الصحافة

حذارِ من الإنزلاق!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية حصل نتيجة توافق لبناني ودولي حيث أن القواعد الشعبية لمعظم الأحزاب اللبنانية ألزمت قادتها على السير بما ترغب به قواعدهم، في حين انقسم القادة بين من ليس راغباً بانتخابه ليس شكاً بوطنيته إنما خوفاً من تعاطيهم مع شخصيته الصلبة، وبين معارضاً لأنه لا يحمي مشروعهم السياسي، تبع ذلك تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة. رحّب اللبنانيون ومعهم الدول العربية والأجنبية بالرئيس الجديد واعتبروا انتخابه بمثابة ولادة جديدة للبنان وان مرحلة التعافي وعودة الدولة تجري على قدم وساق معربين عن رغبتهم في تقديم كل الدعم اللازم الى جانب عودة المشاريع الإستثمارية.


ثلاثة أمور حدثت في الأسبوعَين الماضيَين، في حال عدم معالجتها تكون قد أسقطت ثلاثة "عهود" من خطاب القسم، أجهضت حماسة الشعب اللبناني الذي رسم صورة جديدة للبنان الجديد، كما أجهضت حماسة الدول الصديقة الداعمة والتي عادت إلى مربع المراقبة بعد الاندفاع الذي ابدته في البداية.

التعهد الأول: "وتفضيل الكفاءة على الزبائنية والوطنية على الفئوية والفاعلية على البيروقراطية والحزم على الهروب من المسؤولية والشفافية على الصفقات ومعاصرة التطور العالمي على التمترس خلف صراعات الماضي".

التعهد الثاني: "عهدي مع المجلس النيابي ومجلس الوزراء أن نعيد هيكلة الادارة العامة وأن نقوم بالمداورة في وظائف الفئة الأولى في الإدارات والمؤسسات العامة".

التعهد الثالث: "عهدي ان اسهر على تفعيل عمل أجهزة القوى الأمنية على اختلاف مهامها كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين".

هذا ما جاء في الفقرة الخامسة والسادسة والثامنة من خطاب القسم.

أولا، الدخول في مساومة مع حزب الله في تشكيل الحكومة وتكريس وزارة المالية للطائفة الشيعية تضرب مبدأ المداورة والكفاءة والفاعلية وتجسد الزبائنية والفئوية وتُحيي التمترس خلف صراعات الماضي.

"لنيل الثقة في المجلس النيابي" حسبما صرّح الرئيس المكلّف موضحًا أسباب تفاوضه مع الثنائي الشيعي، يعيق تشكيل الحكومة وهذه نقطة ضعف تُسجل على العهد. البازار السياسي مع الحزب لا جدوى منه طالما لا يهمّه بناء الدولة ما يهمه فقط أن تكون أموال الإعمار تحت إدارته ليبقى متمكناً من الإمساك ببيئته، أما بناء الدولة فهو يقيّد دويلته وسيطرته على قرارات وسياسات الحكومة وهذا ما لن يسمح به (أي بناء الدولة) والهدف الأكبر للحزب في المرحلة اللاحقة هو عرقلة كل ما جاء في خطاب القسم، لأن كل فقرة فيه تناقض أهدافه وممارساته ما لم يتم وضع حدّ لتدخلاته، دون الخوف من التداعيات أو من ردّات الفعل.


أمّا أفعال الحكومات ونتائجها فهي تُسجل في التاريخ على العهد وليس على رئيس الحكومة، وتشكيل حكومة على صورة حكومات العهود السابقة ستعيدنا إلى مرحلة ما قبل الحرب الأخيرة، والأجدى الإكتفاء بما نص عليه الدستور أي الإستشارات النيابية غير الملزمة وعدم الدخول في مطالب وتهديدات السياسيين التي لا تنتهي وتشكيل حكومة المرحلة الجديدة والذهاب بها الى مجلس النواب وليتحمل المجلس النيابي مسؤولية قراره.

وفيما خصّ تصريحات المواطنين في الجنوب الأحد الفائت منذ الصباح  وحتى المساء، فهي كانت موجّهة ضد الجيش اللبناني ومن خلفه العهد بشكل مباشر وتكرار شعار "شعب جيش مقاومة" كانت على كل لسان وبطريقة واضحة ومنظّمة، وهو تمهيد لما يطالب به الحزب في البيان الوزاري كما انه ليس عفوياً بل كان بإيعاز حزبي الى كل بيئة المقاومة التي ذهبت بتكليف شرعي. كان الأجدى بأبناء الجنوب العائدين توجيه شكر الى الجيش اللبناني بدل الشتائم والانتقادات بالمباشر وعلى الشاشات وكأن الجيش مجبر على تنظيف ما خلّفوه والسير حسب أجندتهم، ولو حصل ذلك في دولة أخرى لكنا رأينا من تبقى من قادة حزب الله في السجون مع مصادرة املاكهم واموالهم لإعمار ما تهدم ودفع تعويضات لكل الشعب اللبناني بسبب الأضرار التي أحدثتها قراراتهم وأفعالهم.

وبالعودة لما جرى ليل الاحد، فإن المواكب السيارة والدراجات النارية التي جابت شوارع المناطق المسيحية والسنية بأعلام حزب الله والهتاف بشعار "شيعة شيعة" دون تدخل حاسم للقوى الأمنية ودون سماع اي استنكار او إجراء من الرئيسَين أشعر لبنانيي الهوية والإنتماء كأن شيئاً لم يتغير ولا زالوا يعبثون في لبنان كما يشاؤون دون محاسبة.


المطلوب واحد: لا تبقوا صامتين! أطلعوا الشعب بشكل يومي على كل ما يثير هواجسه وكيفية معالجتها، أشعروا المواطنين أنكم معهم وتشعرون ما يشعرون به، اكشفوا عن تفاصيل لقاءاتكم في الإعلام، السرية تزيد في التمادي وفي الشروط، وتكثر من الأقاويل وتحريف الحقائق وأعلنوا عن كل الإجراءات المتخذة والمنوي اتخاذها فالشعب داعم لكم ومعكم، كونوا على قدر تطلعاته وإتعظوا من تجارب الرؤساء الذين سبقوكم فمن تلكأ منهم من أخذ قرارات حاسمة خوفاً من انقسامات او فتن داخلية أوقع لبنان في حروب مستدامة ومن تجرّأ على اتخاذ قرارات حاسمة دون خوف خلّص لبنان من حروب كادت تحصل.

أنتم يا فخامة الرئيس لا فضل على أي جهة منفردة في وصولكم الى سدة الرئاسة، انتخبكم الشعب قبل سياسييه. استثمر في الشعب والشعب أمامكم في وجه المعرقلين الذين اعتادوا على الهيمنة، وإرادة كل الشعب اللبناني الهوية والإنتماء أقوى من المهدّدين بفتن داخلية. "لا وزارة" أفضل من وزارة تحت الضغط، واعطائهم ما يريدونه اليوم سيجبركم غداً على إعطائهم أكثر، إقطعوا التمادي منذ البداية وليتحملوا مسؤولية أفعالهم. قراراتكم الحاسمة هي التي تميّزكم وتخلّص لبنان.

الشعب بإنتظاركم..!

ملاحظة: إن المقالات الواردة في هذه الخانة تعبّر عن رأي كاتبها فقط، ولا تلزم الموقع بأي مسؤولية قانونية

سليم البيطار غانم

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا