بناء الثقة يبدأ بالقضاء: هل تُظهَّر الحقائق التي مُنع كشفها لعقود؟
في الذكرى الرابعة لاغتيال الصحافي الشيعي المعارض لقمان سليم، العدالة لم تتحقق بعد ولا المحاسبة، وسط محاولات بالقانون وغيره، لعرقلة عملية كشف الحقيقة في مقتله برصاصات غادرة استهدفته في الجنوب، مِن مسدسات مزودة بكواتم. القرار الظنّي الصادر عن قاضي التحقيق بالإنابة بلال حلاوي عشية ذكرى الاغتيال، أكّد "عدم توفّر أدلة عن هوية مرتكبي الجريمة لتوقيفهم وسوقهم للعدالة". واكتفى باتهام "مجهولين بالوقوف وراء خطف وتصفية لقمان سليم، وتسطير بلاغ تحرّ دائم لتحديد هوياتهم".
في المقابل، اشارت شقيقة سليم الى ان " منذ 4 أعوام ولقناعتنا أن العدالة كالإيمان، لم نفوّت جلسة عند القاضيين اللذين تناوبا على الملف، وظننا أننا فزنا بعدما نلنا 4 تواقيع عسيرة وهي للقاضيين شربل أبي سمرا وغسان عويدات ووزيري العدل والخارجية، وافقوا جميعهم على طلبنا إرسال فريق تحقيق ألماني إلى جانب فرع المعلومات. لكن حين تسلّم قاضي التحقيق بالإنابة بلال حلاوي، اعتبر أن هذه التواقيع خرق للسيادة". وكشفت أنّ "القاضي أبي سمرا كان سمح لها بقراءة الملف في مكتبه، وأنه على قاب قوسين أو أدنى من معرفة أسماء المأجورين الذين أفرغوا رصاص مباغضهم في رأس لقمان وظهره".
ككل الجرائم السياسية في لبنان منذ عقود، يمنع كشف الحقيقة وانهاء التحقيق. وتقول مصادر سياسية سيادية لـ"المركزية"، إن الامر الواقع السلبي هذا، ينسحب على جريمة سليم الذي قُتل في قلب مناطق نفوذ حزب الله، شأنها شأن عملية تصفية المسؤول القواتي الياس الحصروني الذي اراد الجناة تصويرها كحادث سير "قضاء وقدر". وأبشع صور عرقلة التحقيقات، ظهرت في ملف انفجار المرفأ، حيث لم يتردد حزب الله في تهديد القاضي طارق البيطار بـ"القبع"، كما انه تدخّل، بإقرار من مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا نفسه، لدى القضاء، لتحرير ناشطات مقرّبات منه.
في المقابل، حضر بناء القضاء المستقل، في صلب خطاب قسم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون حيث قال "إذا أردنا أن نبني وطناً فإنه علينا أن نكون جميعا تحت سقف القانون والقضاء"، مؤكداً أن "التدخل في القضاء ممنوع، ولا حصانات لمجرم أو فاسد، ولا وجود للمافيات ولتهريب المخدرات وتبييض الأموال"، مضيفا "عهدي هو التعاون مع الحكومة الجديدة لإقرار مشروع قانون استقلالية القضاء".
ومنذ ايام، وخلال استقباله في قصر بعبدا، المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم على رأس وفد، اكد الرئيس عون انه سيكون الدرع الأول للقضاء والقضاة الذين دعاهم ليقوموا بواجباتهم بموجب القانون وما تفرضه عليهم ضمائرهم. وتوجه لهم بالقول "لا تخضعوا لاي ضغوطات او تدخلات من أي جهة اتت وليكن ولاؤكم للبلد لا للسلطة السياسية او المرجعية الحزبية او الدينية، فمرجعيتكم الوحيدة هي بلدكم ومصلحته حصرا". اما امس، فتوجه، خلال استقباله رئيس واعضاء مجلس شورى الدولة بالقول "كونوا مستقلين واحكموا بالعدل فلا تظلموا بريئاً ولا تبرئوا ظالماً وتسلحوا بالقانون". اليوم، خلال استقباله وفدًا من نقابة المحامين في بيروت، توجّه لهم قائلًا "أنتم الجناح المكمِّل لعمل القضاء، وعليكم مسؤولية المشاركة في تحقيق العدالة، لأن القضاء والأمن هما الأساس في استكمال قيام دولة الحقّ والقانون".
حتى الساعة، لا ترجمة عملية لكل هذه الدعوات والمواقف على ارض الواقع. بل كل الملفات وابرزها الجرائم السياسية، التي قضت على النخب في لبنان، لا تزال تراوح وتتعرض للعرقلة بالتهديد والوعيد وبسوء تطبيق القانون والدستور. التغيير طبعا يحتاج الى وقت، تتابع المصادر، لكن الاكيد ان الدولة والقضاء، بحاجة الى اتخاذ خطوات جدية ملموسة تعيد بناء الثقة المحلية والدولية بهما، والمطلوب ان يُقدم القضاء ورجاله، في المرحلة المقبلة، محتمين بخطاب قسم الرئيس عون وبالنصائح التي اسداها لهم، على قرارات كبيرة. فعل يفعلون؟ وهل نرى التحقيقات في انفجار المرفأ وفي اغتيال سليم، مثلا، تأخذ مجراها وتضع المسؤولين خلف القضبان؟!
المركزية- لارا يزبك
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|