المحادثات الأميركية –الروسية في الرياض.. تثبيت للدور السعودي
استضافت الرياض أمس المحادثات الأميركية -الروسية، الممهّدة للقاء القمّة المنتظرة التي ستجمع سيديّ البيت الأبيض دونالد ترامب والكرملين فلاديمير بوتين في المملكة العربية السعودية، التي من المحتمل أن تُعقد قبل نهاية الشهر الحالي بحسب الكرملين، ومن المرتقب أن يكون على جدول أعمالها إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، ورفع العقوبات عن موسكو وإعادتها إلى منظومة المجتمع الدولي ومؤسساته السياسية والاقتصادية. وعقد هذا الاجتماع على مستوى وزيري الخارجية ماركو روبيو وسيرغي لافروف وبحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وكان الأبرز بين الطرفين منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع عام 2022. لكن ما أهمية هذا الإنجاز بالنسبة للسعودية؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ"المركزية" ان "السعودية تسعى منذ مدّة للعب دور الوسيط، وقد لعبت هذا الدور في وقت سابق في أوكرانيا من أجل إطلاق سراح الأسرى. كما أنها فتحت خطوط تواصل بين الدول، فهي تتواصل مع ايران من جهة، ومع الولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، دون الدخول في زواريب مشاكل الشرق والغرب، وبالتالي هناك توجه كي تكون المملكة محايدة الى حدّ ما، دولة مصالحة بين الأفرقاء".
ويضيف: "لم استغرب انعقاد الاجتماع في السعودية، لأن من مصلحة الجهتين الاميركية والروسية أن يكونا في بلد محايد، إذ لا يمكنهما الاجتماع في اوروبا بما أن بوتين مهدد بالاعتقال، حتى لو استثنينا المدن الحيادية التي يجتمع فيها الأفرقاء عادة كفيينا وجنيف، لذلك من الصعب أن يجتمع بوتين وترامب في مكان آخر. كما لا يمكنهما الاجتماع في واشنطن أو موسكو لأن الامر يعني أن أحد الطرفين ذهب باتجاه الآخر وهذا غير وارد لأنهما يريدان للعلاقة ان تبدأ بتعادل. لا يمكن ايجاد بديل عن السعودية بسهولة، ربما الإمارات العربية المتحدة، لكنهما اختارا المملكة".
ويشير طبارة الى "أن الإنجاز الذي حققته السعودية هو تثبيت دورها في المجتمع الدولي كوسيط وكدولة محايدة مشرفة على اتفاقات واجتماعات كبيرة. هذه لوحدها ذات منفعة للسعودية التي تلعب هذا الدور بشكل جيد جداً".
لكن ماذا عن حلّ الصراع الروسي –الاوكراني؟ "ترامب يريد أن يُثبت للعالم أنه رجل سلام، وأمامه صراعان ليبرهن ذلك، اوكرانيا والشرق الاوسط. أهمية الولايات المتحدة أنها أصبحت تشرف مباشرة على عملية السلام، حتى أنها لم تُدخل الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي في المباحثات. ترامب ليس رجل سياسة عادي ولا يفكر كالسياسيين التقليديين، كما أنه معجب بالديكتاتوريات ويفاخر بصداقته مع الرئيس الصيني ومع كيم يونغ اون وبوتين. وقال مرة "يا ليت يمكنني ان أكون كالرئيس الصيني الذي يحكم على مليار و800 مليون نسمة. ولذلك، فإن صداقته مع الديكتاتوريات تسمح له بأن يتنازل بعض الشيء للوصول الى السلام الذي يبتغيه".
ويعتبر طبارة ان "الحل الذي تقترحه واشنطن هو التنازل عن الأراضي، خاصة القرم التي بات التنازل عنها محسوماً. هذه المنطقة كانت لروسيا، وسكانها يتحدثون اللغة الروسية، وأهداها الرئيس نيكيتا خروتشوف، وهو من جورجيا، الى اوكرانيا التي كانت حينها جزءا من الاتحاد السوفياتي. عندما سيطر بوتين على القرم لم تتحرك الولايات المتحدة او حتى اوروبا لمنعه.
لكن المشكلة في شرق اوكرانيا ومنطقة دونيتسك التي يتحدث أبناؤها اللغة الروسية. واعتقد ان روبيو عندما تحدث عن تنازل عن أراضِ قصد شرق اوكرانيا، وهذا ما يزعج زيلينسكي. هذه المنطقة مهمة لروسيا لأنها تُبعِد حلف شمال الاطلسي (الناتو) والغرب عن موسكو، لأن العاصمة الروسية بعيدة عنها مساحة 180 كلم فقط. لذلك أتصور ان التنازل سيحصل في هذه المنطقة وسيؤدي الى خلق مشكلة مع اوروبا، لأن الأخيرة تخشى في حال ربح بوتين المعركة وحصل على الأراضي التي يريدها أن تكون خطوته الثانية باتجاه دول البلطيق، وأن يحاول السيطرة على أراض كانت في السابق من ضمن الاتحاد السوفياتي".
ويؤكد طبارة ان "المناكفات بدأت، لأن اوروبا لا ترتاح لترامب عموماً وفي مسألة اوكرانيا خصوصاً. لكن من دون الولايات المتحدة لا يمكن لأوكرانيا أو لأوروبا أن تحارب لمدة طويلة. اعتقد الحل الذي يقترحه ترامب سيخلق مشكلة لاوروبا. ولهذا بدأت اوروبا منذ فترة بالحديث عن تأسيس جيش دفاع اوروبي بديل عن الناتو الذي يضم الولايات المتحدة".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|