"الجولاني" زار أردوغان... "الناتو" عن يمينه وتاريخ صلاحية جديدة للحروب على إسرائيل عن يساره...
بعد زيارة الى السعودية طغت على محادثاتها ملفات إعادة إعمار سوريا، ومستقبلها الاقتصادي والمالي، حطّ الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في تركيا، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبحث معه ملفات عدة، لا سيّما ما يرتبط منها بالمستقبل الأمني.
ترتيبات استراتيجية
وترافقت زيارة الشرع تركيا مع معلومات كُشِفَ عنها من الجانبَيْن التركي والسوري على حدّ سواء، وهي تُفيد بمباحثات بين دمشق وأنقرة حول إقامة قواعد جوية تركية في وسط سوريا، وتدريب أنقرة للجيش السوري الجديد. وهذه ترتيبات دفاعية استراتيجية بين البلدَيْن، تتجاوز وجدانيات وعواطف اختلاط الدم التركي بالسوري خلال حقبة الثورة السورية، وفي المرحلة الأخيرة التي سبقت إسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
فهذا النوع من الاتفاقيات سيسمح لتركيا باستخدام الأجواء والأراضي السورية لأغراض عسكرية، وبالسيطرة على إعادة هيكلة الجيش السوري، وهو جيش لإحدى أبرز الدول الإقليمية تأثيراً، في منطقة الشرق الأوسط.
حروب جديدة؟
فهل يشكل دخول تركيا العسكري الى سوريا، وهي (تركيا) عضو في حلف شمال الأطلسي، دخولاً "أطلسيّاً" يؤدي الى دمج الأراضي السورية بمنظومة "الناتو"؟ أم ان تلك الخطوة تعني أن أردوغان هو الذي سيسيطر على سوريا، وهو الرجل الذي قد يؤسّس لإعادة تجديد تواريخ صلاحية الحروب في الشرق الأوسط بأساليب جديدة، انطلاقاً من الأراضي السورية، خصوصاً أنه (أردوغان) الرجل الذي يبيع ويشتري كثيراً في علاقاته مع الأميركيين، تارةً بتحسين العلاقات التركية مع إسرائيل، وطوراً بتسخينها.
وبالتالي، هل يؤدي التمدُّد العسكري لتركيا الداعمة للفصائل الإسلامية ولجماعات "الأخوان المسلمين" في سوريا، الى فصل تحضيري جديد لتهديد أمن إسرائيل، وبالتالي لحروب وصراعات شرق أوسطية وعالمية جديدة؟
"الناتو"...؟؟؟
أوضح العميد الركن المتقاعد حسن جوني أن "المواقف التي برزت خلال الزيارات التي قام بها أحمد الشرع الى السعودية وتركيا، تُظهر أن عناوين العلاقة التي رُسِمَت بين الرياض ودمشق هي اقتصادية - تنموية، بينما تلك التي رُسِمَت بين دمشق وأنقرة هي استراتيجية - أمنية - عسكرية. ومن الطبيعي جداً أن تنضمّ سوريا الى المنظومة الأمنية التركية، انطلاقاً من الدور الرئيسي الذي لعبته تركيا في التحوُّل الذي حصل هناك، والذي أدى الى وصول "هيئة تحرير الشام" والشرع الى الحكم".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "من المُبكر جداً ربط أي اتفاقيات عسكرية أو أمنية تركية - سورية بحلف "الناتو" منذ الآن. لماذا؟ لأن ذلك مرتبط بمدى قبول النظام الجديد في سوريا بهذا الأمر، خصوصاً أن المجموعة الحاكمة حالياً هناك تتمتّع بخلفية إسلامية أصولية، وهي خلفية ليس لديها أي أُفُق لتكون صديقة للحلف الأطلسي. وبالتالي، من المُبكر بعد، بَلْوَرَة الشكل النهائي للنظام ولمستقبل الوضع في سوريا، والأمور مفتوحة على احتمالات عدة".
مخاض...
واعتبر جوني "أننا لا نزال بقلب التغيير الذي يحصل في الشرق الأوسط. فكلام (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب بعد اجتماعه (برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو عن مستقبل غزة، يُظهر أن الرئيس الأميركي يتحدث عن تغييرات استراتيجية من مستوى تغيير دول، و"ترانسفير" لشعوب، وليس عن ترتيب علاقات أو إعادة ترتيب ملفات أو أولويات فقط. وحتى إن ترامب شبّه الشرق الأوسط بطاولة مكتبه، معتبراً أن إسرائيل رأس القلم. وهذا كلام خطير يقول إنها هي التي ترسم الشرق الأوسط الآن، بإعجاب أميركي".
وأضاف:"الوضع السوري الحالي يتطلّب مراقبة مدى تأثير الأحداث الجديدة التي تحصل في المنطقة على سوريا، التي لا تزال في عين العاصفة وفي قلب المخاض، وليست هي التي تحدّد أو ترسم الوقائع الجديدة في الشرق الأوسط. فسوريا اليوم هي أفضل نموذج لدولة مُهشَّمَة بعد حرب، وبعد سقوط نظام وعدم تشكيل آخر واضح بعد، ووسط حالة فراغ أمني ومؤسّساتي وفوضى، وخريطة تقاسم نفوذ بين تركيا في الشمال السوري وقدرة تأثيرها على الشرع والنظام الجديد، ووجود إسرائيل في الجنوب السوري، والولايات المتحدة الأميركية في الشرق السوري، واستمرار تواجد روسيا على الشواطىء السورية".
وختم:"كل هذه الدول تتشارك النفوذ في سوريا. ويمكن لهذا التشارُك أن يتسبّب بتصادم عندما لا يعود منسّقاً. ولكن أي تصادُم مُحتَمَل في المستقبل ضمن هذا الإطار، لن يخرج عن تصادُم المصالح والنفوذ، من دون أن يصل على الأرجح الى درجة الصراعات الكبرى بين تلك الدول".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|