سالم زهران : الحكومة غير عالقة عند "الثنائي" والأمير وهذا ما قاله عن يزيد بن فرحان
مستقبل أطفال لبنان على المِحك... الاتفاقيات موقعة ولكن ماذا عن التنفيذ؟!
ربى أبو فاضل - الديار
يعاني الأطفال في لبنان من وطأة أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة وفقا لتقييم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، فحقوق الأطفال في لبنان تنتهك في ظل الأوضاع المأساوية التي حرمت الكثير من الأطفال من التعلم وأجبرتهم على التوجه إلى العمل لمساعدة أفراد أسرهم على مجابهة الظروف القاسية التي يعيشونها، فتجدهم في المكبات والمستوعبات وفي ورش البناء، أو على الطرقات لبيع الورود والمناديل أو يعملون في محلات السوبرماركت والمصانع ومحال الميكانيك والزراعة لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة.
الجدير بالذكر أن نسبة عمالة الأطفال تبلغ أعلى معدلاتها في الفئة العمرية من (15- 17 سنة)، إذ تشكل نسبة 8 % من الأطفال العاملين بحسب التصنيف اللبناني لعمالة الأطفال بينما وبحسب تصنيف منظمة العمل الدولية تصل إلى 6.7 %، كما تبين أن 79 % من الأطفال العاملين يعملون في أعمال خطيرة، وذلك نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، واضعا مستقبل جيل كامل من الأطفال في لبنان على المحك.
جريمة ترتكب بحق الطفولة في لبنان، فقد بات مشهد الأطفال على الطرقات عند التقاطعات والمستديرات والمحال التجارية على مختلف أنواعها وكأنه أمر طبيعي، فقانون العمل اللبناني يقر أنه بإمكان الأطفال العمل ولكن ضمن شروط محددة وليس قبل سن 14 عاما، رغم أنه غير محبذ على الأطفال العمل في سن مبكرة، إلا أن هناك قوانين لحمايتهم، ومن الضروري على الجميع الإلتزام بها وتطبيقها، بدءامن ارباب العمل ووصولا إلى الدولة كما ويتحمل الأهل مسؤولية التأكد من مشاركة أطفالهم في أعمال خفيفة وفي بيئة آمنة، وضمان معرفة الأطفال بحقوقهم.
مصدر قانوني أكد أن "المادة 23 من قانون العمل اللبناني حظرت بصورة مطلقة استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن 13 عاما ويجب ألا يستخدم الحدث قبل إجراء فحص طبي للتأكد من لياقته للقيام بالأعمال التي يستخدم لأدائها، كما يحظر استخدام الأحداث في المشاريع الصناعية والأعمال المرهقة أو المضرة بالصحة والمبينة في الجدولين رقم (1) و(2) الملحقين بالقانون قبل إكمالهم سن 15 عاماً، مضيفاً "المادة 23 تحظر استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن 16 عاما في الأعمال الخطرة بطبيعتها أو التي تشكل خطرا على الحياة أو الصحة أو الأخلاق بسبب الظروف التي تجري فيها، ويحظر تشغيل الأحداث الذين يقل سنهم عن 18 عاما في الأعمال التي تشكل خطرا على صحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي الواردة في المرسوم رقم 8987 لسنة 2012، أما اتفاقيات العمل الدولية فتحدد سن الاستخدام بين 12 و14 عاماً بحسب ظروف البلد الاقتصادية والاجتماعية".
وتعرف الأمم المتحدة عمالة الأطفال بأنها أعمال تضع عبئاً ثقيلاً على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، ويوجد في ذلك انتهاك للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما أن تحرم الأطفال من التعليم أو تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة دوليا ومحليا لتعزيز حقوق الطفل ودعم مكانته الإجتماعية، إلا أن الخطوات التي قامت بها الحكومات المتعاقبة في لبنان لا تزال خجولة ولا تحقق الهدف النهائي للقضاء على هذه الآفة الاجتماعية "عمالة الأطفال"، في ظل عدم وجود سياسات واضحة تتعلق بهم، والتي يتقاسم مسؤولية رسمها عدد من الوزارات،لا سيما وزارات الداخلية والعدل والعمل والشؤون الإجتماعية، بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية ذات الصلة.
فغياب الدولة، التي لا تأخذ هذه الكارثة المدمرة على محمل الجد يعد العامل الأبرز في وصول الطفل إلى الشارع ، فإلى اليوم لم تسع الدولة لتمكين فريق وزارة العمل من العدد الكافي من المراقبين لمراقبة الأماكن التي يعمل فيها الأطفال والتدخل مع أصحاب العمل لوضع حد لتفشي هذه الظاهرة الخطيرة، إضافة إلى "جهل الأهل" وعدم إعطاء الأولوية لحماية الطفل وتمكينه من كافة حقوقه الطبيعية، وعرفت منظمة العمل الدولية الطفل أنه هو الشخص دون سن 18 عاماً وتسعى المنظمة منذ إنشائها عام 1919، الى القضاء على عمالة الأطفال.
الجدير بالذكر أن لبنان وقع بتاريخ 1990 على اتفاقية حقوق الطفل، التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 1989، وهي اتفاقية مهمة وملزمة قانونا والتي تحدد الحقوق الأساسية لكل طفل، بغض النظر عن عرقه أو دينه أو قدراته، ولبنان تعهد أن يطبق تلك البنود عن طريق برامجه الحكومية، لكن تراخي الدولة كما الأزمة الاقتصادية حالا دون تطبيق جدي للاتفاقية مما أدى إلى تفشي تلك الظاهرة بشكل مخيف، كما ساهمت حركة اللجوء إثر الحرب في سوريا في ازدياد عمالة الأطفال، إذ يعمل كثير من أطفال اللاجئين السوريين في قطاعات اقتصادية مختلفة في لبنان.
الأختصاصية الاجتماعية والخبيرة في مجال الحماية الأسرية رنا غنوي أشارت إلى الاثار الجسدية والنفسية التي يعيشها الأطفال الذين يعملون، وترى أن "عمل الأطفال يشكل بالأساس مصادرة لطفولة وتشويهاً لها" مضيفة أن "الكثير من الأطفال يعملون في أعمال خطرة كالبناء وميكانيك السيارات أو الكهرباء، فتسبب لهم مشاكل جسدية خطيرة أو حتى نفسية كأن يحرق الطفل مراحل حياته، كما يمكن أن يعتبر نفسه قد أصبح مسؤولاً بالمقارنة مع بقية الأطفال، فتتكون لديه نظرة متعالية تجاه أبناء جيله، أو تتأثر حياته المستقبلية حين يحاول أن يستعيد جزءاً من طفولته الضائعة لاحقاً".
ترتفع نسبة الاطفال العاملين في لبنان بشكل ينذر بكارثة اجتماعية في ظل غياب لرقابة الدولة، وعلى الرغم من تأكيد القوانين اللبنانية على إلزامية التعليم للأطفال، فإن عدم تطبيق هذا الأمر يعود لأسباب تقع على عاتق الدولة من جهة والأهل من جهة أخرى. فالدولة ومسؤولوها تجاهلوا القانون واكتفوا بالمطالبة بتطبيقه بالمناسبات الإنتخابية والسياسية، أما الأهل فتماهوا مع الموضوع إما بسبب جهلهم وعدم مسؤوليتهم، وإما لأسباب تتعلق بكتم القيد لأسباب مالية مما يصعب عليهم الانخراط في المدارس أو حتى الاستمرار في التعليم ضمن الصفوف العليا.
من هنا لا بد من اعتماد برامج فعالة لحماية الأطفال من اية مخاطر أو استغلال وتمكينهم من الوصول إلى التعلم ووجودهم في المدرسة حيث يجب أن يكونوا، بالإضافة إلى وجوب إنشاء نظم فعالة وعملية لتنفيذ حقوق الإنسان وحقوق الطفل كحقوق مترابطة بعضها مع البعض الآخر، عبر العمل على زيادة الإرادة السياسية والوعي والمعرفة والموارد البشرية والمالية، من اجل بناء مستقبل أكثر استقراراً، فكل طفل يستحق أن ينمو بأمان ويحصل على حقه في العيش الكريم.
الجدير بالذكر أن منظمة الأمم المتحدة حددت يوم 12 حزيران من كل عام ليكون اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، وفيه تقام فعاليات حول العالم بمشاركة الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، للتنبيه على ضرورة مكافحة الظاهرة، والتأكيد على إستراتيجيات العمل للقضاء عليها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|