هل سوريا جاهزة لاستقبال 7 ملايين لاجئ؟
بعيد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول/ديسمبر، بنحو عشرة أيام، صرّح الاتحاد الأوروبي عن تقديراته بعودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو 2025، وكان ذلك التأكيد على لسان ريما جاموس مديرة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقتها تزامن تصريح جاموس، مع تصريحات لقائد العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، والذي أصبح رئيساً انتقالياً للبلاد فيما بعد، أكد فيها أن من أولى أولوياته هي بناء المنازل المهدمة وإعادة المهجرين حتى آخر خيمة، مع اتخاذ قرارات اقتصادية مهمة جداً، وكان ذلك خلال لقاءه مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسون.
الرفاهية مقابل الحاجة
وبالفعل، استقبلت سوريا خلال شهرين من سقوط النظام، أكثر من 200 ألف سوري قادمين من الخارج، وهنا تبرز لعبة الأرقام التي تعجز السلطات المعنية ومراكز الأبحاث في تحديدها، فهل هؤلاء عادوا لمجرد قصد الزيارة ولقاء الأهالي، أم عادوا طواعيةً بشكل نهائي؟ والحقيقة الكامنة خلف الأمر هو أن ليس الجميع عاد للاستقرار النهائي في وطنه مجهول الحاضر.
ملايين السوريين حصلوا على إقامات أو جنسيات أو فرص عمل في أوروبا والخليج وغيرهم، فما الذي يدفعهم ليتركوا حياتهم الجديدة والرهان على بلدٍ بداً يُبنى لتوه؟ كيف سيستبدلون ساعات الكهرباء الممتدة والمواصلات المؤمنة والرفاهية المطلقة باللا شيء المقابل لها في بلدهم؟ لكن الحديث عن المخيمات مختلف جذرياً، كمخيمات لبنان وتركيا والأردن.
خيار التناقض
بحسب عددٍ من موظفي مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، فإنهم لا يدخرون جهداً لإعادة اللاجئين السوريين وتقويم وضع النازحين وفق عدّة معطيات، أولها مساعدة السلطة الحالية على إعادة ترميم كوادرها، خصوصاً العلمية والصحية بعد النزف الهائل الذي طالها، لكن المسألة لا زالت معقدة للغاية، فأكثر اللاجئين الذين اندمجوا في المجتمعات الجديدة ووجدوا فرص عمل ودخلاً مناسباً، لا يريدون العودة، وبعضهم الآخر متخوف من الحالة الأمنية، كما يجدر الانتباه إلى أن المكونات الأقلية بينهم هي الأكثر رفضاً للعودة حتى تتبلور الصورة النهائية لشكل بلادهم.
بلا خدمات
ويرى الصحافي علي عيد رئيس تحرير موقع "Syria indicator"، أنه من الصعب جداً استيعاب عودة حتى نصف عدد الـ7 مليون لاجئ، والسبب الرئيسي هو ظروف سوريا الصعبة على أكثر من صعيد، كالمباني والمساكن المدمرة، والبنية التحتية المتهالكة والتي لا تحتمل عودة مثل هذا العدد مرة واحدة.
شروط العودة الآمنة
من جملة الأسباب التي تدفع لصعوبة العودة، هي العرقلة الكبيرة في وجه عودة آمنة وطوعية ومستدامة، فمثلاً بريطانيا باتت عاجزة اليوم عن قبول طلبات لجوء جديدة لسوريين، لتحذو مع غيرها من الدول باتجاه تقديم مكافآت مالية لمن يرغب بالعودة.
ويقول الخبير في شؤون اللجوء المحامي هاني الخيّر لـ"المدن"، إن "العودة الجماعية ستسبب كوارث اقتصادية لن تتمكن سوريا من تحملها، لذا، فالحل المثالي هو العودة التدريجية للاجئين الراغبين من الخارج".
يمكن هنا الاستدلال كيف شكلت عودة 40 ألف سوري من تركيا في فترة متقاربة، أزمة حدودية وداخلية انعكست على الموارد التي لم تكن تكفي أساساً السكان الموجودين، وفق الخيّر.
ويضيف أن "الملف الأمني المتشابك والمعقد وما تشهده البلاد من انتهاكات وحالات فردية، تؤثر في قرار العائدين، ما لم تتوفر بيئة آمنة كلياً أقلّه على صعيد مناطق التوتر من حمص إلى الساحل مع المنطقة الجنوبية"، موضجا أن ملف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، "يبقى حائلاً أيضاً دون عودة الناس إلى الثلث الجغرافي الذي تسيطر عليه الجماعات الكردية شمال شرق سوريا، ومعه تستحوذ على سلّة سوريا الغذائية والنفطية".
ويضيف الخيّر إلى سبق، "عدم وضع دستور جامع وموحد والتأخر في تشكيل حكومة وحدة وطنية تراعي كافة المكونات مع تعددية سياسية وإعادة تفعيل دور البرلمان والقضاء". معتبراً أن "تلك إشارات إيجابية يجب أن ترسلها الحكومة الجديدة للشعب في الداخل والخارج".
طارق علي - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|