التقسيم... سلاح سرّي لتذويب "سايكس - بيكو" ولإطلاق "دولة الخلافة" من سوريا؟...
إذا كانت الدولة وسلطتها المركزية في أي بلد تُبرم اتفاقاً من هنا، ووثيقة تفاهم من هناك، مع هذا المكوّن المحلّي أو ذاك، الطائفي أو العرقي... أفلا يمكن اعتبار ذلك "رحلة" نحو الاعتراف الرسمي بالتقسيم، في مكان ما؟
تقسيم...
بالنّظر الى سوريا، والى الأوراق الموقَّعَة والاتفاقات المُبرَمَة بين الإدارة السورية الانتقالية الجديدة، والأكراد، والدروز، يمكن لأي كان أن يستنشق روائح التقسيم تفوح من الأرض السورية بشكل لا يزال "خجولاً" نوعاً ما، حتى الساعة.
وإذا توسّع اعتماد هذا الأسلوب لضبط العلاقة بين العلويين والحكم السوري الجديد مستقبلاً، أو غيرهم من باقي المكونات السورية، فستكون النتيجة أن التقسيم سلك دربه هناك، بصورة اتفاقيات تتحدث عن دمج مؤسسات وموارد، وجهود أمنية، وتُكثِر من تأكيد رفض تفتيت البلاد، فيما يؤكد الواقع الملموس أنه لولا الرغبة والتسليم به (التقسيم)، فلما كانت هناك أي حاجة أصلاً للتوقيع على مثل تلك الاتفاقيات، التي تجعل الوضع شبيهاً بما يمكن القول عنه إن دولة دمشق تُبرم اتّفاقاً مع الدولة الكردية، أو الدرزية، أو العلوية... في الشمال أو الجنوب أو الساحل السوري... وهي اتفاقات موقّعَة بالتراضي المشروط، التي لا ضمانات تؤكد عدم إمكانية خرقها أبداً في المستقبل.
حاجة للجميع؟
في أي حال، قد يكون التقسيم أكثر ما يرغب الحكم السوري الجديد به، باطنياً. فهو حكم "أخواني" في مكان ما، أي حكم لا يعترف بالحدود بالشكل التي أصبحت عليه بعد سقوط الخلافة، وتفكُّك السلطنة العثمانية، ونشوء الدول الإسلامية بالطريقة التي أنتجتها اتفاقية "سايكس - بيكو".
وقد يشكل التقسيم الآن، فرصة لهذا الحكم (السوري الجديد)، تمهّد له العمل التدريجي على تذويب الأمر الواقع الذي أحدثه "سايكس - بيكو"، وذلك قبل الانتقال نحو حدود جديدة، وفق قواعد جديدة للعالم الإسلامي عموماً، في المستقبل. وهو ما يعني أن التقسيم قد يكون أكثر ما تلتقي عليه وتتقاطع حوله الأكثريات والأقليات السورية، في الوقت الحالي.
مُقلِق...
أكد مصدر واسع الاطلاع أن "الواقع السوري الحالي مُقلِق، وهو يوفّر كل أسباب التوجّس والخوف المرتبطة بوصول "هيئة تحرير الشام" الى الحكم، انطلاقاً من تركيبة سوريا البشرية والإثنية والدينية المتعددة".
وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أنه "يحقّ للسوريين أن يفعلوا ما يريدونه في بلدهم، وهذا شأن داخلي لهم طبعاً. ولكن توقيع اتّفاق من هنا أو من هناك، قد لا يؤكد بالضرورة أن التفاهم حصل بشكل نهائي، وسط أحاديث عن إمكانية إنشاء كردستان أخرى في سوريا، وعن نوع من استقلالية معيّنة للمنطقة الدرزية من ضمن الجغرافيا السورية الواحدة، أو عن نوع من فيديرالية أو لامركزية موسّعة في سوريا. وهذه التسويات تتوقف على مدى الاتفاقات التي يمكن أن تحصل بشأنها".
تقاسُم جديد؟
وأشار المصدر الى أن "تقسيم سوريا خطير. ولكن نجاحه يحتاج الى عرّاب كبير جداً، أكبر من تركيا وإسرائيل".
وختم:"شرذمة سوريا هي هدف ومكسب لإسرائيل التي تعمل على تحقيق ذلك منذ زمن بعيد. ولكن القوى والبلدان الكبرى قد ترغب باضطرابات أقلّ، وقد لا تستحسن الدخول بمثل تلك المشاريع، إلا في حالة حصول نوع من تقاسم دولي جديد. ولكن ذلك ليس واضحاً حتى الساعة، وسط الصراعات الكبيرة على الأرض السورية بين إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإيران والإمارات والسعودية. فهذه الدول تشترك كلّها بما يحصل في سوريا، فيما نتائج أدوارها النهائية لم تتّضح بعد".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|