عيون تل أبيب على بيروت... هذا ما تخطط له إسرائيل عقب انتهاء التشييع
ماكرون الثلاثاء في البيت الأبيض... والملف اللبناني على طاولة البحث
الولايات المتحدة الأميركية، التي نشأت عام 1776 مع جورج واشنطن كأول رئيس، تأسست على أنها دولة مناقضة للإمبراطوريات الأوروبية، خاصة الإمبراطورية الفرنسية والإمبراطورية البريطانية. ولكن في عهد الرئيس دونالد ترامب، عادت لتأخذ طابع الإمبراطورية، وعلى رأسها الإمبراطور دونالد ترامب، رجل الأعمال ومطور العقارات. فالشعب الأميركي الطيب والحضاري والمثقف اختار رئيسًا له تاجر عقارات.
كما قال رئيس دولة البرازيل لولا دا سيلفا: "دونالد ترامب يظن نفسه إمبراطورًا على الولايات المتحدة الأميركية والعالم، ومكلفًا من قوى إلهية بحكم العالم". وكان أحد مستشاري ترامب في عهده الأول قد كتب كتابًا ذكر فيه أن ترامب معجب كثيرًا بقوة هتلر وبوتين.
بعد ثلاث سنوات من الاعتداء الروسي على أوكرانيا، بحجة أن الرئيس بوتين، الذي يحكم روسيا بيد من حديد منذ أكثر من 27 سنة متتالية، لا يريد انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي، ها هو دونالد ترامب يصف الرئيس الأوكراني بالدكتاتور وبالمهرج الفاشل، ويقول اليوم إن أوكرانيا هي المعتدية على روسيا، وإن زيلينسكي يحظى بتأييد 4% فقط من الشعب الأوكراني (فيما آخر استطلاع رأي ألماني جدي منذ شهر يظهر أن زيلينسكي يحظى بدعم 63% من الشعب الأوكراني). ويرجع ذلك إلى غضب ترامب من زيلينسكي، الذي رفض في آخر لحظة استبدال الثروات الطبيعية الأوكرانية بسلاح أميركي، رغم ضغوط نائب الرئيس الأميركي ووزير الخزانة. ويسعى ترامب إلى عقد اتفاقية سلام بين واشنطن وموسكو مباشرة وفرضها على أوكرانيا دون استشارة كييف والأوروبيين، الذين دعموا كييف منذ ثلاث سنوات بأكثر من 120 مليار دولار بين أسلحة ومواد إغاثية، فيما دعمت واشنطن كييف بـ98 مليار دولار من الأسلحة.
إذا افترضنا أن الرئيس بوتين لا يريد انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي بسبب الحدود الروسية الأوكرانية، التي تمتد على طول 1500 كم كما يقول بوتين، فماذا عن فنلندا، التي تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي، وحدودها مع روسيا تمتد على طول 1400 كم؟ ماذا أيضًا عن دول البلطيق الثلاث، التي تنتمي إلى الناتو وتشترك في حدود طويلة جدًا مع روسيا؟ يتساءل مرجع سياسي فرنسي كبير عما إذا كان الإمبراطور ترامب والقيصر بوتين يريدان تقاسم النفوذ في أوروبا، كما يتساءل عن الدعم الكبير لإيلون ماسك، المستشار الأول لترامب، لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، خاصة الـ AfD الألماني، الذي يحمل الكثير من الأفكار النازية، وإذا كان السبب أيديولوجيًا أم أن هناك مخططًا لافتعال أزمات سياسية واقتصادية داخل ألمانيا وأوروبا، أو ربما أزمة أوروبية أوروبية تستنزف القارة سياسيًا واقتصاديًا.
بعد التعجرف الذي أبداه الرئيس ترامب تجاه أوكرانيا وأوروبا، والذهاب مباشرة للتفاوض مع بوتين على مستقبل كييف دون حتى مشاركة زيلينسكي، وربما التفاوض على القارة العجوز، بالإضافة إلى قراره إعادة فتح السفارات في واشنطن وموسكو، بدأ قادة الدول الأوروبية، بمن فيهم بريطانيا، التحرك جديًا نحو بناء نوع من الاستقلالية العسكرية تجاه واشنطن. فميزانية الدفاع للاتحاد الأوروبي تبلغ أكثر من 370 مليار دولار، وهو ما يشكل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وقررت مؤخرًا الدول الكبرى الأوروبية رفع النسبة إلى 3.5%، لتصبح ميزانية الدفاع الأوروبية 520 مليار دولار. وبما أن الاتحاد الأوروبي يعاني من صعوبات اقتصادية حاليًا، فإنه يدرس احتمال استدانة 150 مليار دولار من الأسواق المالية لاستثمارها أيضًا في التسلح الأوروبي، خاصة في الطائرات الحربية من الجيل السادس، والمسيرات الهجومية المتطورة جدًا، ونظام متطور جدًا من الصواريخ المضادة للصواريخ، وفي الذكاء الاصطناعي العسكري. كما تعمل فرنسا على بناء حاملتي طائرات نووية جديدة، إضافة إلى حاملة الطائرات Charles de Gaulle، وثلاث غواصات نووية جديدة، ودبابات Leclerc من الجيل الخامس. أما ميزانية الدفاع الأميركية فتبلغ 850 مليار دولار، فيما بلغت الميزانية الدفاعية الروسية عام 2024 نحو 84 مليار دولار.
لا ينقص أوروبا لا سلاح ولا جيوش ولا تكنولوجيا، حيث تمتلك فرنسا أكثر من 1000 رأس نووي، وبريطانيا 500 رأس نووي، بل ما تحتاج إليه هو موقف سياسي موحد لإنشاء جيش واحد يمكن أن يضاهي وربما يتفوق على جيوش الإمبراطوريات في العالم. كما يجب أن يتحول الاتحاد الأوروبي من كونفدرالية إلى فدرالية، ليستطيع البقاء والتأثير على مجريات الأمور في العالم. الاتحاد الأوروبي زائد بريطانيا يعتبران الحرب على أوكرانيا حربًا وجودية لأوروبا، في ظل وجود رئيس روسي له أطماع توسعية ويريد السيطرة على القارة العجوز، خاصة الجزء الشرقي منها، وربما تقاسم الجزء الغربي مع واشنطن بالسياسة والاقتصاد.
ومن هنا، يزور ماكرون، باسم الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ترامب الثلاثاء في واشنطن، للطلب منه عدم التخلي عن سيادة كييف وإشراك أوروبا في المفاوضات حول وقف الحرب الروسية على أوكرانيا، على أن تدور المفاوضات حول انسحاب روسيا من شبه جزيرة القرم والأراضي التي احتلتها في شرق أوكرانيا، وانتشار 30 ألف جندي فرنسي وبريطاني وإسباني وهولندي في أوكرانيا، بدعم من الطيران الحربي الأوروبي، مثل Rafale الفرنسية، وMirage 2000 الفرنسية، وEurofighter البريطانية، وطائرات AWACS. وصرح ماكرون على منصة X أنه سيقول لترامب: "لا تكن ضعيفًا أمام بوتين، وإلا ستكون ضعيفًا أيضًا أمام الرئيس الصيني شي جين بينغ"، كما سيؤكد على ضرورة عدم رفع العقوبات الاقتصادية والمالية عن موسكو، لأنها وسيلة قوية لإنهاك الاقتصاد الروسي وبالتالي إنهاء الحرب.
كما وبناءً على طلب من الرئيس جوزيف عون، سيطلب ويصر ماكرون على ترامب الضغط على إسرائيل للانسحاب الكامل من لبنان، ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية لتطبيق القرار 1701، كي يفرض الجيش اللبناني كامل سيطرته جنوب وشمال الليطاني، وبناء استقرار طويل المدى في لبنان وبين لبنان والعدو الاسرائيلي، لأن، بحسب الرئيس عون وماكرون، لن يقبل أي لبناني بقاء جندي واحد على أرض الجنوب.
يبدو أن الرئيس ترامب يرسم نظامًا عالميًا جديدًا، كون الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة على وجه الأرض في جميع المجالات، باستثناء السلاح النووي، حيث تمتلك روسيا أكبر ترسانة نووية.
ما يحصل في العالم حاليًا خطر جدًا، فإذا اعترف ترامب بالأراضي التي احتلتها روسيا في أوكرانيا على أنها أصبحت روسية، فلا شيء سيمنع أي دولة كبيرة من الاستيلاء على أراضي دولة مجاورة ضعيفة، وقد يبدأ ذلك في تايوان. وإذا تجاهل ترامب الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في المفاوضات بشأن الحل النهائي بين موسكو وكييف، وأكمل سياسته بتهميش أوروبا عسكريًا وسياسيًا، فسيدفع ذلك، على الأكيد، إلى تغييرات كبيرة ومهمة في البنية السياسية والعسكرية لأوروبا على المدى المتوسط والطويل. وإذا أصبحت أوروبا اتحادًا عظيمًا، فستكون واشنطن أول وأكبر الخاسرين، وذلك دون ذكر المواجهة المنتظرة بين واشنطن والعملاق الصيني، والتي ستكون صعبة جدًا على الولايات المتحدة الأميركية.
شربل الأشقر - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|