عربي ودولي

الفلسطينيون في وادٍ وترامب في وادٍ آخر!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

صدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشعب الفلسطيني وخصوصاً سكّان غزة بطروحه غير المألوفة، بحيث بدا بعيداً عن آمالهم وأحلامهم بدولة فلسطينية حقيقية يعيشون فيها بحرية وسلام.

الصدمة الأولى التي تلقاها الفلسطينيون من ترامب كانت اقتراح إخلائهم غزة بإتجاه الأردن ومصر واندونيسيا، ما يعني عملية تهجير منظّمة من بيوتهم وأراضيهم، الأمر الذي يتماشى مع آراء حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف بزعامة بتسلئيل سموتريتش، الذي يوفر للحكومة أغلبية ضئيلة في الكنيست.

في مقابل هذه الصدمة، اندفع الفلسطينيون إلى المزيد من التمسّك بالبقاء في غزة، بدليل الحركة الجماعية المفاجئة، إذ انتقلوا من جنوب غزة إلى شمالها سيراً على الأقدام، وقد قدّرت أعدادهم بما لا يقل عن 1,3 مليون.

أما الصدمة الثانية فكانت ابداء ترامب رغبته في الاستيلاء على غزة بل امتلاكها، بحجة أنها لم تعد صالحة للعيش، فبادر، بأسلوب رجل الأعمال الى التخطيط لصفقة شرائها وإعادة إعمارها، مقدّماً مغريات للفسطينيين، بأنها ستصبح “أجمل ريفييرا” في الشرق الأوسط، مليئة بفرص العمل وتسهيلات الحياة المعاصرة.

ويعتبر ديبلوماسيون ديموقراطيون عملوا في إدارة الرئيس جو بايدن، أن مشروع ترامب الذي يبرع في التجارة قد يكون جذاباً، للوهلة الأولى، إلا أنه يحرم الفلسطينيين من حلم العيش في دولة مستقلة، وهذا ما سيدفعهم إلى الإلتفاف حول حركة “حماس”.

ويستخدم ترامب لإقناع الفلسطينيين بمشروعه أن غزة تحتاج إلى إعادة بناء من الصفر، لذا من غير المنطقي أن يبقى مئات الآلاف من المدنيين بين الأنقاض. ويلفت ترامب إلى “أن مهمة إعادة بناء غزة ستكون ضخمة. يجب إزالة الذخائر غير المنفجرة وجبال الحطام. يجب إصلاح خطوط المياه والكهرباء. يجب إعادة بناء المدارس والمستشفيات والمحال التجارية”. وأكّد موفده إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف “إن ذلك قد يستغرق سنوات – وبينما يستمر ذلك، سيحتاج الفلسطينيون إلى الذهاب إلى مكان ما”. لكن الديبلوماسي الديموقراطي السابق يرى أن الفخ الذي ينصبه ترامب للفلسطينيين هو أنه يريد منهم أن يغادروا إلى الأبد.

لم ينسَ الفلسطينيون حتى اليوم نكبتي 1948 و1967، وها أن ترامب يبشّرهم بنكبة 2025، ومشكلة الفلسطينيين مع طروحه أن حلوله غير متوازنة وعادلة، ويؤكدون أنه يفكّر لمصلحة اسرائيل ومكاسبه المالية، فيدوس على قضيتهم ومشاعرهم وأحلامهم.

والمفارقة أن مشروع ترامب الجديد أثار امتعاض الدول العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية وبعض الدول الأوروبية المعروفة بأنها حليفة الولايات المتحدة الأميركية تاريخياً، وتؤمن بحل الدولتين.

لا شك في أن مواقف ترامب ستعقّد المشهد في غزة أكثر، وخصوصاً أن اسرائيل و”حماس” لا يزالان يخوضان المفاوضات بشأن استكمال المراحل الأخرى من اتفاق وقف إطلاق النار، وربما تصبح “حماس” أكثر تشدداً في الاحتفاظ بالرهائن خوفاً من ترجمة طروح ترامب، أما الأخير فقد يسمح لاسرائيل باستئناف حربها إذا وجد تعنتاً من “حماس”، وهو غالباً ما هدّد بفتح نار جهّنم هناك.

لكن الديبلوماسيين الديموقراطيين يؤكدون أن ترامب لن يذهب إلى الآخر في طرحه الهادف إلى الاستيلاء على غزة، لأنه يخاف أن يؤدي ذلك إلى نسف مشروعه الأساسي وهو التطبيع بين اسرائيل والسعودية ودول عربية أخرى.

من هنا سيحسب ترامب ألف حساب لكل خطوة قد يقدم عليها في غزة، فمشروعه في ظاهره نهضوي إلا أنه في الباطن استبدادي، إذ يحرم الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وكأنه يتجنّب المشكلات الأساسية بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ويجنح نحو الصفقات المغرية عبر إعادة الأعمار وخلق فرص العمل.

ويعتبر الديبلوماسيون الديموقراطيون أن اسرائيل أكثر واقعية من ترامب، لأنها تركّز حالياً على القضاء على “حماس” التي ثَبُتَ أنها لا تزال فاعلة ومؤثّرة على الرغم من كل الضربات التي تلقتها. وربما الحل الذي يحب التركيز عليه ومن شأنه المحافظة على الاستقرار هو تعزيز وقف إطلاق النار وديمومته لإطلاق سراح كل الرهائن ثم نزع سلاح “حماس” والانتقال إلى مفاوضات سلام تؤدي إلى تكريس حل الدولتين، وإلا لن يطول الأمر كثيراً قبل أن يتجدّد الصراع.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا