟

للإجابة عن هذين السؤالين، ينبغي إجراء جردة لمواقع القوة ومواقع الضعف لدى “الحزب”. كما ينبغي مراقبة ما سيؤول إليه الوضع في إيران وكيفيّة تعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع النظام في طهران والملفّ النووي. ويجب أيضاً أن نأخذ في عين الاعتبار قدرة الفريق الآخر على الصمود، وإلى أي مدى ستتمكّن الدولة من استعادة هيبتها وسلطتها، والتغلّب على مراكز الفساد المتجذّرة في النظام اللبناني.

النقطة الأبرز في مكامن القوّة التي كان يمتلكها “الحزب”، هي السلاح والدعم الإيراني. صحيح أنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان قضت على جزء كبير من هذا السلاح، ودمّرت قسماً واسعاً من البنية التحتية العسكرية، لكنّ السلاح ما زال موجوداً بكمّيات غير قليلة على الإطلاق. ويعمل “الحزب” ما استطاع للاحتفاظ به، أو لإيجاد مخرج له عبر ما يسمى “الاستراتيجية الدفاعية”، بحيث يصبح عناصر “الحزب” وأسلحته جزءاً من الجيش اللبناني، ولكن ضمن لواء أو كتيبة قائمة بذاتها.

وإذا كان نزع السلاح سيتمّ أو تمّ فعلياً في جنوب الليطاني، حيث ينتشر الجيش تباعاً، فإنّ لبّ المشكلة ستكون في المرحلة الثانية، أي عند الوصول إلى مصير السلاح في الداخل. وهنا، ستحصل عمليّة شدّ حبال كبرى. فهل ستُعقد طاولة حوار مثلاً للبحث في الموضوع، أم سيتّخذ مجلس الوزراء القرار بتسليم الأسلحة إلى السلطة الشرعية، ويقوم الجيش بتنفيذه بكلّ بساطة، كما جرى سابقاً مع كلّ الميليشيات التي سلّمت أسلحتها وعتادها العسكري؟

هذا هو التحدّي الأساسي الذي سيواجهه رئيسا الجمهورية والحكومة. وأيّ “مسايرة” في هذا الملفّ ستكلّف لبنان الكثير. فبسط السيادة والقانون هي الآن مهمّة الداخل والحكم الجديد، الذي يحظى بدعم دولي وعربي غير مسبوق، ويتمتّع بتأييد شعبي واسع، لكونه يمثّل خيارات ثورة 17 تشرين.

وبما أنّ “الحزب” لم يعد قادراً الآن على الحصول على الدعم الإيراني، بسبب انقطاع سبل الإمداد البرّية عبر سوريا، وإضعاف إيران بحدّ ذاتها، فإنّ السياسة الأميركية التي سيعتمدها الرئيس دونالد ترامب تجاه طهران، هي التي ستحدّد عمليّاً مصير السلاح في الداخل اللبناني. والواضح أنّ الأدارة الجديدة في البيت الأبيض تريد ممارسة أقصى درجات الضغط والعقوبات على النظام في طهران. ولكن ليس واضحاً حتى الآن كيف سيتمّ التعامل مع الملفّ النووي. وكلّما ضعفت إيران، تراجعت قدرة “الحزب” على الوقوف في وجه تسليم سلاحه.

ولكن، وبحسب موقع “غلوب” الإسرائيلي، فإنّ “الحزب” ما زال يحافظ على نشاطه الاقتصادي، ويعمل لإعادة بناء قدراته المالية. ويحصل ذلك عبر طريقتين: الأولى إدارة مشاريع اقتصادية كبرى كالسوبر ماركت والبناء، والثانية وصول حقائب من النقود يحملها دبلوماسيون إيرانيون. وحسب الموقع، يمكن لـ “الحزب” الاستمرار لبضعة أشهر أخرى، إذ لديه إمكانات مادية كبيرة. وإذا فازت شركات تابعة له بمشاريع لإعادة البناء، فهو سيعمّق نفوذه من جديد.

وبالفعل، فإنّ “الحزب” وزّع أموالاً على من تدمّرت بيوتهم من أجل استئجار مساكن بديلة لمدّة سنة. ولكن بالطبع لم يعد لديه المال الكافي، كما في السابق. لذا، فإنّ بيئته ستبدأ بالتململ مع الوقت، مع تناقص الأموال التي كانت تصرف في ميادين مختلفة.

ويعتقد بعض المصادر أنّ عمليّات التهريب ما زالت متاحة بنسبة معيّنة. والدليل ما يحصل على الحدود اللبنانية السورية من اشتباكات بين عصابات التهريب ومن إحباط الجيش لمحاولات تهريب أخرى. ولكن إمساك الحدود في شكل قويّ يحتاج إلى تقوية قدرات القوى المسلّحة اللبنانية، التي عليها مهمّات هائلة، من الجنوب، إلى كلّ الحدود ومرافق النقل.

أمّا بالنسبة إلى الحكومة، فإنّ الأخبار كثيرة حول الحقائب. وقرار الثنائي المشاركة يهدف إلى عدم استبعاده، لأنّه يعتبر أنّ منطق المقاطعة غير مفيد. ويرى مصدر نيابي أنّ قدرة “الحزب” على التعطيل داخل مجلس الوزراء ستكون ضئيلة، لأنّ التصويت على القرارات سيتمّ بالأكثرية. وخير مثال على ذلك اضطرار الثنائي إلى الاقتراع لصالح الرئيس عون، وعدم قدرته على الإتيان بميقاتي من جديد.

واليوم، مع تسلّم الرئيس ترامب مهامّه في البيت الأبيض، ينتظر العالم بأجمعه، والشرق الأوسط أيضاً، القرارات التي سيتّخذها بالنسبة إلى إيران وعملية التطبيع مع إسرائيل. كما يراقب اللبنانيون هل سيتشدّد ترامب في الملفّ اللبناني، ويكمل دعم السلطات اللبنانية الجديدة في مسار بناء الدولة القويّة.

ولكن، الدور الأساسي يقع على القوى اللبنانية السيادية والتغييرية، كي لا يتكرّر ما جرى بعد 14 آذار 2005، ويضيع الأمل ببناء الدولة في لعبة المحاصصة والمصالح والفساد.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا