تفاهمات لم تُترجم بعد في لبنان
كل المؤشرات السياسية تؤكد حصول تفاهمات كبيرة حول لبنان، تقضي بضرورة سلوك طريق التعافي بعد وصول الوضع إلى حالة غير مسبوقة من الانهيار.
وللتفاهمات جذور داخلية وتغطية خارجية، ساعدت في الوصول اليها مجموعة من العناصر المؤثرة، ومنها حاجة القوى الكبرى للاستقرار في المنطقة، في ضوء تنامي الطلب على النفط والغاز، وبسبب تعب الفرقاء اللبنانيين من الضناء الذي قاسوه طيلة فترة حكم الرئيس السابق ميشال عون، فكان التعامل معه ومع فريق عمله بغاية الصعوبة، حتى على حلفائه الذين أوصلوه بقوة التعطيل إلى سدة الرئاسة.
تشير المعلومات إلى أن حزب الله تعب من التعايش مع الوضع القائم، وهو لم يعد بإمكانه ضبط جمهوره، او تأمين مقومات العيش لغالبية هذا الجمهور، بينما يعاني الحزب من شبه حصار خارجي، ولم يعد يتمتع بحرية الحركة التي كانت معطاة له في المرحلة السابقة، وهو قبل بالصفقة التي حصلت على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بناء لطلب خارجي، وانطلاقا من الحاجة إلى موارد مالية قد توفرها الثروة الغازية، وتستفيد منها البيئة الحاضنة له على وجه الخصوص، وهو ما أكده الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عندما قال: بدنا ناكل عنب.. ما بدنا نقتل الناطور.
وبعض العنتريات التي تناولت الموقف من انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا تخرج عن الأجواء القائمة، لكن للحزب اعتبارات خاصة تتعلق بخارطة التحالفات الداخلية تفرض عليه التروي قبل اتخاذ القرارات الحاسمة.
والعامل الرئيسي الذي يؤخر ترجمة التسوية حول الملف الرئاسي، وبالتالي الشروع في الخطوات التي تؤدي إلى الانفراج، هو استحالة تعاون حزب الله مع حزب القوات اللبنانية، والحزب لن يترك حاله من دون حليف مسيحي وازن، وبالتالي فإنه يخضع للابتزاز السياسي الذي يمارسه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولا يريد حسم اسم مرشحه للرئاسة، ولا الشروع في إطلاق حوار جدي بهدف الوصول إلى اتفاق مع القوى الأخرى حول اسم لا يكون محسوبا عليه، ولكن لا يناصبه العداء في آن واحد.
تتأخر عملية ترجمة التفاهمات من دون مبررات كافية، وبعض الأطراف المحلية تحاول استيفاء الثمن من خلال فاتورة محاصصة تضمن لها نفوذا مستقبليا، من دون أن تتطلع إلى صعوبة الأوضاع او إلى حاجة الناس للخلاص من الكبوة المعيشية القاتلة.
وهؤلاء اعتادوا تسويق الأفكار المغلوطة، ظنا منهم أن الحسابات الطائفية، او تسويق المعلومات المغلوطة عبر الميديا المتفلتة قد يمحيان لهم ذنوبهم، او أنهما يبرران لهم فعلتهم مهما كانت نتائجها قاسية على الدولة.
مباحثات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في القمة العربية في الجزائر، وفي قمة المناخ في شرم الشيخ، أكدت على انتظار أشقاء لبنان وأصدقائه لخطوات الانفراج الموعودة على المستوى المحلي، ومنها سرعة إنهاء ملف الشغور الرئاسي وتأليف حكومة تعبر على الإرادة النيابية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة.
وبعد ذلك يبدأ الشروع في خطة التعافي، بعد أن يكون المجلس النيابي قد أقر قانون «الكابيتال كونترول» برغم العرقلات الواضحة التي يواجهها هذا القانون في اللجان النيابية، وآخرها الموقف غير المبرر الذي اتخذه نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب ضد نائب حاكم مصرف لبنان الكسندر ماراديان، بحجة عدم حضور الحاكم، مما أدى إلى انفراط عقد الجلسة، وبالتالي حصول تأخير إضافي للبت بالقانون.
ينتظر الرأي العام اللبناني، كما أصدقاء لبنان، بفارغ الصبر ترجمة التفاهمات الحاصلة بسرعة أكبر، والمعطيات تؤكد أن الذين يراهنون على عامل الوقت لتغيير المعادلة لصالحهم، لن يحصدوا النجاح، ولن يتمكن رئيس التيار الوطني الحر من إعادة فرض نفسه مرشحا رئاسيا مهما طال الزمن، بل على العكس من ذلك، فهو سيكون الخاسر الأكبر في أي من السيناريوهات المطروحة.
الأنباء الكويتية ـ ناصر زيدان
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|