وقاحة أورتاغوس... لزوم ما لا يلزم
بدل ان تجعل من كلامها عن كون لبنان اول بلد بأول محطة خارجية لها بعد تسلمها مهامها، يفعل فعله ويلقى الصدى اللازم لمعرفة ان اللعبة تغيرت في الشرق الاوسط، اختارت نائبة الموفد الاميركي الى الشرق الاوسط مارغريت اورتاغوس القصر الجمهوري في بعبدا، للتحدث بوقاحة ما قبلها وقاحة، وبطريقة لا تنمّ عن اي دبلوماسية او معرفة بالتصرف الدبلوماسي من قريب او من بعيد، واخرجت من فمها كلاماً جرح كل لبناني، وايقظ غضباً متّقداً في القلوب لم يكن له من داع.
تملك اورتاغوس كل الحرية بالطبع في الحديث عن حزب الله على انه حزب ارهابي وانه انتهى، فواشنطن تصنف الحزب بهذه الصفة، وليس خفياً انها عملت ولا تزال لتقويضه وتفكيكه. ولكن، ما الذي دهاها للحديث عن رغبة واشنطن او عدم رغبتها في مشاركة الحزب في الحكومة اللبنانية؟ والاهم، اين كان العقل والمنطق عندها عندما تحدثت عن اسرائيل (وهي لا تزال دولة عدو للبنان، ولا تزال نتائج اجرامها تتكلم عن نفسها في بيروت والجنوب والبقاع...)، وشكرتها على انهاء حزب الله؟ حتى جمالها لم يكن باهراً الى درجة يستحق القول: "كوني جميلة واخرسي". اما وقد حصل ما حصل، ولا يمكن التهرب من ان هذه المرأة هي في منصب رسمي، فقد يكون الهدف من كلامها من بعبدا بالذات، احراج لرئيس الجمهورية، وهو للمصادفة، الرئيس نفسه الذي شجع الاميركيون على انتخابه ودعموا رؤيته ومواقفه، فلماذا احراجه بهذه الطريقة؟ وحسناً فعل رئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا حين اصدر بياناً "تبرأ" فيه من هذه التصريحات وأبعد الرئيس عنها.
وما يدفع اكثر الى التساؤل عن سبب هذا الكلام المنفّر هو ان شيئاً لم يتغيّر في الحكومة سوى الشيعي (والذي تم تعيينه لاحقاً بالتوافق)، ما يعني انه حين استفاضت اورتاغوس بالحديث والتهديد بالويل والثبور وعظائم الامور، كانت الاجواء مخالفة تماماً لهذا الموقف، وبقي الشيعة الاربعة في الحكومة، الامر الذي يشير الى ان واشنطن لم يكن لديها ايّ فيتو على ايّ منهم، ولا حتى على الشيعي الخامس الذي كان موضع خلاف، فلماذا القيام بهذه العراضات الفارغة؟ اما اذا كان الهدف ايصال رسالة ان الولايات المتحدة بات لها الكلمة الفصل في لبنان بعد ان كانت دول عدة تتقاسم هذا النفوذ، من بينها ايران، فكان من الاسهل جداً الاستمرار بالحديث كما كان في الآونة الاخيرة، حيث كان واضحاً ان الادارة الاميركية تمسك بزمام الامور، ولا يمكن تمرير شيء من دون موافقتها، والا فإن الثمن سيكون مرتفعاً غالياً جداً، بشكل لا يمكن للبنان ان يتحمله.
بالامس، تم تشكيل الحكومة، وكانت السفارة الاميركية في بيروت اول المهنئين، فما هذا الانفصام؟ ما نفع الكلام الذي صدر عن اورتاغوس اذا كانت الحكومة شبه محسومة ولم يكن هناك سوى تفصيل صغير غير منته، وما الذي تغيّر فيها بعد كلام المسؤولة الاميركية؟ الجواب: لا شيء. ندرك جيداً اننا بتنا في عصر النفوذ الاميركي في لبنان، وان الامور تغيّرت بشكل جذري في المنطقة ككل.
على امل الا يؤدي هذا النفوذ الى نتائج عكسية، فالتجارب السياسية الاميركية مع الدول مزاجيّة، ولا تدعو كثيرا ًالى التفاؤل على غرار ما صدر عن اورتاغوس في بعبدا، ولكن يبقى الامل في ان يكون التغيير نحو الافضل للبنان واللبنانيين وفق ما يستحقون، بعد عقود طويلة من المعاناة والالم والعذاب، وان تصب التطورات المتسارعة في المنطقة لصالحهم ولو لمرة واحدة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|