قطار الإصلاح على السكة... وتبقى العيْن على الفجوة الماليّة
بعد الخطوة التي قام بها المجلس النيابي بإقرار قانون تنظيم المصارف (إعادة هيكلة المصارف)، فإنّ الرهان يبقى على مدى التزام السلطة السياسيّة بترجمة ما أُقرّ على أرض الواقع عقب إقرار قانون لمعالجة الفجوة الماليّة وملف الودائع. وبالتالي يبقى رهينة التزام كافة السلطات المعنيّة بالسيْر قدمًا في تقديم الإصلاحات المطلوبة لمعالجة الأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي تسبّبت بالانهيار الكبير، لذلك فإن المواعيد التي ضربتها الحكومة بإنجاز قانون معالجة الفجوة المالية هو الموعد المفصلي لجديّتها في السيْر بالإصلاح الاقتصادي والمالي.
"إذا أردنا المقارنة بين هذه الحكومة والحكومة السابقة، يمكن القول إن الحكومة الحالية وضعت القطار على السكة الصحيحة من خلال إحالة مشاريع القوانين اللازمة إلى مجلس النواب"، وفق ما يرى عضو تكتل " الجمهورية القوية " رازي الحاج.
على الصعيد الاقتصادي، يقول الحاح لـ "نداء الوطن"، إنّه "يبرز بشكل خاص ملف الودائع والأزمة المالية، حيث تم التوصل فعليًا إلى ثلاثة قوانين أساسية:
قانون السريّة المصرفيّة، الذي أقرّته الحكومة وتم تمريره.
قانون إعادة هيكلة المصارف، الذي أُنجز أيضًا وأقر مؤخرًّا في الهيئة العامة لمجلس النواب.
يبقى قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، وهو الأهم، خصوصًا في ظل توصية من مجلس النواب للحكومة بالإسراع في إعداده وإحالته إلى البرلمان.
يُضيف: "إذا تحدّثنا عن هذا الملف، يُمكن القول إنّ هناك تقدّمًا تحقّق. وإذا نجحت الحكومة في تسريع العمل على قانون الانتظام المالي وتمكّنا من إيجاد حل حقيقي لاسترداد الودائع بقيمتها الفعلية بحيث يتمكن المواطنون من استخدامها والمحافظة على قدرتها الشرائية، فسنكون قد خطونا خطوة مهمة نحو إعادة انطلاق القطاع المصرفي الذي يُفترض أن يلعب دوره الطبيعي في تمويل الاقتصاد".
إذَا، إنّ "خطوتَيْ إقرار قانون السرية المصرفية وقانون إعادة هيكلة المصارف مهمتان جدًا، لكن تبقى الخطوة الحاسمة هي ما يتعلّق بالمودعين. لذلك، نمارس ضغطًا كبيرًا على الحكومة لإنجاز هذا الملف، لأنه إذا لم يتم التوصل إلى حل واضح وعادل في هذا الإطار، فإن كل الجهود السابقة ستفقد معناها ولن تفضي إلى نتيجة ملموسة"، بحسب ما يُشير الحاج.
هيكلة القطاع العام
في ما خصّ إعادة هيكلة القطاع العام، يعتقد أنه "لم يعد هناك مجال للمماطلة، ويجب الشروع في هذا المسار من خلال إلغاء ودمج بعض المؤسسات. هذه الحكومة قادرة فعلاً على اتخاذ قرارات من هذا النوع، خصوصاً أن أعضاءها ليسوا مرشحين لمناصب نيابية، ما يُبعد عنها الاعتبارات الانتخابية. ورغم أنها تمثّل أطرافًا سياسية، إلا أن بإمكانها العمل بمقاربة مختلفة".
لكن حتى اللحظة، لا يرى الحاج أن "هناك تقدّمًا حقيقيًا في هذا الملف، وهو يتطلب تسريعًا لأن الوقت لا يعمل لصالحنا".
إطلاق المشاريع
النقطة الثالثة، وفق الحاج "تتعلق بإطلاق بعض المشاريع. وفي ما يتعلق ببعض المشاريع الاستثمارية، قامت الحكومة بإرسال تعديلات على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو قانون يشكل منصة جاهزة للتفعيل. وتُعتبر هذه خطوة مهمة لإعادة إطلاق عجلة الشراكة، كونها تُعدّ اليوم الباب الوحيد المتاح لتمويل المشاريع في ظل غياب العديد من الجهات التي كانت تقدم قروضًا، وأيضًا في ظل الوضع المالي المتدهور للدولة.
لكن يبقى الأهم من كل ذلك - حسب الحاج، هو "مواجهة التحديات الكبرى المرتبطة بالبنية التحتية للاقتصاد، وعلى رأسها قطاع الطاقة، الذي يفرض كلفة عالية جدًا على الصناعة والخدمات. كذلك، هناك تحديات في قطاع الاتصالات والإنترنت، وهما قطاعان يسيران حالياً على المسار الصحيح، ونأمل أن تتحقق إنجازات ملموسة فيهما قبل نهاية ولاية الحكومة، رغم أن وزارة الطاقة والاتصالات تحتاج إلى وقت أطول، خصوصاً في ظل ظروف مالية غير مؤاتية"، إلّا أنّه يشير إلى أنّه "ومع ذلك، هناك جهد يُبذل في المتابعة والمواكبة من أجل إنجاز ما يتطلب من قوانين أو قرارات تنفيذية، ويتم هذا بالتنسيق بين مجلس الوزراء والنواب".
أما في موضوع التعيينات، فيوضح أنّه "بعد جهد طويل، بدأنا نرى تشكيل هيئات ناظمة جديدة، وهذه الهيئات سيكون لها دور أساسي على المستوى الاقتصادي. من هنا، فإن تشكيل الهيئات الناظمة وتفعيلها هو عنصر محوري في تحقيق أي إصلاح اقتصادي".
ويعتبر أنه "إذا تمّ التقدم في هذه الملفات الأساسية، بدءًا من حل أزمة الودائع، وإقرار قانون الانتظام المالي، وإعادة انطلاق القطاع المصرفي، مرورًا إلى مشاريع الشراكة واستثمار أصول الدولة بالشكل الصحيح، مروراً بالتعيينات الأساسية وتفعيل الهيئات الناظمة، وانتهاءً بإقرار التحوّل الرقمي وإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا – إذا تحققت هذه الأمور، نكون قد وضعنا المسار الاقتصادي على السكة الصحيحة".
لكن الحاج يُشدّد على أنّه "لا يمكن فصل الإصلاح الاقتصادي عن الواقع السياسي والأمني، لأنه لا يمكن بناء دولة حقيقية في ظل الاضطراب الأمني وغياب الاستقرار الناتج عن وجود سلاح غير شرعي. وهنا يبقى البُعد السياسي هو التحدي الأبرز، لأنه أساس كل إصلاح أو انهيار".
رماح هاشم - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|