تحضيرات أميركية لإطلاق المفاوضات بين لبنان وإسرائيل
يبدو واضحا ان المعركة الديبلوماسية التي يخوضها لبنان الرسمي بهدف استكمال انسحاب إسرائيل من المواقع الخمسة الحدودية التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان بالإضافة الى التفاوض غير المباشر مع إسرائيل لترسيم الحدود البرية معها، تقترب من مرحلة دقيقة وشاقة في ظل معطيات تشير الى تصلب إسرائيل حيال انسحابها فيما لبنان ليس في وارد تجاوز أي اطار خارج التفاوض لإنجاز الانسحاب الاسرائيلي فقط. ومع ذلك تبرز جدية أميركية في التمهيد لرعاية مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني حول الملفات الثلاثة التي سبق لواشنطن ان أعلنتها قبل أيام وهي اطلاق الاسرى واستكمال الانسحاب الإسرائيلي وتسوية النزاع الحدودي البري. وهي ملفات ستشكل لها ثلاثة مجموعات (لجان) للتفاوض لم يتم الاتفاق بعد نهائيا مع لبنان وإسرائيل عليها ولكنها طرحت من حيث المبدأ التفاوضي ولم يعارضها الفريقان.
وبرزت في اطار الرعاية الأميركية لهذه المحاولة الجديدة التي يرجح ان تبدأ الشهر المقبل جولة قام بها امس وفد رفيع المستوى من السفارة الأميركية في بيروت على الحدود اللبنانية مع إسرائيل في القطاع الشرقي، يرافقه قائد اللواء السابع في الجيش اللبناني العميد طوني فارس حيث اطلع الوفد على الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في البلدات الحدودية، كما اطلع على حجم الدمار الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في معظم البلدات في القطاع.
ولكن الجولة تزامنت على المقلب الإسرائيليّ مع اعلان وزير الدفاع الإسرائيليّ يسرائيل كاتس، أنّ الجيش الإسرائيليّ سيبقى في خمسة مواقع في جنوب لبنان “إلى أجل غير مسمى”، لحماية سكان الشمال، بغض النظر عن المفاوضات المتعلقة بالنقاط الثلاث عشرة المتنازع عليها على الحدود. وطلب من الجيش الإسرائيليّ تحصين مواقعه في النقاط الاستراتيجية الخمس والاستعداد للبقاء هناك لفترة طويلة.
في أي حال لم يغب الواقع الجنوبي عن ايحاءات الذكرى العشرين لانتفاضة 14آذار السيادية ولو ان أي احتفال احياء للذكرى لم ينظم. وفي السياق التقى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون امس الرئيس ميشال سليمان الذي قال: “جاءت الزيارة اليوم بمناسبة 14 آذار، تاريخ ثورة الاستقلال عندما كان الجيش متلاحما مع الشعب في سبيل التعبير عن رأيه والحصول على الاستقلال مجددا. هذه هي المعادلة المفيدة التي تخلص البلد اي الجيش والشعب لان الجيش اللبناني هو جيش المواطن وليس جيش النظام، وقد تمكن من عدم الوقوع في الربيع الدموي الذي حصل في باقي الدول العربية لان تعامله كان مع المواطن وليس مع النظام”. أضاف:”في نفس الوقت، تم تعيين القادة الأمنيين ولا سيما في قيادة الجيش التي هي صمام الأمان في لبنان وفخامة الرئيس يعرف اكثر من غيره كيف يختار الضباط.. اما في ما خص التعيينات الأخرى، فيتم التحضير لآلية تعيينات لاتباعها في سبيل اختيار الأشخاص، الا ان النقاش حول الإصلاح وإعادة الاعمار هو كالنقاش حول من اتى قبل البيضة او الدجاجة. لربما علينا القول ان إعادة الاعمار ضرورية والدولة تعترف بالامر، والإصلاح أيضا اكثر من ضروري. لكن ان نقول ان لا اصلاح من دون اعمار فهذا خطأ كبير بحق الوطن، لان الإصلاح يأتي بالاموال عدا عن الهبات التي يمكن ان تأتي نتيجته، وهو بحد ذاته يشجع على الاستثمار ويحيي البلد”.
وفي الملف الجنوبي أيضاً أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري “ان لبنان لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف ومهما بلغت الضغوط التخلي عن أي شبر من أرضه أو ذرة من ترابه أو حق من حقوقه السيادية وسيلجأ الى كل الوسائل المتاحة لحماية هذه الحقوق وصونها وتحرير ما تبقى من أرضنا من الإحتلال الإسرائيلي”. وقال خلال إستقباله وفداً من الهيئة الإدارية الجديدة لجمعية التخصص والتوجيه العلمي “أن حفظ لبنان من حفظ الجنوب، وحفظه هو مسؤولية وطنية جامعة ويجب أن تكون نقطة إجماع ووحدة وليس نقطة إفتراق. صدقوني إذا كنا موحدين نستطيع تجاوز أي تحد يمكن أن يواجه لبنان ، بالوحدة إنتصرنا وبالإنقسام والتشرذم عانى لبنان ما عاناه من ويلات ومخاطر هددت وطننا بأساس وجوده، واليوم أكثر من أي وقت مضى الجميع مدعو الى ترسيخ مناخات الوحدة وإستحضار كل العناوين التي تقرّب بين اللبنانيين والإبتعاد عن كل ما يباعد بينهم. وأمل بري “أن يتم التوافق على إعتماد آلية موحدة لإنجاز التعيينات الإدارية وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة وهذا ما نأمل التوصل اليه في القريب العاجل”.
وبرز امس انعقاد لقاء سياسي موسّع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة الميناء للبحث في التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الاحداث الجارية في سوريا على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان. وشارك فيه رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة،والسيدة بهية الحريري ونواب ووزراء سابقون وشخصيات روحية .وصدر عن المجتمعين بيان اشار الى ان” الاجتماع بحث في مخاطر وأبعاد ما جرى في منطقة الساحل السوري وتداعياته على منطقة الشمال اللبناني ومناطق أخرى من لبنان. واستنكر المجتمعون وادانوا أشدّ الإدانة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق وقرى الساحل السوري، وما ادت اليه من تجاوزات يجب ضبطها فورا. واثنوا على توجّهات الحكومة السورية واجراءاتها، مع التشديد على جمع واحتضان مختلف مكونات سوريا الوطنية، والحفاظ على وحدة وكامل التراب السوري، والعمل على استتباب الامن واحلال الأمان وبسط سلطة الدولة السورية الحصرية والكاملة على كل أراضيها ومرافقها. كما ثمنوا اعلان الحكومة السورية العمل على انجاز التحقيق المستقل في ما جرى ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والعزل واتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع هكذا أعمال إجرامية مشينة وحماية المدنيين من كل اطياف الشعب السوري وتوجهاته، وتسهيل عودة النازحين، بعد ان سقط مفهوم اللجوء المعرّف باعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب او لا يستطيع العودة الى بلاده، وهذا يعني انه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي. وتوجه المجتمعون إلى الأشقاء السوريين، والى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورط من جديد في مواجهات أهلية عنفية، ودعوا الدولة اللبنانية الى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية الى متابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سوريا.واذ رفضوا فرض التطبيع، شددوا على وجوب الاهتمام امنيا بطرابلس.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|