محليات

الحلبي شارك في مؤتمر في الدوحة عن "المسؤولية الدينية": محكومون بالعيش معا متساوين ومتحدين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شارك وزير التربية والتعليم العالي السابق القاضي الدكتور عباس الحلبي في مؤتمر "من الحرية الدينية إلى المسؤولية الدينية: بناء السلام في عالم متصارع"، الذي عقد في فندق "سيتي سنتر روتانا" في العاصمة القطرية الدوحة، من تنظيم "مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان" و"شبكة جيران متعددة الأديان"، وكانت للدكتور الحلبي كلمة في  الجلسة الثانية للمؤتمر، بعنوان "تحديات بناء السلام في مناطق الصراع: لبنان نموذجا"، رأى فيها، أن "السلام حلم البشرية منذ فجر التاريخ، بطله إنسان يريد لغيره ما يطلبه لنفسه، وعدوه إنسان يغلب حق القوة ولا يعترف بقوة الحق. ويتشعب من هذه المفارقة، هناء ووئام وتعاون واستقرار ورقي، وعلى الضفة المقابلة شقاء وخصام وتنازع ودماء وتخلف. السلام ليس في نفسه إشكالية، إنما الإشكالية هي في الإنسان الذي بمستطاعه أن ينعم بالسلام، كما بمقدوره أن يغرق في جحيم الصراعات التي لا تنتهي".

واعتبر إن "قضية السلام هي إذا قضية مفاهيم، قضية ثقافة تتربى عليها الشعوب إنطلاقا من تجارب مجتمعاتها أولا، ومن تجارب الأبعدين لاحقا. ولا مكان للثقافة وللمثقفين في أي مكان من هذا العالم من غير الوعي، وعي الذات بمختلف خلفياتها وأبعادها ووعي الآخر المختلف واحترام الأنا الإنسانية لدى الطرفين"، وقال: "نحن في لبنان نعيش - كما تعلمون - في مجتمع متعدد الأديان والطوائف والمشارب الثقافية. وهذا التنوع يجعل من بلدنا مختبرا إنسانيا للتفاعل الإنساني، ويقدم للعالم نموذجا فذا للتجاذب الإيجابي الذي يتناغم مع حركة الحياة، كما إنه - وللأسف الشديد - يقدم عند اختلال التوازنات الداخلية عينة بشعة من صراع المختلفين الذي يعد نقمة لا نعمة".

وأوضح أنه "في مجتمعنا اللبناني تحديات داخلية لا تتم السيطرة عليها إلا بوعي الجميع من دون استثناء، أننا محكومون بالعيش معا متساوين ومتحدين، والاتحاد مصدر قوة لنا جميعا. وحده نضج الأنا الفردية بهذا المعنى، يقود إلى نضج الأنا الجماعية، فتقوى روح المواطنة وتنطلق من الأسرة، إلى المدرسة، فالجامعة، فالمجتمع، فالعالم بأسره. بهذا الانعتاق من العصبية المرهونة للعشيرة والمنطقة والحي، يخلع الإنسان ذاته القديمة، ويقف تحت شمس الانفتاح منتصب القامة حرا، ليتقبل الآخر المستعد للقائه بكبر. ومن هذه الروحية الراقية المسالمة، تتعزز القناعة لدى المواطن، أن منطق القوة المستبدة لا يحل مشاكل المجتمع، فتتسع تلقائيا ميادين التعاون والتشارك والاحتكام إلى القانون. وبمثل هذه الثقافة التي لا تقوم على الوعظ بمقدار ما تقوم على استخلاص العبر من تجارب الماضي، تترسخ قيم السلام، ولا يعود التنوع في المجتمع سوى مصدر ثراء إنساني رائع".

اضاف: "لعل الطائفية في لبنان، هي أبرز التحديات التي تقف حائلا دون ترسيخ السلم الأهلي المستدام، ومن أعراضها الولاء المطلق للطائفة قبل الوطن والدولة، وتعاطي السياسيين الشأن العام إنطلاقا من تحالفاتهم الخارجية، وتسخير العمل السياسي في خدمة جماعة مذهبية واحدة. هذه الطائفية، كانت وما زالت، السبب المباشر في إشعال النزاعات المتكررة، وفي تعطيل العمل الحكومي، وفي تغييب مفهوم الدولة والمؤسسات، وفي تنمية الشعور الأقلوي عند كل طائفة بأنها مستضعفة، وبأن عليها الاتكال على دولة عظمى لتأمين ديمومتها وثباتها وسلطتها. ولعل الدكتور سمير خلف أصاب في مؤلفه "لبنان في مدار العنف" حين تحدث عن سمات ثلاث مترابطة، طبعت تاريخ لبنان الاجتماعي-السياسي، وتمثلت بالتدخل الأجنبي وبيقظة الحس الكامن بالهوية وبتصعيد العنف المادي، وكذلك الدكتور جورج قرم في مؤلفه "تعدد الأديان وأنظمة الحكم" إذ اعتبر أن الفتى اللبناني يصعب عليه أن يجد بديلا على الصعيد الأيديولوجي والاجتماعي معا لغير انتمائه الطائفي".

وتابع: "من ينظر إلى الواقع اللبناني عن كثب، يلاحظ في أحيان كثيرة أن الشعب بمكوناته الطائفية المتنوعة، سبق السياسيين إلى الوحدة الوطنية المعيوشة في السكن والمتاجرة والمصاهرة أحيانا، إلا أن المصالح التي يتلطى بها بعض رجال السياسة، تعزف على أوتار الانقسام، وتعيد الناس إلى دوامة الصراعات، قالبة الأمور رأسا على عقب. معنى هذا أن الذات الجماعية، لم تبلغ بعد من النضج مبلغا مطمئنا، وأن السلام لا يصير نهج حياة وطنية في ظل الدعوات إلى التفرقة. من هنا كانت المبادرات الحوارية التي تحصن السلم الأهلي وتعزز الترابط الاجتماعي وتمد جسور التواصل عبر القيم الإيمانية المشتركة، إحدى وسائل التصدي الحضاري الراقي لكل ما يباعد ويزرع الفتن في لبنان. وهذا ما لحظناه في وزارة التربية في الحكومة السابقة، وقد أضفنا عند إقرار تطوير المناهج، مادة جديدة هي مادة "الثقافة الدينية" المضيئة على جذور الأديان وعلى كنوزها الروحية. وهذه المادة هي قيد الإعداد  في المركز التربوي للبحوث والإنماء، بمعية أكاديميين وباحثين في علوم الأديان وفي التربية وفي العلاقات الإسلامية – المسيحية".

واشار الى انه "من جملة التحديات التي تعيق ترسيخ السلم الأهلي في لبنان إلى اليوم، أن الأنا الجماعية، لم تبلغ بعد نضجها المرتجى. وهذا النضج لا يصبح حقيقة، إلا حين تعترف كل مكونات النسيج المجتمعي اللبناني أن في تاريخها، إلى جانب صفحاته المشرقة، عيوبا وأخطاء وخطايا ووصمات مشينة، وأن هذه حال الجماعات البشرية في كل زمان ومكان. يصبح النضج حقيقة حين نكتب تاريخنا بكل ما فيه من مفاخر وخيبات، ونعترف بها من غير تبجح أو خجل. حين تقر كل "أنا" بعيوبها علانية، فهذا يعني أنها تغتسل من أدران الماضي وتعلن عزمها على ملاقاة الآخر بشجاعة وانفتاح. شرط السلام إذا، هو في اعتراف الجميع بطي الصفحات السود  من دون التنكر لها، وانطلاق الأسرة المتنوعة في عيش تسوده قيم حقيقية، لا شعارات لفظية. وللأمانة نقول، إن هذه الشجاعة ما تزال في لبنان مجازفة صعبة التحقق، لكن الرجاء معقود على الأجيال الناشئة في بناء السلام، حجرا حجرا بالوعي والانفتاح والشجاعة. جيلنا أخفق في خوض هذه التجربة ورجائي ألا يخفق الشباب اللبناني".


وختم معتبرا ان "السلام أيها الأحباء بطولة على الذات أولا، وسنسعى دائما لنكون بهذا المعنى أبطالا. وما دام هناك نساء ورجال يعتقدون بهذا اللون من البطولة، فلا خوف على السلام في لبنان والعالم. عشتم وعاش لبنان وعاشت قطر وعاش صناع السلام ورسله".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا