محليات

حطِّموا هواتفكم التي "تختفون" بواسطتها عن الناس فالهرب من شِيَم الفاسد الخائف...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كما في كل انطلاقة لأي مرحلة سياسية جديدة، أو ولاية رئاسية جديدة، يتحدث الجميع في لبنان منذ مدة عن نهج جديد، وذهنية جديدة، فيما لم نلحظ أي شيء ضمن هذا الإطار حتى الساعة، سوى على صعيد التمنّيات.

 جولة "مدنية"

طبعاً، نحن لا نستعجل المراحل، ولا نقول إن التغيير يجب أن يحصل بـ "كبسة زرّ". ولكننا نرغب بأن نلاحظ ولو بعض التغيير البسيط، على الأقلّ، كإشارة أولى الى أن المستقبل سيكون واعداً بالفعل.

نذكر في هذا الإطار العاصفة "آدم" كمثل، وكمادّة كان يمكن الاستفادة منها لإظهار نهج جديد، وذهنية جديدة، لسلطة جديدة. وهنا لا نتحدث عن سياسة، ولا عن اقتصاد أو مال، ولا عن عسكر وأمن، بل عن جولة "مدنية" كان يمكن لأي مسؤول "رسميّ" أن يقوم بها على عدد من مدارس لبنان، لا سيّما في المناطق الجغرافيّة المهمّشة إجمالاً، بهدف الاستطلاع على الأقلّ.

والاستطلاع الذي نتحدث عنه هنا، نعني به الاطلاع على ما في العديد من المدارس من وسائل تدفئة مُستدامة، سواء في غرف التدريس، أو غرف الأساتذة، وما إذا كانت الملاعب والأماكن المفتوحة مُجهّزة لطقس قطبي ممطر أو غير ممطر، ولو بحدّ أدنى، أم لا، تمهيداً لرفع تقارير بهذا الشأن يُعمَل عليها قريباً.

بشر...

فالتعلُّم ليس ذهاباً الى المدرسة فقط، ولا هو تدفئة ساعة واحدة أو نصف ساعة من أصل 7 ساعات تدريس في اليوم. والتعلُّم ليس تجميعاً للطلاب في ملاعب أو مساحات مفتوحة خلال وقت الراحة، ومن دون أي اعتبار لما يعاني منه الكثير من الأولاد والطلاب من الفئات العمرية كافة عند الانتقال من الصفّ الى الملعب، وبالعكس، في حالات البرد القصوى.

التعلُّم هو وعي بأن المعلّم والمتعلّم والإدارة وديناميكية الصفوف...، تقوم على بشر أولاً وأخيراً، وليس مجرّد سنة دراسية تبدأ في أيلول مثلاً، وتنتهي في حزيران.

والتعلُّم هو إدراك بأن هناك إنساناً يعلّم، وآخر يتعلّم، وآخر يسيّر حُسْن سير اليوم المدرسي.

ليسوا رقماً

طبعاً، نحن لا نطالب بالمستحيل، ولكن بنهج جديد يبدأ من المواضيع والملفات الصغيرة، والصغيرة جداً ربما، وتلك التي قد لا تكون ملحوظة بنسبة كبيرة في العادة.

فلبنان ليس جبهة على الحدود فقط، تتطلّب زيارات وجولات بريّة أو جوية. ولبنان ليس أمناً واقتصاداً ومالاً وسياسة، وسياحة... حصراً، بل هو بشر. والبشر لديهم حاجات، وأحاسيس، ومشاعر، وهم ليسوا رقماً أو وجهة نظر ليُترَك مصير أجسادهم ومدى شعورهم بالبرد أو الحرّ، رهينة لقرار إداري مدرسي، يقرّر ما إذا كان هذا اليوم أو ذاك يوم إقفال بسبب الطقس، أم لا، وذلك من دون أي استطلاع رسمي مباشر حول مدى صوابية القرار، ومن دون اطّلاع على نِسَب التدفئة في هذه المدرسة أو تلك، ومدى القدرة على تنعّم الأساتذة والطلاب بها بشكل مُستدام.

حطّموا الجدران

مع احترامنا الشديد للجميع، فلبنان ليس رئاسات، ولا حكومات، ولا بيانات وزارية، ولا جلسات منح ثقة. مع احترامنا الشديد للجميع، ولكننا نطالبكم بأن تنزلوا الى الطُّرُق، والشوارع، والأزقّة. انزلوا الى الأرض، واستطلعوا كل شيء فيها بالمباشر والملموس. انزلوا من أبراجكم العاجية، وحطّموا جدران الفصل العنصري التي بنيتموها بينكم وبين الناس، والتي من بينها هواتفكم الخلوية التي تجعلونها منصّات "تختفوا" بها عنهم (الناس) إما بواسطة المساعدين أو الناطقين بأسمائكم، أو بعدم الإجابة على أي اتّصال أو رسالة... فهذه سلوكيات مُعيبة جداً، لكونها من الإشارات الأساسية للمسؤول والشخص الفاسد والخائف والمُحتاج للهرب الدائم من الناس. فتخلّوا عنها للبَدْء بانطلاقة جديدة.

تواضعوا

اخرجوا من هواتفكم، من مكاتبكم، وانزلوا الى الطُّرُق... تعلّموا التواضع، واسعوا لجعل رائحتكم من تعب أضعف الناس، وأوجاعهم، وهمومهم، وهواجسهم. فالحياة هي بشر، والبشر كتلة من الأشياء الملموسة والمتحرّكة، التي لا يمكن تدبير شؤونها بالاجتماعات الدولية فقط، ولا برسم السياسات الكبرى داخل الغرف المغلقة، حصراً.

اخرجوا الى الناس، الى الأرض، ودرّبوا عقولكم وأذهانكم على حقيقة أن السلطة خدمة، وعلى واقع أنه لولا الضريبة التي يدفعها أضعف الناس، لما كنتم تقبضون رواتبكم.

وفّروا "البهدلة"

وهذا نقوله في بلد مثل لبنان بقوة، حيث يدفع اللبناني الضّعيف ضريبة مقابل خدمات شحيحة وضعيفة جداً، وخدمات "اللا شيء" في كثير من الأحيان، فيتنعّم المسؤول من عرق جبين الضّعيف، مجاناً، ومن دون أن يتعب في توفير البديل. وهذا قمة في العَيْب.

تخلّوا عن زمن الزعماء الذين يكثرون من الكلام، ومن الضحك على الناس. فالعصور تغيّرت، والوعي ازداد كثيراً. وما كان بإمكانكم الكذب بواسطته قبل 20 عاماً مثلاً، بات مكشوفاً أكثر اليوم، وفي كل يوم. فوفّروا "بهدلة" على ذواتكم، وانطلقوا في نهج حقيقي جديد، وذهنية جديدة.

حطّموا جدران الفصل العنصري القائمة بينكم وبين الناس. حطّموا هواتفكم، ألواحكم الإلكترونية، جدران هربكم من الناس. ولا تخدعوا أنفسكم بأن قوّتكم تكمن بتعزيز الذكاء الاصطناعي. فليس هناك أي جدوى لكل ما تقومون به، إن لم يَكُن لخدمة الذكاء الطبيعي الكائن في كل إنسان. فاحترموا الواقع، ولا تهربوا، فالهرب من شِيَم الضّعفاء.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا