الحدود السورية اللبنانية.. ممر مفتوح لتصدير واستيراد الأزمات
تشهد الحدود السورية اللبنانية توترًا كبيرًا مع استمرار المواجهات المسلحة بين عناصر من ميليشيا حزب الله وقوات الجيش السوري؛ ما جعل من هذه الحدود ممرًا مفتوحًا لتصدير واستيراد الأزمات منذ سقوط نظام الأسد.
وفي تطور لافت اليوم الأحد، أصدر الرئيس اللبناني توجيهاته للجيش اللبناني بالرد على مصادر النيران القادمة من الأراضي السورية، وفيما أعلنت وزارة الدفاع السورية أن قواتها بدأت الدخول باتجاه نقاط تسيطر عليها ميليشيات حزب الله، إذ تعود تبعية هذه المناطق للأراضي السورية.إعادة صياغة
وقال محللون إن خسارة إيران وميليشيا حزب الله لنفوذهما في سوريا بعد سقوط نظام الأسد رفعت من حجم التوترات على الحدود السورية اللبنانية، وزاد من هذه التوترات استمرار محاولات الطرفين استعادة نفوذهما.
وأكدوا أن نزوح الثقل السكاني الموالي لميليشيا حزب الله، سواء من علويين أو شيعة، في مدن وبلدات داخل سوريا أو على الحدود المشتركة مع لبنان، كان سببًا في زيادة المواجهات في الأيام الأخيرة بين قوات الجيش السوري والحزب.
وكانت بداية الفصل الراهن من التأزم الطائفي في شمال لبنان، مطلع الأسبوع الماضي، عندما شهدت الحدود مع سوريا موجة كبيرة من نزوح عائلات الطائفة العلوية هربًا من الصدام الدامي الذي شهدته مدن وقرى الساحل السوري.
يشار إلى أن مدينة طرابلس تضم بين سكانها حيًّا مأهولًا بأغلبية علوية، هو جبل محسن، يتجاور مباشرة مع حي باب التبانة المأهول بأغلبية سنية. وقد تعرض فتى يتحدر من إدلب السورية في تلك المنطقة للطعن والضرب؛ ما أدى إلى احتقان الشارع وكاد أن يشعل فتيل المواجهات الطائفية.
وقد اتُّخذت خطوات أمنية وسياسية لاحتواء الأزمة، وتم تتويجها ببيان وطني يجيب عن شبكة من الأسئلة العلنية والمكتومة التي تتصل بالوضع الداخلي، وأيضًا بالعلاقات المفترضة بين لبنان وسوريا.
في قراءته لحجم الأزمة التي صنعها النزوح السوري الجديد إلى لبنان، ينطلق أستاذ الاقتصاد السياسي الدكتور ناهض شحوري من حقيقة أن العلاقات بين سوريا ولبنان مبنية على حدود غير مرسّمة، ولذلك تتراكم فيها الأزمات لتنتهي اليوم بالعودة إلى نقطة الصفر.
وأشار، في حديثه مع "إرم نيوز"، إلى أن المطلب الأول الذي تحدث عنه وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي في ختام مؤتمر "الجوار السوري"، الذي انعقد في العاصمة الأردنية، هو مطالبة النظام السوري الجديد بترسيم الحدود.
ويستذكر الدكتور شحوري أن عدد النازحين السوريين في لبنان يزيد عن مليوني شخص، معظمهم هاجروا إلى لبنان في فترة ما سُمّي بالربيع العربي، والتي شهدت حربًا أهلية قتلت وشردت الملايين.
وبتقديره، فإن النزوح السوري الجديد سيؤدي إلى تداعيات معقدة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والإنسانية في لبنان، مضيفًا أن لبنان يعاني أصلًا من أزمة اقتصادية ومالية ذات طابع كابوسي لا يحتمل المزيد؛ ما يعني أن أعباء اللجوء السوري ستكون ثقيلة على البنية الأساسية للدولة، كما ستؤدي إلى ضغط مضاعف على الأسواق اللبنانية، بما في ذلك سوق العمل، بسبب منافسة النازحين السوريين للبنانيين على وظائف منخفضة الأجر.
ومن جهته، يقرأ الباحث السياسي مروان عبد الحليم الأزمة التي أنتجها اللجوء العلوي الكثيف إلى لبنان من زاوية علاقتها بحزب الله.
وبتقديره، فإن حزب الله، بالصورة التي خرج بها من الحرب مع إسرائيل، يعيش الآن لحظة حرجة مع استحقاقات نزع سلاحه، والخشية أن تتحول مشكلة اللجوء العلوي إلى لبنان إلى "القشة التي قصمت ظهر البعير"، حسب وصفه.
ويستذكر المحلل عبد الحليم أن رعاية حزب الله للعشائر الشيعية التي تتنقل عبر الحدود المشتركة مع سوريا، وضعته في مرمى التهمة بأنه المستفيد الأول من شبكات تهريب السلاح والمخدرات في تلك المناطق.
وقال إن حزب الله أُدرج مؤخرًا ضمن الجهات التي وُجهت إليها اتهامات بدعم التمرد الدامي الذي حصل في الساحل السوري؛ ما يعني أن رعايته المذهبية للاجئين العلويين إلى لبنان ستوسع دوائر استهدافه داخل تركيبة الدولة اللبنانية. وأي انفلات أمني يكون العلويون جزءًا منه – كما حصل في مدينة طرابلس، المحسوبة معقلًا للسنة – سيفرض على حزب الله مواجهات لم يكن جاهزًا لها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|