عربي ودولي

سوريا تعود إلى العرب من بوابة الخليج... أهمية سياسيّة واقتصاديّة ومخاوف من العرقلة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اختار الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع السعودية كوجهة خارجية أولى منذ تسلّمه قيادة سوريا، في زيارة تحمل من الدلالات والإشارات ما يكفي لمحاولة رسم معالم السياسة السورية الإستراتيجية الجديدة. فالسعودية التي تحتلّ مواقع ريادية في المجتمعَين العربي والدولي، ستؤدّي أدواراً محورية في مستقبل سوريا السياسي والاقتصادي.

واحتلت السعودية أهمية استثنائية في السياسة الخارجية لسوريا الجديدة إلى جانب تركيا، وقد زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الرياض وقابله نظيره السعودي فيصل بن فرحان بزيارة إلى دمشق. هذه العلاقة تعبّر عن رؤية الشرع لدور السعودية في إعادة سوريا إلى الحضن العربي الذي فقدته خلاله عهد بشّار الأسد، إلى جانب أدوار إعادة الإعمار وخطوط الطاقة والنقل.

وخلال اللقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جرى البحث بأوجه العلاقة الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى سبل دعم أمن واستقرار سوريا، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية (واس).

وأكّد الشرع، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، السعي مع السعودية إلى شراكة حقيقية تهدف لحفظ السلام، وأشار إلى أنّه سمع من بن سلمان "رغبة حقيقية لدعم سوريا في بناء مستقبلها، وحرصاً على دعم إرادة الشعب السوري ووحدة وسلامة أراضيه".

وتحدّث الشرع عن "نقاشات ومحادثات موسعة في كل المجالات، والعمل على رفعِ مستوى التواصلِ والتعاونِ في كافةِ الصُّعد، لا سيما الإنسانية والاقتصادية"، وقال: "ناقشْنا خططاً مستقبليةً موسَّعة، في مجالاتِ الطاقةِ والتقانة، والتعليم والصحة، لنصل معاً إلى شراكة حقيقية، تهدف إلى حفظِ السلام والاستقرارِ في المنطقةِ كلّها، وتحسين الواقع الاقتصادي للشعب السوري، هذا بجانب استمرار التعاون السياسيّ والدبلوماسيّ تعزيزاً لدور سوريا إزاء المواقفِ والقضايا العربية والعالمية، خصوصاً بعد النقاشات التي أُجريت في العاصمة السعودية الرياض، خلال الشهر الفائت".
تحرّر سوريا من إيران

السلبية التي شابت العلاقات السعودية – السورية في السنوات الأخيرة بسبب الانحياز السوري التام لإيران ومشاريعها، وتصدير المخدرات والكبتاغون إلى السعودية، صفحة طويت مع سقوط الأسد، والاتجاه السوري السياسي الحالي المعارض لإيران والعمليات الأمنية المكثّفة لكشف معامل تصنيع الكبتاغون وإتلاف المواد الموجودة داخلها رسائل طمأنة إلى السعودية والخليج.

الديبلوماسي السوري السابق بسام بربندي يتحدّث عن بعدٍ سياسيّ مهمّ للزيارة، فيشير إلى أنّها رسالة مضمونها أنّ "سوريا تحرّرت من الاحتلال الإيرانيّ"، وبمثابة "تكريس لعودتها إلى العالم العربي"، مشيراً خلال حديثه لـ"النهار" عن "الأبعاد السنية والدينية والسياسية للسعودية" التي جعلتها الوجهة الأولى للشرع.

لكن بربندي لا ينكر أهمية الدور السعودي في عملية نهوض سوريا على مستوى الاقتصاد وإعادة الاعمار، ويقول إنّ الرياض "كانت الوحيدة التي شيّدت جسور إغاثة إنسانية مفتوحة" بعد سقوط الأسد، وأدّت أدواراً محورية، وبشكل ما الدوحة وأنقرة، لتشجيع الولايات المتحدة والدول الأوروبية على "وقف العمل ببعض قوانين العقوبات"، ومن المتوقّع أن يستمرّ هذا الدفع في الاتجاه نفسه.

استثمارات منتظرة... ولكن
وسبق أن كشفت تقارير عن مشاريع اقتصادية وتنموية سعودية منتظرة في سوريا، منها ما هو مرتبط بمجالات الطاقة وإعادة انتظام المؤسسات "الدولاتية"، لكنّ انطلاق هذه العجلة يتطلّب رفعاً أو وقفاً طويل الأمد وكاملاً للعقوبات الغربية وفق بربندي، كون الاستثمارات لا يمكن أن تبدأ في ظلّ تعليق موقّت للعقوبات لا يتعدّى الأشهر.

الانفتاح السعودي على سوريا بشكله الحاليّ سيترك تبعات إيجابية على القيادة الجديدة، كون السعودية مفتاح سوريا للخليج والعالم العربي، وسيخلف ارتياحاً في الأوساط العربية، وبشكل خاصّ مصر التي تخشى من الخلفيات الإسلامية للقيادة الجديدة، وسيكون هذا الانفتاح عبارة عن ميدان منافسة سياسي اقتصادي في دولة تنتظر عمليات إعادة إعمار على كافّة المستويات.

السعوديّة قبل تركيا!
مضمار التنافس في سوريا لا تغيب عنه تركيا، فللأخيرة مصالح سياسية واقتصادية وعلاقات متطوّرة مع القيادة السورية الجديدة قد تكون أكثر تقدّماً مقارنة بدول الخليج، لكن خيار السعودية للزيارة الأولى وليس تركيا هو تأكيد على عربية سوريا الجديدة، وعلى تبدّل سياسات الرئيس الانتقالي ومحيطه من سياسات الفصائل إلى سياسات الدول.

بربندي يؤكّد فكرة "عودة سوريا إلى مكانها العربيّ – السنّي الطبيعيّ"، وبرأيه، فإنّ السعودية ومصر "وجهتان رئيسيّتان" للشرع قبل تركيا، ولا يرى تنافساً سعودياً تركياً بقدر ما يرى "تنسيقاً" عاليَ المستوى بين الرياض وأنقرة لتأمين استقرار سوريا ورفع العقوبات وبدء الاستثمارات، معتبراً أن سوريا "تتجه نحو موقع مستقبليّ أفضل".

في المحصّلة، فإنّ زيارة الشرع إلى سوريا مليئة بالرسائل والأهداف السياسية والاقتصادية، والعنوان الأبرز  "عودة سوريا إلى العالم العربيّ"، وهي خطوة أولى باتجاه إعادة النهوض وتفعيل الدور، لكن أمام سوريا تحدّيات سياسية وأمنية ومحاولات عرقلة من خارج الحدود، قد تكون من إيران، ستلقي بظلالها على القيادة الجديدة للتأثير على الجوّ السوريّ الجديد.

جاد ح. فياض- النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا