إقتصاد

سوريا والإتحاد الأوروبي: تخفيف العقوبات دون “شيك على بياض”

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد مرور أقل من شهرين على سقوط نظام بشار الأسد، برهن الاتحاد الأوروبي عزمه على لعب دور رئيسي في التغيير الحاصل في سوريا.
فقد توافقت الدول الأعضاء الـ27 يوم الإثنين على “خارطة طريق” تهدف لتخفيف العقوبات المفروضة على قطاعات واسعة من الاقتصاد منذ عهد الأسد. ومع ذلك، استبعد الاتحاد الأوروبي أي رفع غير مشروط لهذه التدابير التقييدية. ولهذه الغاية، سيعتمد سياسة تدريجية ومحكومة بشروط صارمة. بمعنى آخر، يرفض الإتحاد منح “شيك على بياض” للسلطات السورية الجديدة بانتظار أن تثبت حسن إدارتها مع الوقت.
مسؤولة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي، كايا كالاس، لخصت موقف الاتحاد الأوروبي. ولفتت إلى أن هذه الخطة تعكس سعي الإتحاد للتحرك سريعاً ولكن رفع العقوبات يحتمل مفاعيلاً معاكسة في حال اتخذت الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع قرارات غير ملائمة. وأضافت: “نحن مستعدون لاعتماد خطوات جديدة إذا لاحظنا تقدمًا في الاتجاه الصحيح. ومع ذلك، لا بد من أن تتوفر خطة احتياطية أيضًا.”
من جانبها، أكدت المفوضة الأوروبية المكلفة بإدارة الأزمات، حاجة لحبيب على ضرورة مساعدة سوريا خطوة بخطوة، حيث “من الضروري ألا نترك سوريا بينما هي في أمس الحاجة للمساعدة. دعونا نساعدها، ولكن دون سذاجة”. وتجدر الإشارة إلى أنّ تعليق العقوبات سيشمل في المبدأ، ولمدة عام، قطاعات استراتيجية كالنقل والطاقة والمؤسسات المالية.

“سياسة العصا والجزرة”
المبادرة الأوروبية تعكس رغبة الغرب بالحفاظ على نفوذ في العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة. وكان الغرب قد استخدم العقوبات كوسيلة ضغط ضد النظام السابق. وهذا ما يلخصه أحد المتابعين الذي تحفظ عن ذكر اسمه بـ “سياسة العصا والجزرة”.
ووفقاً للمصدر نفسه، يسعى الاتحاد الأوروبي لتولي دور قيادي في سياق الجهود الدولية والإقليمية لإعادة إعمار سوريا. وتستند هذه الاستراتيجية إلى مبدأ أنّ “استقرار سوريا لا يعود بالفائدة على السوريين وعلى المنطقة فقط، بل على أوروبا أيضاً. وترغب هذه الأخيرة بتجنب موجات الهجرة الجديدة التي قد تهدد استقرارها السياسي. علاوة على ذلك، من شأن انتعاش الاقتصاد أن يفسح المجال أمام الفرص الاستثمارية للشركات الأوروبية.”
وفي هذا السياق، يمكن النظر في رفع العقوبات (أو على الأقل تعليقها) شريطة التزام السلطات السورية الجديدة بشكل واضح باتباع خطة الطريق التي حددها الاتحاد الأوروبي.

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
لم يكن الأوروبيون ليبادروا بتعليق بعض العقوبات لولا المثال الذي قدمته الولايات المتحدة. ففي 7 يناير، منحت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصًا لمدة ستة أشهر يسمح بتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق بشكل موجه. وهدفت هذه الخطوة لتسهيل الأنشطة الأساسية وتلبية الاحتياجات الإنسانية، كتوفير الخدمات العامة وتوزيع المساعدات.
ومع ذلك، يبقى هذا الإجراء محدودًا ولا يشمل رفعًا كاملًا للعقوبات. فالعقوبات التي تستهدف أفرادًا وكيانات محددة، كبشار الأسد والحكومة السورية والبنك المركزي السوري وهيئة تحرير الشام تظل سارية. وستستمر الحكومة الأميركية بمتابعة التطورات على الأرض خلال الأشهر الستة المقبلة. وتعكس هذه الخطوة رغبة الولايات المتحدة بدعم الشعب السوري في بناء مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا، مع الحفاظ على الضغط على المسؤولين عن الانتهاكات السابقة.

شروط الاتحاد الأوروبي
من جانبه، قام جان نويل بارو الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون الأوروبية لدى الحكومة الفرنسية بتوضيح شروط “الاتحاد الأوروبي”، والتي لاقت موافقة واسعة من الدول الأعضاء. وأكد على اشتراط “تعليق العقوبات بالانتقال السياسي الشامل لجميع السوريين، وبتنفيذ تدابير صارمة لضمان الأمن ومواصلة مكافحة الإرهاب، خصوصًا ضد تنظيم “داعش”، وضمان تدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية الخاصة بالنظام السوري السابق”.

حسن النية
من جهة أخرى، يبذل الشرع العديد من الجهود لإظهار حسن النية ودفع المجتمع الدولي نحو رفع العقوبات المفروضة على اقتصاد بلاده منذ عام 2011. الشرع كرر أمام المسؤولين الأجانب تطلعه لإعادة بناء بلاده وسعيه لإقامة “شراكة” مع أوروبا وتمسكه بأن يصبح “حليفًا” لها في الشرق الأوسط. وفي خطوة جديدة نحو “إعادة بناء بلد ديمقراطي”، قامت السلطات السورية بإلغاء حزب البعث الذي حكم البلاد لأكثر من 60 عامًا، بالإضافة إلى الإعلان عن حل البرلمان القديم وتجميد دستور 2012، فضلاً عن تعيين أحمد الشرع رئيسًا خلال هذه الفترة الانتقالية.
كما تم بعد ذلك الإعلان عن حل جيش النظام بالإضافة إلى جميع الأجهزة الأمنية التابعة له.

سوريا وروسيا
وفي الوقت عينه، يبدو أنّ الغرب يربط تخفيف العقوبات بإدارة الحكومة السورية الجديدة بالوجود العسكري الروسي على أراضيها، خصوصًا في قاعدة حميميم قرب اللاذقية وميناء طرطوس. وقد يستخدم الاتحاد الأوروبي العقوبات كأداة ضغط لدفع الحكومة السورية لإنهاء هذا الوجود. وفي هذا السياق، كانت وكالة “تاس” الروسية قد نقلت عن مسؤول أوروبي قوله إن الاتحاد الأوروبي أخبر الحكومة السورية الجديدة بأنّ رفع العقوبات سيكون مرهونًا بانسحاب القواعد العسكرية الروسية من سوريا. كما أكد المسؤول أنّ الاتحاد الأوروبي “يتابع هذه القضية عن كثب”، مضيفاً أنه أبلغ السلطات السورية أن عملية التطبيع تعتمد على إنهاء كافة أشكال الوجود الأجنبي، سواء كان عسكريًا أو أي شكل آخر.”
وأعلنت روسيا مساء الثلاثاء أنّ مسألة إبقاء قاعدتها العسكرية في سوريا تتطلب مشاورات إضافية، بينما كان وفد من موسكو يجري محادثات مع أحمد الشرع في دمشق.
وبينما يتباحث المجتمع الدولي حول العقوبات، يبقى من الأهمية بمكان التركيز على تأثيرها المباشر على حياة الشعب السوري.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا