دروز سوريا بين مشروع الوحدة مع الدولة أو التقسيم... خيار جنبلاط كسر المحور الإيراني ووحدة الطائفة
ما حصل في مدينة جرمانا في ريف دمشق السبت الفائت كان يمكن أن يمر على خير لولا... حادث بسيط.. حاجز أمني، توتر متصاعد، ثم رصاصة مجهولة المصدر.. لحظات كانت كافية لتحويل شوارع جرمانا إلى ساحة مواجهة بين قوات الأمن السوري ومسلحين، والنتيجة؟ قتيل وتسعة جرحى. وما هي إلا ساعات حتى تصاعدت الأحداث، وهاجم مسلحون مقر الشرطة في المدينة!
مع تصاعد التوتر، ظهر اسم "جرمانا" على رادارات تل أبيب بشكل غير مسبوق، وأصدر بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بيانا عالي السقف وفيه: "لن نسمح للنظام الإرهابي للإسلام المتطرف في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز.. إذا أساء النظام إلى الدروز فسوف نؤذيه" وأعطيا الأمر للجيش الإسرائيلي بالاستعداد للهجوم على القوات السورية "التي تتعرض لهجوم من قبل نظام الرئيس أبو محمد الجولاني " " بحسب وصفهما.
"توترات" تحصل يوميا في مدن سورية وتنطفئ. لكن يبدو أن الأحداث بدأت تأخذ منحى يؤشر إلى تغييرات داخل النظام السوري الجديد وتحديدا الأقليات كما ظهر مع دروز جرمانا مما استوجب تدخل الرئيس السابق للحزب الإشتراكي وليد جنبلاط الذي أعلن أنه"سيذهب إلى دمشق للتأكيد على مرجعية الشام"، وقال: "المشروع كبير وسيجرون بعض من ضعفاء النفوس إلى حروب أهلية لست أدري كيف ستنتهي".
وردا على البيان الذي أصدره وجهاء ومشايخ مدينة جرمانا وأعلنوا فيه إدانتهم الاعتداء على عناصر الأمن العام، كما طالبوا بمحاسبة المعتدين أكد جنبلاط أن الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف "لا يمثلهم وهو مدعوم من القوى الصهيونية".
وبعد ساعات جاء الرد من رئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب عبر حسابه على "اكس": "إسمح لي أن أقول لك أن الشام مرجعيتك وحدك، أما الدروز فمرجعهم الله والحدود الخمسة، والشيخ موفق الطريف يمثل عددا كبيرا من الموحدين وهذه هي مشكلتك، ولا أحد من الموحدين في سوريا يريد حرباً أهلية أو "كانتون".
الكاتب والمحلل الجيوسياسي جورج أبو صعب يوضح أن ما يحصل في سوريا عموما وجرمانا والسويداء خصوصا هو من تجليات الصراع القائم في المنطقة بين مشروعي التطبيع والتقسيم. في المشروع الأول تدير إدارة الرئيس دونالد ترامب اللعبة على قاعدة العصا والجزرة لإجبار السلطة الجديدة في سوريا على الدخول في السلام مع إسرائيل. في المقابل هناك مشروع التقسيم الذي تقوده إسرائيل بدعم أميركي على خلفية دعم ما يسمى بتحالف الأقليات".
ويضيف"حاليا هناك معادلة جديدة .فإذا فشل مشروع التطبيع نذهب إلى التقسيم، وبين هذا وذاك يلعب الخليجيون دورا في مناهضة مشروع التقسيم في سوريا مع العلم أن لا مشكلة لديهم في التطبيع .لكن أكثر ما يهمهم هو مواجهة الخطر الإسرائيلي الذي يركز في مشروعه باللعب على وتر الأقليات خصوصا ان مشهد التقسيم جاهز في سوريا" .
على خط موازٍ يطرح المشهد داخل الطائفة الدرزية في لبنان أسئلة عن مصير ما ستؤول إليه الأمور خشية من أن تؤدي التطورات الحاصلة في جرمانا بانقسامات درزية على الساحة اللبنانية وهي بالفعل بدأت تخرج إلى العلن من خلال رد وئام وهاب العنيف على الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وفي السياق يشير أبو صعب إلى أن" الساحة الدرزية اليوم في حالة أزمة وتتأرجح بين محورين: إما الإنضمام إلى مشروع الدولة السورية التي سيزورها وليد جنبلاط ليؤكد على مرجعية السلطة الشرعية السورية في مواجهة سوريا-الأسد التي لا يزال يصر وئام وهاب على مرجعيتها لزعزعة استقرار النظام انطلاقا من معادلات معروفة.
ويلفت إلى المفارقة التي تظهّرت في المواقف الدرزية "فالزعيم الدرزي وليد جنبلاط يدعم المشروع العربي الذي يفترض أن يدعمه جميع السوريين الدروز. في ما يشجع وهاب على التسلح والميليشياوية الدرزية، أي بمعنى آخر الذهاب إلى مخطط نتنياهو الذي يقضي بتقسيم سوريا".
في ما خص دروز سوريا يوضح أبو صعب أنهم" يعيشون اليوم مرحلة السباق مع الوقت. من جهة هناك مشروع الوحدة والدخول في مشروع الدولة، وهناك مشروع التقسيم الذي تقوده إسرائيل. ومعلوم أن الطائفة الدرزية في سوريا تعطي الأولوية لإسرائيل لضمان أمنها وحمايتها وهذا ما يؤجج الصراع بين رئيس الطائفة في سوريا وبين جنبلاط من جهة والأخير ووهاب من جهة أخرى" .
إلام ستفضي الأمور؟ "الواضح أن سوريا وبعد سقوط نظام الأسد توغلت داخل الأراضي السورية سواء في الجولان وجزء من منطقة القنيطرة والسويداء. وهذا ما أسقط حتما اتفاقية فك الإشتباك بين إسرائيل وسوريا الموقعة في 31 أيارعام 1974 وباتت لديها الحجة لزعزعة وحدة سوريا وأمنها. من هنا يصعب توقع ما سيحصل بشكل دقيق. لكن ثمة أمران يمكن الركون إليهما: إن قطار الدولة السورية يسير على السكة الصحيحة وبات رئيس السلطة أحمد الشرع معترف به عربيا وخليجيا ودوليا . أما أزلام النظام السابق فلن ينجحوا في خربطة الأوراق في ظل التقارب الأميركي -الروسي وستمنع روسيا من إعادة شد عصب سوريا الأسد. والأمر الثاني استعادة العرب للمبادرة في المنطقة سواء في سوريا وغزة ولبنان .
وفي ما خص الساحة الدرزية يختم ابو صعب جازما "أن كل الإحتمالات مفتوحة لكن المؤكد أنه لن تسقط نقطة دم درزية. وخيار العروبة الذي يقوده وليد جنبلاط قادر سيكسر المحور الإيراني مما يعني سقوط مشروع سوريا-الأسد" .
المركزية - جوانا فرحات
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|