"داعش" يطل برأسه في سوريا.. دعاية أم محاولة لاستقطاب حلفاء الشرع "المتشددين"؟
أطل تنظيم "داعش" برأسه من جديد في سوريا، عبر بيان هو الأول من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، توعد فيه إدارة العمليات العسكرية السورية بالتصعيد في حال التزامها بمواثيق وقوانين الأمم المتحدة. ليظهر بعد ذلك بيومين، على الأرض هذه المرة، عبر نبأ اعتقال مسؤول أمني للتنظيم في مدينة الصنمين بدرعا. ثم إعلان أمريكي عن تعاون استخباراتي أمريكي سوري يتعلق بنشاط تنظيم "داعش"ومحاولته تفجير أماكن دينية مقدسة.
ورأى خبراء أن عودة التنظيم ترتبط بالوضع الهش أمنيًا وسياسيًا في سوريا، فيما يعتقد آخرون أن أطرافًا إقليمية قد تدفع بالتنظيم إلى الواجهة من جديد لتخوض عبره "حربًا بالوكالة".
بيان ضد الإدارة الجديدة
جاء في بيان التنظيم، أن الفصائل العسكرية المشاركة في عملية "ردع العدوان" التي أدت إلى إسقاط النظام السابق ليست سوى "بيادق" تعمل لصالح تركيا ودول أخرى.
كما وجه الاتهام للفصائل العسكرية في سوريا بخوض حرب بـ "الوكالة" بين القوى الإقليمية، مشيرًا إلى أن "الصراع الدائر يهدف لتحقيق مكاسب سياسية على طاولات المفاوضات".
واعتبر أن "من يدعو لدولة مدنية في سوريا هو شريك وعميل لليهود والصليبيين وطاغية جديد"، متسائلًا عن "سبب الخروج على بشار الأسد إن كانت الثورة ستفضي إلى نظام حكم دستوري".
كما هاجم البيان الثورة السورية واصفًا إياها بـ"الجاهلية" لأنّها تسعى لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية، وقال إنها "ثورة تحرر من نظام قمعي يستأثر بالسلطة بغية الوصول إلى نظام آخر ديمقراطي يتقاسم السلطة".
على الأرض
بعد هذا البيان، ألقت قوات الأمن العام في سوريا القبض على قيادي في تنظيم "داعش" في الريف الشرقي لدرعا، في عملية نُفذت بعد منتصف ليل الأحد/الاثنين في منطقة الصنمين شمالي درعا.
وقال مصدر محلي إن مقاتلين من درعا تمكنوا من القبض على القيادي الأمني في التنظيم الإرهابي المدعو عطا الشامي، من خلال نصب كمين محكم على الطريق الواصل بين مدينة الصنمين وبلدة كفرشمس شمالي درعا، وبعدها تم تسليمه إلى إدارة الأمن العام للتحقيق والاستجواب.
وأشار المصدر إلى أنه تم ضبط أسلحة بحوزة الشامي كان يحاول نقلها خارج مدينة الصنمين بالتنسيق مع القيادي المحلي في الصنمين محسن الهيمد.
وينحدر الإرهابي الشامي من بلدة بصرى الحرير شرقي درعا، واسمه الحقيقي صهيب محمد عبد الجليل الحريري، وهو من سكان منطقة الحجر الأسود سابقًا، ويعتبر المسؤول الأول عن ملف الاغتيالات لدى تنظيم "داعش" في الريف الشرقي لمحافظة درعا خلال السنوات الماضية.
قبل هذا وذاك، جرى الكشف عن مشاركة الولايات المتحدة بشكل مباشر لمعلومات استخباراتية مع الإدارة السورية الجديدة؛ ما أسهم في إحباط مؤامرة لـ"داعش" لاستهداف ضريح ديني بضواحي دمشق في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال مسؤولون أمريكيون إن هذه المشاركة تمت وسط تصاعد مخاوف الولايات المتحدة من إمكانية عودة تنظيم "داعش" للظهور بينما تحاول القيادة السورية الجديدة تعزيز سيطرتها.وأشار المسؤولون إلى أن تبادل المعلومات الاستخباراتية مدفوع بمصلحة مشتركة في منع عودة "داعش".
الكاتب والمحلل السياسي السوري، مازن بلال رأى في بيان "داعش" الأخير ضد الإدارة السورية الجديدة "استمرار للصراع بين داعش والهيئة"، وهو وضع بطريقة حرفية تؤشر على أن موضوعه حكمًا موجود خارج منطقة الصراع. لكنه ليس مُستغربًا؛ نظرًا لحالة الفوضى الأمنية في سوريا.
أما في المشهد العام، فيقول بلال، إن البيان يمكن أن يحرك الفصائل المتحالفة داخل الهيئة؛ لأن "معظمها ليست بعيدة عن تفكير داعش، والتحالف داخل الهيئة سيصبح هشًا عبر الزمن إذا لم تظهر دولة سورية بالمعنى الحقيقي".
وذكر الكاتب السياسي السوري أنه "ليس بالضرورة أن يكون هناك دولًا إقليمية تقوم بتحريك مثل هذا الصراع، لكن بعض الدول ستستفيد من مثل هذا البيان، حسب قوله.
في المقابل، يرى بلال، أن التحالف الدولي سيجد نفسه أمام استحقاق جديد، إذ يبدو أن الصراع يتجدد في سوريا رغم زوال السلطة السابقة، مشيرًا إلى أن التعاون الاستخباراتي بين واشنطن ودمشق حول "داعش" كان قائمًا سابقًا، لكن لا يوجد إعلان رسمي عن هذا الموضوع"، مرجحًا أن يكون هذا التواصل "عبر المخابرات التركية".
ما علاقة "قسد"؟
من جهته، يرى المحلل السياسي السوري حسام طالب، أن بيان "داعش" هو بيان إعلامي أكثر من أنه يحمل أبعاد وأهداف عميقة، مشيرًا إلى أن "داعش" يتحرك عبر خلايا إرهابية، في مناطق محدودة من سوريا، ويستغل وجود ثغرات أمنية في بعض المناطق مثل البادية السورية.
وقال طالب أن التنظيم لا يملك اليوم مقومات أو بنية دولة تعطيه التفوق، ولكنه يمتلك خلايا إرهابية يمكنها إحداث بعض الهزات والعمليات الإرهابية المحدودة وزعزعة استقرار الإدارة السورية الجديدة.
ويدّعي طالب بأن وجود "قسد" قد يكون مساعدًا لتحرك "داعش"، مشيرًا إلى أن "قسد" تسعى دائمًا لإطلاق تهديدات والبدء بعمليات، مستفيدة من وجود "داعش"، "وهي ورقة تستخدمها لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية ضد الإدارة الجديدة" وفقًا للمحلل، في حين أن الحقيقة تشير إلى أن الخطر سيكون على المدنيين أكثر من الإدارة، ومتابعتها ضرورية، وفي الوقت نفسه مرهقة لأي جيش في العالم وليس فقط في سوريا.
سر التوقيت
يلفت المحلل السياسي السوري إلى أن "هناك فصائل في سوريا ما زالت ترفض المراجعات والانخراط في الدولة الجديدة ومنطق الدولة، وهذه الفصائل المتشددة تريد "داعش" استقطابها لتوسيع نطاق عملياتها في الشمال السوري خصوصًا".
كما أنه "من الوارد جدًا أن تسعى إيران لاستغلال هذه النقطة، واستخدام خلايا داعش، خاصة بعد التأكد من العلاقة المتينة التي تربط إيران بالقاعدة والتي وصلت لحد التفاهمات مع داعش في البادية السورية وأيضًا في العراق" بحسب طالب.
ويضيف: "تسعى إيران عبر اهتمامها بداعش ودعمها له إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في سوريا والمنطقة، وهذا الكلام كان واضحًا من تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني قبل يومين وأيضًا في تصريحات خامنئي، والتي تتقاطع مع تصريحات وتهديدات داعش".
ويوضح حسام طالب أن إيران تسعى إلى خلق حالة من عدم الإستقرار في سوريا، لإضعاف الإدارة الجديدة، وتستفيد من أحد أدواتها في سوريا وهي "داعش" كما يقول.
أما التعاون الاستخباراتي بين أمريكا والإدارة الجديدة فلا يقتصر على "داعش"، وفقًا لطالب، وإنما تجاوز ذلك ليصل إلى الحدود السورية اللبنانية، وهو ما ظهر عبر كشف شحنات السلاح إلى حزب الله قبل أيام قليلة.
ويخلص المحلل حسام طالب إلى أن "التعاون مفيد للطرفين، ومن الممكن أن يتطور خلال المرحلة القادمة على صعيد استراتيجي أعمق".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|