النفط يرتفع وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أميركية على إيران
هل COVID مسؤول عن زيادة الإصابات بالجلطات والذبحات القلبيّة والسكتات الدماغيّة؟
شهدت الساحة الطبية والبحثية في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً، لا سيما في ما يتعلق بظاهرة الموت المفاجئ بين الشباب، حيث ارتفع عدد الحالات الموثقة التي يُصاب بها هؤلاء بالجلطات القلبية أو السكتات الدماغية دون سابق إنذار. هذا الموضوع أصبح مثار جدل عالمي، وبخاصة في لبنان، حيث تكثفت النقاشات حول احتمال وجود علاقة بين هذه الظواهر ولقاحات كوفيد-19 ، التي تم توزيعها على نطاق واسع في فترة الجائحة.
لا شك أن هذه الجلطات والمشكلات الصحية قد أثارت الحيرة والتشويش في البلاد، ولكن ما يثير القلق بشكل أكبر هو التكهنات والادعاءات، التي تشير إلى أن اللقاحات قد تكون السبب المباشر وراء هذه الحوادث المفاجئة، رغم أن هذه المزاعم تظل غير موثوقة طبياً، وتفتقر إلى الأدلة القاطعة.
من خلال فتح هذا الملف المعقد الأسبوع المنصرم، الذي تناول موضوع الموت المفاجئ، تلقت "الديار" العديد من التعليقات التي تعبر عن الهاجس الشعبي حول الرابط بين اللقاحات وهذه الحوادث الصحية الاستثنائية، حيث تساءل الكثيرون عن السبب وراء ارتفاع حالات الوفاة الغريبة بين الشباب الذين تم تلقيحهم، خصوصاً في لبنان، حيث تسببت الجائحة في تداعيات صحية واقتصادية كبيرة.
في ضوء هذه القضية الشائكة، أصبح الحديث عن اللقاحات محط اهتمام غير مسبوق في ظل عدم اليقين الطبي المحيط بتداعيات الجائحة. البعض يراها أداة إنقاذ للبشرية، بينما يعتبرها آخرون سبباً في معاناة غير مفهومة. بينما تواصل الدراسات العلمية المتخصصة فحص الآثار الجانبية المحتملة للقاحات. ويبقى السؤال الأهم: كيف نتعامل مع هذه الادعاءات؟ هل هي مجرد إشاعات عابرة أم أن لها أساساً علمياً يستدعي الانتباه؟
ومن هذا المنطلق، سلط رئيس قسم أمراض القلب في مستشفى رزق البروفيسور جورج غانم الضوء على النقاط الرئيسية التي يجب أن يفهمها الناس حول هذا الجدل، وبذلك عرض الحقائق الطبية والعلمية المتعلقة بهذا الموضوع، ليبين لهم الفرق بين القلق المبالغ فيه، والمعلومات الصحيحة والموثوقة.
الطعوم حدت من انتشار الوباء!
يوضح البروفيسور غانم أنه لا بد من تسليط الضوء على نقطة هامة يجب أن ينتبه إليها الناس، لأنها قد تُنسى أحيانا، وبالتالي ينبغي أن نضع أنفسنا في الصورة التي كنا فيها أثناء عامي 2020 و2021، عندما كان وباء كوفيد-19 في أوجّه، ناهيكم عن الرعب الذي عاشته جميع المجتمعات حول العالم، حيث أغلقت دول ومدن بكاملها إثر هذه الجائحة، وكان الناس يلتزمون المنازل في حالة من الذعر، بل وصل الأمر إلى أن الفرد بات يتجنب الاحتكاك بالآخرين أو حتى المصافحة.
ويكشف ان "ما عشناه في المستشفيات كان مروعاً ،وسيبقى حاضرا في ذاكرة الطواقم الطبية، والصور لا تزال في أذهاننا وكأنها جزء من الحروب العالمية. كنا نرى المرضى مكتظين في الممرات، حتى خارج أقسام الطوارئ تحت الشتاء القارس، حيث كنا نضع مدافئ للمصابين حتى نستطيع استيعاب أكبر عدد ممكن منهم".
وطالب بعدم نسيان كل هذه الأمور، بالإضافة إلى الأشخاص الذين فقدناهم. حيث ان كل شخص فقد أحداً من أفراد عائلته أو أقاربه أو أصدقائه بسبب كورونا. لذا، من المفترض أن لا نعيد اليوم النقاش حول إذا كان اللقاح جيدا أم لا، لأن اللقاحات كانت فعّالة بشكل كبير في مواجهة هذا الوباء، وساهمت في احتوائه بسرعة هائلة، مشيرا الى انه لو لا الطب وهذه اللقاحات، لكان عدد الضحايا مهولا، مقارنةً بمن توفوا جراء هذا الفيروس".
ويضيف "من هنا، لا ينبغي مقارنة الكوفيد بلقاح كورونا، لأن كوفيد-19 كان مرضا خطرا جدا ، وكان هو بحد ذاته يقتل، لأن هذا الفيروس كان يُؤذي ويُلحق الضرر برئة الإنسان حتى يتوقف الأوكسجين عن الوصول إليها، مما يُعيق عملية التنفس، بل كان يؤثر في الجهاز الدوري المسؤول عن نقل الدم والأوكسجين والمواد المغذية في الجسم عبر شبكة الأوعية الدموية، التي تشمل الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية. في المقابل، يجب أن نعلم أن جدار الشرايين ليس كما يتصوره البعض، حيث يظنونه مجرد أنبوب فارغ بلا وظيفة، بل هو بنية حيوية نشطة تنفذ العديد من الوظائف المهمة في الجسم، فهو يفرز هرمونات ومواد قد تكون نافعة أو ضارة، وأي خلل في عمله قد يؤدي الى إفراز مواد سامة تسبب التجلط أو نقص الأوكسجين أو تصلب الشرايين، مما ينتج منه "الإسكيميا"، أي نقص التروية الدموية في جزء من الجسم، وهو ما يعوق وصول الأوكسجين والمواد المغذية اللازمة لخلايا الأنسجة".
كورونا سبب غير مباشر للموت المفاجئ!
ويشرح مفصلًا "لدينا اليوم العديد من النظريات التي نعلمها لطلابنا، وكان من أبرز أسباب الجلطات التي كانت تُعتبر العامل الرئيسي منذ زمن بعيد، هو تراكم الكوليسترول على جدران الشرايين، مما يؤدي تدريجيا إلى انسدادها. وفي مرحلة لاحقة، قد يتسبب تكوّن جلطة دموية في هذا التراكم، الذي ينجم عنه انسداد الشريان بشكل نهائي. اليوم، حتى في ظل عدم وجود مشكلات بالكوليسترول أو انسداد الشرايين، تعلمنا من جائحة كوفيد أن الالتهابات الشديدة، وبخاصة الفيروسات مثل كوفيد-19، يمكن أن تخلق مشكلة تؤدي إلى الإصابة بالجلطات والذبحات القلبية والدماغية، حتى في غياب مشاكل سابقة في الشرايين. لذلك، لا تعد معظم الجلطات والذبحات القلبية والدماغية نتيجة كوفيد فحسب".
الطعم قلّص تفشي الجائحة!
ويتابع "بالعودة إلى مسألة اللقاح، فقد أنقذ الإنسانية وخلصها من هذا الوباء، وساهم في تمكين الأفراد والمجتمعات من الحصول على المناعة. ومع مرور الوقت، توسعت دائرة المناعة المجتمعية لأن اللقاح تم تلقيه على مراحل، مما ساعد في تقليل انتشار الفيروس، وخلق شبكة حماية حدّت من امتداده وخففت من قوته كما كان الحال في بداية ظهوره، فأصبح يشبه فيروس الرشح".
وينوّه إلى أن "اللقاح مثل أي دواء، وبخاصة أنه لقاح معقد وجديد، تم ابتكاره بطريقة عبقرية ومبتكرة، لكن من المؤكد أن له آثارا جانبية، ورغم أن هذه التبعات قد تكون صحيحة، إلا أنه لا توجد حالات متنوعة في العالم تم توثيقها علميا بشكل قاطع. لكن من الواضح أن العالم الطبي لاحظ زيادة في أنواع الجلطات الدماغية أو الذبحات القلبية أو مشاكل الشرايين بعد حملات التطعيم. ورغم ذلك، أؤكد أنه لا يمكن مقارنة نسبة المشكلات والجلطات التي شهدناها بمرض كوفيد".
ويختم البروفسورغانم حديثه قائلاً: "مع مرور الوقت، يمكن للطب من خلال الدراسات والحالات أن يؤكد أو ينفي هذه الأمور، التي لا تزال مبنية على الملاحظات وليست على الأبحاث العلمية. وفي النهاية، يبقى كوفيد أزمة حقيقية أسفرت عن العديد من الوفيات، وولّدت اعراضاً صحية في الشرايين والجلطات، لذا فإن اللقاحات تحمينا من هذه الأمراض، رغم أن هناك احتمالا ضئيلا لوجود علاقة بينها وبين حدوثها".
ندى عبد الرزاق - "الديار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|