"النصر المطلق هو تدمير حماس وحزب الله وايران".. هذا ما كشفه وزير المالية الاسرائيلي!
سلام ينجح حيث فشل الآخرون.. تغيير الموازين وحفظ التوزان
يمكن القول إن نواف سلام نجح حيث فشل الآخرون. لم يكن لأحد أن يتوقع قدرته على تشكيل حكومة يمكن تسميتها بحكومة تغيير الموازين مع الحفاظ على التوازنات. فموازين المنطقة تغيّرت، في 8 شباط، بعد شهرين على 8 كانون الأول يوم سقوط النظام السوري، أراد نواف سلام لحكومته أن تخرج من كل ما كرّسته الوصاية السورية في تحريف الطائف وتحويره. أرادها أن تخرج لبنان من مرحلة إلى أخرى، تعكس وصلاً مع المشهد الدولي والإقليمي.
على الرغم من الهجمات التي تعرّض لها والضغوط. عبر نواف سلام فوق حواجز كثيرة، فشكّل حكومة يمتلك فيها هو "الأكثرية" وعلى طريقته "الحداثوية" وفق ما يقول الكتاب، بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، ومع رئيس مجلس النواب أيضاً. أعطى سلام الجميع في الحكومة لكنه عملياً لم يعطهم شيئاً، وربما تسمية فادي مكّي الذي حلّ عقدة التوزير الشيعي هي المثال الأبرز. أسقط تجارب سابقة تكرّس فيها منطق الغلبة أو التفوق، وحجب "تكريس سوابق وأعراف". قدّم الرجل نموذجاً جديداً، لإعادة الاعتبار إلى منطق المؤسسات والدستور وموقع رئاسة الحكومة، إذ أقدم على اختراق حصون كثيرة كانت قد شيّدت بدوافع حسابات سياسية.
حكومة بلا ثلث معطل
فالحكومة هي الأولى منذ العام 2008 لا تحتوي على الثلث المعطّل ولا يمكن فيها استخدام ورقة الميثاقية للتعطيل. وهي المرّة الأولى في تاريخ لبنان التي يحصل فيها رئيس الحكومة على أكثرية الوزراء في حكومته، فله فيها بشكل مباشر 8 وزراء، وشارك بتسمية وزراء آخرين، بينما حصل رئيس الجمهورية على 3 وزراء، والثنائي الشيعي عل 4 وزراء، والقوات اللبنانية على 4 وزراء، بالإضافة إلى وزيرين للاشتراكي ووزير للكتائب وآخر للطاشناق.
من يعرف رئيس مجلس النواب نبيه بري جيداً. يعلم أنه لم يكن في وارد تمرير تشكيل الحكومة في الأيام التي تسبق الزيارة المحددة للمبعوثة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس. ومن يعرف نبيه بري جيداً، يعلّم أن الرجل يقرأ التوازنات والمتغيرات ويعلم متى يقدّم التنازل وكيف. ما كان مؤكداً هو ثقة رئيس الحكومة المكلف نواف سلام بأن الثنائي الشيعي سيتخلى عن خيار التمسك بالاسم الشيعي الخامس، لأن الثنائي لا يمتلك خياراً إلا الدخول في الحكومة، ولا مجال بتشكيل حكومة من دونه أيضاً. عندما تمسّك سلام باسم لمياء مبيض للمقعد الشيعي الخامس، لم يكن في وارد التنازل عن خيار تسميته لهذا الوزير لعدم منح الثنائي ورقة "الميثاقية" كما لم يشأ منحه الثلث المعطل. عرف برّي كل هذه التفاصيل، لكنه لم يشأ أن يبيع التنازل لرئيسي الجمهورية والحكومة، بل فضّل التفاوض على هذا التنازل مع الأميركيين مباشرة. تماماً كما كان الحال بالنسبة إلى خيار انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، علم برّي مسبقاً أنه لا بد من هذا الخيار، فاوض السعوديين والأميركيين، وقدّم التخريجة الداخلية على طريقته في النهاية من خلال التفاوض مع عون نفسه يوم جلسة الانتخاب.
لماذا هذا الكلام؟ للقول بوضوح إن ثمة مرحلة جديدة دخلها لبنان، وهذه المرحلة يعلم برّي بتفاصيلها كاملة، ولا بد لها أن تنطوي على متغيرات كثيرة، عنوانها الأساسي هو "السبب في الخلاف على الوزير الشيعي الخامس أو الثلث المعطّل. وذلك لأن لهذه الحكومة مهمة أساسية على مستويات مختلفة وخصوصاً بما يتصل بالوضع في الجنوب أو باتخاذ قرارات إصلاحية، قضائية، وإدارية ستكون قاسية بالنسبة إلى قوى سياسية مختلفة. ولأن الظروف الإقليمية والدولية، وقوة الدفع التي وقفت خلف إنتاج العهد وتشكيل الحكومة، لا تسمح بأي "خلل" أو تعثّر في مسار العمل، وعليه فإن المعادلة كانت واضحة بأن الصراع هو حول هوية الوزير الخامس، ففي حال حصل إشكال أو اشتباك على طاولة مجلس الوزراء وقرر الثنائي الشيعي معارضة أي قرار أو الانسحاب من الحكومة، هل سيكون إلى جانبهما أم أنه سيلتزم بموقف الأكثرية الحكومية؟ وذلك بالتحديد ما ينطبق على وضع الجنوب أو ملفات أخرى.
لا خيارات تتعارض والحكومة
في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى مسألة هامة، فبعد الموقف التصعيدي الذي أطلقته الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، حول حزب الله وعدم مشاركته بالحكومة، أصبح الحزب بحاجة أكثر لتشكيل الحكومة وفق الصيغة التي عمل عليها سلام مع التنازل عن الوزير الخامس. كي لا تتغير المعطيات والظروف ولأنه لن يكون قادراً على عرقلة عملية التشكيل. مسألة أخرى لا بد من ذكرها، أن الوزيرين الذين وافق عليهما حزب الله بناء على اقتراح الرئيس المكلف، وهما يعملان في الجامعة الأميركية، تبلغا برسائل واضحة من جهات معنية بعملهما، هذه الرسائل كانت بغاية الوضوح أنه ليس بإمكانهما تعيين مستشاريهم أو أعضاء فريق عملهم من المحسوبين على حزب الله، أي لا يمكن للحزب أن يساهم في تشكيل فريق عملهم الوزاري، ولا يمكنهما تبني خيارات سياسية تتعارض مع توجهات الحكومة لأن ذلك سيؤثر على عملهما في الجامعة الأميركية. هذه الحسابات أيضاً دفعت كثيرين إلى مراجعة حساباتهم ورفض التوزير.
انتهت معركة تشكيل الحكومة، لتتجه الأنظار إلى معركة أخرى وهي معركة البيان الوزاري، وسط إصرار داخلي وخارجي على عدم ذكر مسألة المقاومة وعلى اعتماد ما ورد في خطاب القسم وفي الدستور اللبناني لجهة الدفاع عن لبنان وحصره بالدولة اللبنانية ما يعني "تطويق حزب الله" سياسياً ومعنوياً بمسألة المقاومة. تطبيق اتفاق وقف النار هو أول الاستحقاقات أمام الحكومة وأهمها، وهذا ما شددت عليه أورتاغوس خلال لقائها بالمسؤولين ولا سيما برئيس مجلس النواب، الذي طالب بالمقابل بضمانة انسحاب الإسرائيليين من جنوب لبنان في 18 شباط، فأكدت هي بالمقابل، أنه على لبنان أن يشكل حكومة ويقوم بواجباته بما يتعلق بتطبيق القرار 1701 وذلك في سبيل توفير ظروف خروج إسرائيل من الجنوب وعدم إعطائها أي ذريعة للبقاء، وأنه يجب التصرف من قبل الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى بجدية كبرى. ستكون الحكومة أمام موجة جديدة من الضغوط ترتبط بملفات كثيرة، أبرزها عسكرياً في جنوب الليطاني، وفي شماله أيضاً، من دون إغفال الملفات السياسية أو القرارات الداخلية الأخرى، وجميعها ستكون عناصر ضاغطة على حزب الله لا سيما بملف إعادة الإعمار، وهو الملف الذي سيكون مرتبطاً بقرارات قاسية على مستوى المؤسسات والإدارة وحتى السلاح. لكنها عملياً حكومة بتوازنات جديدة ومعايير سياسية مختلفة أرادها رئيسها أن تخرج من كل السياقات السابقة، نحو مرحلة جديدة لا تخلو من التحديات والمخاطر.
منير الربيع - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|