جرأة لاوون 14 ستصنع نهايات التّطرف في العالم.. ومحبّة خاصّة للبنان
لا أمل في النجاة من رسوم ترامب الجمركية... كيف سيحمي الاتحاد الأوروبي مصالحه؟
يتلاشى الأمل لدى دول الاتحاد الأوروبي في النجاة من قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية العقابية على الواردات من السلع الأوروبية، وذلك بعدما أكّد أخيراً أن ذلك سيحدث قريباً جداً من دون تحديد جدول زمني أو المنتجات التي قد تطالها الرسوم. فكيف تستعدّ بروكسيل لاستهداف ترامب؟
عروض وتهديدات
على وقع توقيع ترامب مذكرة رئاسية تحدّد خطته فرض التعرفات الإضافية عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل، أفاد "معهد كيل" للاقتصاد العالمي بأن الصراع التجاري عبر الأطلسي من شأنه أن يؤثر على الاتحاد الأوروبي بشكل أقوى بكثير من تأثيره على الولايات المتحدة. وتشير معلومات بروكسيل إلى أن الاتحاد الأوروبي كان يتوقع أن يكون هناك وقت للمفاوضات قبل نهاية آذار/ مارس المقبل وبعد الانتهاء من التدقيق في العلاقات التجارية عبر الأطلسي، الذي أمر ترامب بإجرائه. لكن قرارات ترامب المتسارعة تؤشر إلى أن الأمور تتحرك بوتيرة أسرع؛ ولهذا السبب يردّ التكتل الأوروبي بالعروض والتهديدات.
حيال ذلك، حثّ المستشار الألماني أولاف شولتس دول التكتل على بذل كلّ الجهود من أجل التوصل إلى أفضل استراتيجية ممكنة للتعامل مع تدابير ترامب الجمركية، وعلى اعتبار أن أوروبا منطقة اقتصادية قوية. كلّ ذلك وسط خشية لدى برلين من تداعيات كارثية على اقتصادها، لأن مئات الآلاف من الوظائف تعتمد على قطاع الصناعة والتجارة الخارجية، إذ تعتبر الولايات المتحدة الشريك التجاري الأهمّ لألمانيا في صناعة السيارات. وتصدّر أوروبا سلعاً إلى الولايات المتحدة بفارق تزيد قيمته عن 160 مليار يورو مقارنة بالسلع التي تُستورد من هناك.
ومع تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن على الولايات المتحدة أن تتوقع إجراءات مضادّة، إذا ما فرضت رسوماً جمركية جديدة على الواردات من الاتحاد الأوروبي، مع تشديدها على أن الفرد يجب أن يحمي مصالحه دائماً، متى وكيفما كان ذلك ضرورياً، رأى مطّلعون أن المفوضية الأوروبية المسؤولة عن السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي ستجدّد عرضها استكشاف إمكان شراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال الأميركي والتكنولوجيا العسكرية والسلع الزراعية، أو ربما خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات الأميركية.
وبين هذا وذاك، سرّبت معلومات عن رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانغه، مفادها بأن بروكسيل مستعدّة لمواجهة صراع تجاريّ محتمل مع واشنطن؛ هذه المرة، مقارنة بفترة ولاية ترامب الأولى، وبأن هناك فريق عمل بتبع للمفوضية يتعامل بجدّية مع توجّهات الإدارة الأميركية لفرض التعرفات المحتملة، بالإضافة إلى قانون جديد ضد التدابير الاقتصادية القسرية الأميركية معدّ ضمن لائحة، مما يُتيح فرضها بسرعة، بينها تعليق براءات الاختراع واستبعاد دول ثالثة من العقود العامة.
الوثوق بالقدرات
ووسط الترقّب للشكل، الذي ستتخذه هذه التعديلات الجمركية المدرجة ضمن أجندة ترامب، ولوقت دخولها حيّز التنفيذ، اعتبر الباحث في الشؤون الاقتصادية إريك شوينمان، في حديث لـ"النهار"، أن على أوروبا أن تعترف وتثق بقدراتها، فالسوق الداخلية الأوروبية مهمّة جداً للشركات الأميركية، والتصدي لترامب قد يكون من خلال فرض قيود على الشركات الرقمية الأميركية الكبرى، وبعدم الرضوخ لانزعاجه من العجز الضخم في التجارة مع الأوروبيين.
وتوظّف الشركات الأوروبية 3.5 ملايين أميركي في الولايات المتحدة، كما أن هناك مليون وظيفة أميركية أخرى تعتمد بشكل مباشر على التجارة من أوروبا. ويخلق المصنعون والمورّدون الألمان 140ألف فرصة عمل في الولايات المتحدة.
ووفق شوينمان، فإن مما لا شكّ فيه أن من المجدي خلق إطار للمفاوضات، ولو كانت صعبة، لحلّ النزاع التجاري بين الطرفين بشكل عملي، لافتاً إلى أن قوة ردّ فعل بروكسيل والتدابير المضادة المحتملة سوف تعتمد هذه المرة على مدى صرامة إجراءات ترامب وتعرفاته الإضافية، التي يُرجّح أن تتراوح ما بين 10 و20 في المئة. وعن السيناريو المتوقّع، رأى شوينمان أن ترامب قد يقدم على إعلان التعرفات الجمركية ويعود ليعلّقها موقتاً كما فعل مع المكسيك وكندا، وذلك بغية فتح باب للتفاوض مع بروكسيل. أمّا الأسوأ فسيكون بداية حرب تجارية طويلة الأمد تنتج منها عواقب كارثية على اقتصاد كلا الطرفين.
مع العلم، أنه عند إعادة فرض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من كندا والمكسيك، وبالرغم من إرجاء تنفيذها لمدة شهر، فإن الصناعات الأوروبية ستتأثر أيضاً. وعلى سبيل المثال، فإن شركات تصنيع السيارات الألمانية التي تنتج في هاتين الدولتين، وتُصدّر إلى الولايات المتحدة، ستكون عرضة لهذه التعرفات، فضلاً عن أن استثمار شركة فولكسفاغن في مصنع للبطاريات في أونتاريو الكندية لن يكون مجدياً لها مع التوجّه إلى رفع التعرفات الجمركية الأميركية على أوتاوا بنسبة 25%.
الجميع خاسر
وعن تبعات فرض التعرفات، أعرب الخبير الاقتصادي يورغ روشول، في حوار مع القناة الثانية الألمانية "زد دي أف"، عن اعتقاده بأنه إذا ما فرضت التعرفات الإضافية فلن يكون هناك رابح، بل خاسرون فقط. ويرى أن "المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة يخشون الإجراءات المضادة، وأن الرسوم الجمركية تشكّل نهجاً خاطئاً تماماً من وجهة نظر اقتصادية، وينبغي بذل كل ما في وسعنا كأوروبيين لمنع استمرار ذلك". وبطبيعة الحال، منطق ترامب هو أن الأميركيين يشعرون بأنهم يتعرضون لمعاملة غير عادلة بسبب وجود عجز تجاريّ مع دول أخرى، وبالنسبة إليه الأمر كلّه يتعلّق بالصفقات، أي إخضاع البلدان الأخرى لتنازلات يمكن أن تساهم في إنعاش اقتصاد بلده، وبالتالي من المهم للغاية أن تظهر أوروبا وحدتها وألا تسمح لنفسها بالانقسام، يضيف روشول.
شادي عاكوم -النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|